وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ

أحمد قوشتي عبد الرحيم

وإذا كان الخليل قد خاف على نفسه وبنيه من عبادة الأصنام وقال { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} فمن يأمن على نفسه ،لا سيما إن علمت أن للأصنام صورا مختلفة وأشكالا متعددة

  • التصنيفات: التوحيد وأنواعه -

{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ }

الخليل إبراهيم عليه السلام : هو إمام الحنفاء ، وقدوة الموحدين ، وأبو الأنبياء ، الذي وفى بكل ما أمره الله به{وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}  وأتم كلمات الله التي ابتلاه بها ( {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} ) وكان أمة وحده ( { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} ) وجعله الله إماما ( {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } ) وجعل في ذريته النبوة والكتاب ، ( { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } ) وأمر نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن معه باتباع ملته ( { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} )

وإبراهيم عليه السلام هو الذي كسر الأصنام ( { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا } ) وجاد بنفسه للنيران فصيرها الله بردا وسلاما ( {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} ) وبنى الكعبة بيت الله ، وطهره ، وامتثل أمر ربه في ذبح ولده البكر الوحيد وصدق الرؤيا ، وهاجر إلى ربه ( { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي } ) واعتزل أباه وقومه وما يعبدون من دون الله ( {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ) وتبرأ منهم ومما يشركون ، وضرب أعظم الأسوة في هذا الباب ( {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } ) وجعل كلمة التوحيد باقية في عقبه ( {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } )

ومع هذا كله فلك أن تعجب من دعوة الخليل عليه السلام ( { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} )

وإذا كان الخليل قد خاف على نفسه وبنيه من عبادة الأصنام وقال ( { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} ) فمن يأمن على نفسه ،لا سيما إن علمت أن للأصنام صورا مختلفة وأشكالا متعددة ، وقد قال إبراهيم التيمي رحمه الله " من يأمن البلاء بعد إبراهيم "

فاللهم إنا نعوذ بك من الشرك كله ، ظاهره وباطنه ، وكبيره وصغيره ، ونعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ، ونستغفرك لما لا نعلمه .