الحروج إلى خيبر وخيانة المنافقين

أبو الهيثم محمد درويش

وسارع المنافقون في تحذير اليهود من مقدم الجيش الإسلامي وتبشيرهم بأن عدد الجيش قليل , وسارع اليهود بالاستعانة بكفار غطفان الذين أسرعوا إليهم ثم عادوا وخذلوهم خوفاً على ذراريهم.

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

الحروج إلى خيبر وخيانة المنافقين

خرج صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ورفض اصطحاب المنافقين الذين خذلوه في الحديبية واصطحب فقط أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان, وسارع المنافقون في تحذير اليهود من مقدم الجيش الإسلامي وتبشيرهم بأن عدد الجيش قليل , وسارع اليهود بالاستعانة بكفار غطفان الذين أسرعوا إليهم ثم عادوا وخذلوهم خوفاً على ذراريهم.

قال المباركفوري في الرحيق المختوم:

الخروج إلى خيبر‏

قال ابن إسحاق‏:‏ أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر‏.‏

قال المفسرون‏:‏ إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله‏:‏ ‏{ {‏وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} }‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 20‏]‏ يعني صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة خيبر‏.‏

عدد الجيش الإسلامي‏‏

ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم قائلاً‏:‏ ‏{ {‏سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا‏} }‏ ‏[‏الفتح‏:‏ 15‏]‏‏.‏

فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة‏.‏

واستعمل على المدينة سِبَاع بن عُرْفُطَةَ الغفاري، وقال ابن إسحاق‏:‏ نُمَيْلَة بن عبد الله الليثي، والأول أصح عند المحققين‏.‏

وبعد خروجه صلى الله عليه وسلم قدم أبو هريرة المدينة مسلماً، فوافي سباع بن عرفطة في صلاة الصبح، فلما فرغ من صلاته أتي سباعا فزوده، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهمانهم‏.‏

اتصال المنافقين باليهود‏‏

وقد قام المنافقون يعملون لليهود، فقد أرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي إلى يهود خيبر‏:‏ إن محمداً قصد قصدكم، وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، ولا تخافوا منه فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عزّل، لا سلاح معهم إلا قليل، فلما علم ذلك أهل خيبر، أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهَوْذَة بن قيس إلى غطفان يستمدونهم ؛ لأنهم كانوا حلفاء يهود خيبر، ومظاهرين لهم على المسلمين، وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين‏.‏

الطريق إلى خيبر‏

وسلك رسول صلى الله عليه وسلم في اتجاهه نحو خيبر جـبل عــصر ـ بالكسر، وقيل‏:‏ بالتحريك ـ ثم على الصهباء، ثم نزل على واد يقال له‏:‏ الرجيع، وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة، فتهيأت غطفان وتوجهوا إلى خيبر، لإمداد اليهود، فلما كانوا ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً ولغطاً، فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر‏.‏

ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدليلين اللذين كانا يسلكان بالجيش ـ وكان اسم أحدهما‏:‏ حُسَيْل ـ ليدلاه على الطريق الأحسن، حتى يدخل خيبر من جهة الشمال ـ أي جهة الشام ـ فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام، كما يحول بينهم وبين غطفان‏.‏

قال أحدهما‏:‏ أنا أدلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل حتى انتهي إلى مفرق الطرق المتعددة وقال‏:‏ يا رسول الله، هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد، فأمر أن يسمها له واحداً واحداً‏.‏ قال‏:‏ اسم واحد منها حزن، فأبي النبي صلى الله عليه وسلم من سلوكه، قال‏:‏ اسم الآخر شاش، فامتنع منه أيضاً، وقال‏:‏ اسم الآخر حاطب، فامتنع منه أيضاً، قال حسيل‏:‏ فما بقي إلا واحد‏.‏ قال عمر‏:‏ ما اسمه‏؟‏ قال‏:‏ مَرْحَب، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم سلوكه‏.‏

بعض ما وقع في الطريق‏

1 ـ عن سلمة بن الأكوع قال‏:‏ خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً، فقال رجل من القوم لعامر‏:‏ يا عامر، ألا تسمعنا من هنيهاتك‏؟‏ ـ وكان عامر رجلاً شاعراً ـ فنزل يحدو بالقوم، يقول‏:‏

اللهم لولا أنت ما اهتديـنا ** ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّيـنـا

فاغـفر فِدَاءً لك ما اقْتَفَيْنا ** وَثبِّت الأقدام إن لاقينـا

وألْـقِينْ سكـينة عــلينا ** إنا إذا صِــيحَ بنا أبينــا

وبالصياح عَوَّلُوا عــلينا **

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من هذا السائق‏)‏ قــالوا‏:‏ عــامر بــن الأكوع، قال‏:‏ ‏(‏يرحمه الله‏)‏‏:‏ قال رجل من القوم‏:‏ وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به‏.‏

وكانوا يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد ، وقد وقع ذلك في حرب خيبر‏.‏

2 ـ وبالصهباء من أدني خيبر صلي النبي صلى الله عليه وسلم العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسَّوِيق، فأمر به فثري، فأكل وأكل الناس، ثم قام إلى المغرب، فمضمض، ومضمض الناس، ثم صلي ولم يتوضأ ، ثم صلي العشاء‏.‏

3 ـ ولما دنا من خيبر وأشرف عليها قال‏:‏ ‏(‏قفوا‏)‏، فوقــف الجيش، فــقال‏:‏ ‏(‏اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، أقدموا، بسم الله‏)‏‏.‏ أ هـ

#أبو_الهيثم

#مع_الحبيب