بعيدا عن السياسة
أكثر الذين انتكسوا عن الحق لم يكونوا أصلا عليه في باطنهم ولكنه وافق هواهم في يوم فاتبعوه ولما تغير الهوى تركوه
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بقلم/ ماهر جعوان
بعيدا عن السياسة وهي لب السياسيين، وبعيدا عن الخلاف والاختلاف وهى أصول الاتفاق، بعيدا عن الوطن وهي قضية الوطنيين، بعيدا عن الأحزاب وهي دواء الحزبيين، يقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله:(أهل الحق يذكرون ما لهم وما عليهم، وأهل الباطل يذكرون ما لهم ولا يذكرون ما عليهم) إنها قضية الصدق مع الذات في السر والعلن إنها قضية الضمير والشعوب الحية هي ضمائر الأوطان, قضية تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة, وإنكار الأنا, وتقويم الاعوجاج ومراجعة الأفكار والأخطاء حسبة لله.
قال ﷺ: «الندمُ توبَةٌ» [صحيح الجامع]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هي الصِّدقُ)
إنها مسألة النجاة من الوباء والبلاء
سئل الجنيد رحمه الله: بم نعرف أن البلاء نزل غضباً، أو كفارة ذنوب، أم رفع درجات قال: بحسب ما تكون حين تلقي البلاء: إن تلقيته بغضب، فهو غضب وإن تلقيته بالتوبة والاستغفار، فهو كفارة وإن تلقيته بالرضا بقضاء الله، فهو رفع درجات.
يقول ابن الجوزي: قد تتأخر العقوبة وتأتي في آخر العمر فيا طول التعثر مع كبر السن لذنوبٍ كانت في الشباب.
إنها مسألة دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة ودفع الضرر عن الوطن أشد وأولى
يقول سعيدِ بن جُبيرٍ رضي الله عنه:(كل يوم يعيش فيه المسلم فهو غنيمة). غنيمة بالعدل لشخصه وأهله ووطنه ودينه, في التفكير والاعتقاد، في المبادئ والأخلاق والأمانات
نريد أن نتجنب أخطاء الجاهلية والجهلاء ولا نكررها حفاظا على إيماننا وأوطاننا
قال ﷺ:«انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره» [ البخاري] . وليس الانتصار للعرف أو الحزب أو القبيلة كما كان الجاهلي يتغنى أنا بن قبيلتي أفعل ما يفعلون ولو كان غَيَّاً.
فلا أحد فوق النقد وكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم ﷺ فالحق أحق أن يتبع ولكن من العدل والإنصاف ألا نساوي بين الجاني والمجني عليه حتى لا نرتد على أعقابنا خاسرين الدنيا والآخرة مع مراعاة الضوابط الشرعية والواقعية المجتمعية.
كل منا مُطالب أن يثبت لنفسه أولا أنه متبع للحق لا لغيره وكما يقول الشيخ الطريفي: (أكثر الذين انتكسوا عن الحق لم يكونوا أصلا عليه في باطنهم ولكنه وافق هواهم في يوم فاتبعوه ولما تغير الهوى تركوه).
وما كان الحق أوضح منه في يومٍ من الأيام مثلما هو الآن، ومَن اختلف فيه مع هذا الوضوح لو نزل عليه المسيخ الدجال غدًا، ربما لا يُفرِّق بينه وبين المسيح عيسى عليه السلام.
وما بين خلع ثوب الذل وارتداء ثوب الحرية تظهر عورات الكثيرين ولا يخاف سماع صوت الحق إلا من كان على الباطل ولا ينطق بالحق منافق أو ذليل، وفي الفتنة يتبيَّن لك من يعبد الله ومن يعبد الطاغوت، ومن ظن أن سهام المظلوم لا تصيب قلب الظالم، فليراجع إيمانه بربه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لو أن أحدكم عبد ربه سبعين عاما بين الكعبة ومقام إبراهيم ثم أتى يوم القيامة وهو يُحب ظالما حشر معه في نار جهنم)
فإياك ثم إياك أن يكون خصمك يوم القيامة أصحاب قضية عادلة, إن لم تكن في صفوفهم ولا تستطيع أن تنصرهم فلا تطعن فيهم. فلا يجوز لك أن تكون محايدا في قضية حق وباطل بل يجب أن تكون منتميا للذين هم يرزخون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليل والشبهات والافتراءات وصخور النهب والقهر وأحجار السجون والمعتقلات لمن يقرأون كتاب الوطن بأرواحهم.