التفريق بين الفعلين (نفد) و (نفذ)
كثيرون لا يفرِّقون بين الفعلين: نَفِدَ (ويعني: فَنِي، وانتهى)، ونَفَذَ (ويعني: اجتاز، وخرج)، ويظهر هذا من خلال الكثير مما يقال أو يُكتب.
- التصنيفات: اللغة العربية -
كثيرون لا يفرِّقون بين الفعلين: نَفِدَ (ويعني: فَنِي، وانتهى)، ونَفَذَ (ويعني: اجتاز، وخرج)، ويظهر هذا من خلال الكثير مما يقال أو يُكتب.
وغالب الخطأ يقع في استخدام الفعل "نَفَذَ" حين يُستخدم بمعنى الانتهاء؛ حيث إن الكثيرين يغفُلون عن استخدام الفعل "نَفِدَ" عند التعبير عن الانتهاء والانقضاء، مع أن الفعل قد ورد في القرآن الكريم الذي جعله الله معجزةَ هذه الأمة، ونحن نتلوه ونستعذِبه ونسمعه ونتأثر به، قال الله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96].
أي: إن ما عندكم - أيها الناس - من المال واللذات والنعيم ينقضي وينتهي ولو كان كثيرًا، وما عند الله من الجزاء باقٍ.
وقال عز وجل: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا } [الكهف: 109].
أي: قل - أيها الرسول -: إن كلمات ربي كثيرة، فلو كان البحر حِبْرًا لها تُكتَب به، لانتهى ماء البحر قبل أن تنتهي كلماته سبحانه، ولو أتينا ببحور أخرى لنفدت أيضًا.
قال الزجاج: "معناه: ما انقَطَعَتْ، ولا فَنِيَتْ".
وعن الفعل (نَفَذَ) قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرحمن: 33].
يقول الله يوم القيامة إذا جمع الجن والإنس: يا معشر الجن والإنس، إن استطعتم أن تجدوا لكم مخرجًا من ناحية من نواحي السموات والأرض، فافعلوا، ولن تستطيعوا أن تفعلوا ذلك إلا بقوة وبينة، وأنَّى لكم ذلك؟
وبالعودة إلى معاجم اللغة، ولعل أشهرها "لسان العرب"، نجدها تقول: "نَفِدَ الشيءُ نَفَدًا، ونَفادًا: فَنِيَ، وذهَب. وأَنْفَدَ القومُ: إِذا نَفِدَ زادُهم، أَو نَفِدَتْ أَموالُهم؛ قال ابن هرمة:
أَغَرُّ كَمِثْلِ البَدْرِ يَسْتَمْطِرُ النَّدَى ♦♦♦ ويَهْتَزُّ مُرْتاحًا إِذا هو أَنْفَدَا" اهـ.
وأما النَّفاذ، فهو: الجواز، وفي المحكم: "جوازُ الشيء والخلوصُ منه. تقول: نَفَذْتُ؛ أَي: جُزْتُ، وقد نَفَذَ يَنْفُذُ نَفَاذًا ونُفُوذًا، ورجل نافِذٌ في أَمره، ونَفُوذٌ ونَفَّاذٌ: ماضٍ في جميع أموره" اهـ.
ومنه النافذة التي يجتاز منها الهواء، والضياء.
ومن الاستخدامات الخاطئة للفعل (نَفَذَ) التي نراها كثيرًا - قولهم: "العرض سارٍ حتى نفاذ الكمية"، وهذا خطأ؛ لأن "نفاذ" هنا يقصد بها الانتهاء، والصواب أن يقال: نفاد.
وكذا قولهم: نفذ صبري، بمعنى: انتهى. وقِس على هذا.
ولعل ما ذُكر يُصوِّب تصورنا عن هذين الفعلين؛ فنسعى إلى استخدام كل منهما الاستخدام الصحيح، ونعمل على نشر هذا في أوساط الناس.
• التفسير من: المختصر في تفسير القرآن الكريم.
______________________________________________
المصدر: شبكة الألوكة
المؤلف: ماجد محمد الوبيران