28 فائدة  من كتاب (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة)

فإن من الرسائل اللطيفة والنافعة ذات العبارة السهلة والأسلوب الرائع في باب السعادة والطمأنينة رسالة العلامة : عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي (المتوفى: 1376هـ) الموسومة بـ (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة)

  • التصنيفات: طلب العلم -

الحمد لله القائل  {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}  (النحل:97) وصلى الله على نبيه ومصطفاه  الذي كان من دعاءه:  «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ» ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.. أما بعد:

فإن من الرسائل اللطيفة والنافعة ذات العبارة السهلة والأسلوب الرائع في باب السعادة والطمأنينة رسالة العلامة : عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي (المتوفى: 1376هـ) الموسومة بـ (الوسائل المفيدة للحياة السعيدة)، والتي ينبغي لكل مهموم -وكلنا ذاك الشخص- أن يقرأها فهي نافعة في بابها، ومن باب (ما لا يدرك كله، لا يترك جلة )، وأيضا من باب دلالة إخواني على الخير والتعاون على البر والتقوى؛ أحببت أن أشارك أخواني بعض هذه الدرر والنصائح الغرر،  وهي لا تغني عن قراءة الرسالة، وإنما دليل عليها، وطريق إليها، ودافع للاطلاع على ما فيها، حيث التوضيح بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وشرح بعض الأفكار بالأمثلة وعمل المقارنات، فهيا بنا نقطف بعض ثمارها ونتفيّئ  من ظلالها:

  • راحة القلب وسرورُه وزوال همومِه وغمومِه، هو المطلب لكل أحد، وبه تحْصُل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج.
  • ولذلك (السرور والابتهاج) أسباب دينية، وأسباب طبيعية، وأسباب عملية، ولا يمكن اجتماعَها كلَّها إلا للمؤمنين.
  • فأخبر صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غُنْمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يَطْرقه من السرور والمكارِه.
  • تجد اثنين تطرقهما نائبة من نوائب الخير أوالشر، فيتفاوتان تفاوتا عظيما في تلقيها، وذلك بحسب تفاوتهما في الإيمان والعمل الصالح.
  • فالمؤمن إذا ابتُليَ بمرض أو فقر، أو نحوه من الأغراض التي كل أحد عرضة لها، فإنه بإيمانه وبما عنده من القناعة والرضى بما قَسَمَ الله له، تجده قرير العين، لا يتطلَّب بقلبه أمرا لم يقدر له.
  •  (المؤمن) ينظر إلى من هو دونه، ولا ينظر إلى من هو فوقه، وربما زادت بهجته وسروره وراحته على من هو متحصِّل على جميع المطالب الدنيوية، إذا لم يؤت القناعة.
  • ومن الأسباب التي تزيل الهم والغم والقلق: الإحسان إلى الخَلْق بالقول والفعل، وأنواع المعروف. وكلها خير وإحسان، وبها يدفع الله عن البر والفاجر الهموم والغموم بحسبها، ولكن للمؤمن منها أكمل الحظ والنصيب، ويتميز بأنَّ إحسانه صادر عن إخلاص واحتساب لثوابه.
  • والخير يجلب الخير، ويدفع الشر، وأن المؤمن المحتسب يؤتيه الله أجرا عظيما، ومن جملة الأجر العظيم: زوال الهم والغم والأكدار ونحوها.
  • فكم من إنسان ابْتُليَ بالقلق وملازمة الأكْدار، فحلِّتْ به الأمراض المتنوعة فصار دواؤه الناجِع: (نسيانه السبب الذي كدَّره وأقلقه، واشتغاله بعَمل من مهماته) .
  • ومما يدفع به الهم والقلق: اجتماع الفكر كله على الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن.
  • فإنه(العبد) إذا قابل بين نعم الله عليه التي لا يُحْصى لها عد ولا حساب، وبين ما أصابه من مكروه، لم يكن للمكروه إلى النعم نسبة.
  • وكلما طال تأمل العبد بِنِعَم الله الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، رأى ربه قد أعطاه خيرا كثيرا ودفع عنه شرورا متعددة، ولا شك أن هذا يدفع الهموم والغموم، ويوجِب الفرح والسرور.
  • ويعلم العبد أنه إذا صرف فِكْره عن قلقه من أجل مستقبل أمره، واتَّكل على ربه في إصلاحه، واطمأن إليه في ذلك إذا فعل ذلك اطمأن قلبه وصلحتْ أحواله، وزال عنه همه وقلقه.
  • ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور: استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به: « «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر» » (رواه مسلم) . وكذلك قوله: «اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت»
  • لأن الإنسان متى استسلم للخيالات؛ وانفعل قلبه للمؤثرات: من الخوف من الأمراض وغيرها، ومن الغضب والتشوش من الأسباب المؤلمة، ومن توقع حدوث المكاره وزوال المحابّ أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية، والانهيار العصبي.
  • فكم مُلِئَتْ المستشفيات من مرضَى الأوهام والخيالات الفاسدة؛ وكم أثَّرت هذه الأمور على قلوب كثير من الأقوياء، فضلا عن الضعفاء؛ وكم أدَّت إلى الحُمْق والجنون! والمعافى من عافاه الله ووفقه لجهاد نفسه لتحصيل الأسباب النافعة المقوية للقلب؛ الدافعة لقلقه، قال تعالى: { {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} } (الطلاق: 3) أي كافية جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه.
  • أن تُوطِّن نفسك على أنه لا بد أن يكون فيه (الزوجة والقريب والصاحب والمعامل، وكل من بينك وبينه علاقة واتصال) عيب أو نقص أو أمر تكرهه؛ فإذا وجدت ذلك، فقارن بين هذا وبين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الاتصال والإبقاء على المحبة، بتذكر ما فيه من المحاسن والمقاصد الخاصة والعامة، وبهذا الإغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن، تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة وتحصل لك.
  • ومن لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا...) بل عكس القضية فلحظ المساوئ، وعَمِي عن المحاسن، فلا بد أن يقلق، ولا بد أن يتكدر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير من الحقوق التي على كل منهما المحافظة عليها.
  • وكثير من الناس ذوي الهمم العالية يوطنون أنفسهم عند وقوع الكوارث والمزعجات على الصبر والطمأنينة، لكن عند الأمور التافهة البسيطة يقلقون، ويتكدر الصفاء، والسبب في هذا أنهم وطَّنوا نفوسهم عند الأمور الكبار، وتركوها عند الأمور الصغار فضرتهم وأثَّرت في راحتهم.
  • العاقل يعلم أن حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة، وأنها قصيرة جدا، فلا ينبغي له أن يقصِّرها بالهم والاسترسال مع الأكدار فإن ذلك ضد الحياة الصحيحة، فيشح بحياته أن يذهب كثير منها نهبا للهموم والأكدار.
  • وينبغي(للعاقل) أيضا إذا أصابه مكروه أو خاف منه أن يقارن بين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، وبين ما أصابه من مكروه فعند المقارنة يتضح كثرة ما هو فيه من النعم، واضمحلال ما أصابه من المكاره.
  • ومن الأمور النافعة: أن تعرف أن أذية الناس لك وخصوصا في الأقوال السيئة، لا تضرك، بل تضرهم، إلا إن أشغلت نفسك في الاهتمام بها، وسوغت لها أن تملك مشاعرك، فعند ذلك تضرك كما ضرتهم، فإن أنت لم تضع لها بالا لم تضرك شيئا.
  • واعلم أن حياتك تبع لأفكارك، فإن كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فحياتك طيبة سعيدة، وإلا فالأمر بالعكس.
  • لا تطلب الشكر إلا من الله، فإذا أحسنت إلى من له حق عليك أو من ليس له حق فاعلم أن هذا معاملة منك مع الله، فلا تبال بشكر من أنعمت عليه، كما قال تعالى في حق خواص خلقه: { {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} } (الإنسان: 9) ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد ومن قوي اتصالك بهم.
  • اجعل الأمور النافعة نصب عينيك واعمل على تحقيقها، ولا تلتفت إلى الأمور الضارة لتلهو بذلك عن الأسباب الجالبة للهم والحزن.
  • ومن الأمور النافعة: حسم الأعمال في الحال والتفرغ في المستقبل؛ لأن الأعمال إذا لم تحسم اجتمع عليك بقية الأعمال السابقة، وانضافت إليها الأعمال اللاحقة، فتشتد وطأتها.
  • ينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم، فالأهم وميز بين ما تميل نفسك إليه وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السامة والملل والكدر.
  • ادرس ما تريد فعله درسا دقيقا، فإذا تحققت المصلحة وعزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

سالم محمد أحمد