نصيحة للشباب
إننا نتألم كثيرًا عندما نسمع رجالًا ونساء يضيعون حقوق الله، ويفرطون في الصلوات، وينامون عن صلاة الفجر، ولا يستجيبون لداعي الله، ولا يلقون بالًا للمؤذن حين يقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة.. الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
- التصنيفات: قضايا الشباب - الدعوة إلى الله -
إنَّنا نعيش اليوم في سنة كثرت فيها المحن والبلايا والأمراض والرزايا والزلازل والفيضانات، سَنة تختلف كثيرًا عن السنين التي عشناها في ماضي عمرنا وسابق عهدنا، وهذا يتطلب منا الرجوع إلى الله والصدق معه وترك العبث والفسوق والجد والاهتمام في أمورنا الدنيوية والأخروية {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون 115: 116].
إننا نتألم كثيرًا عندما نسمع رجالًا ونساء يضيعون حقوق الله، ويفرطون في الصلوات، وينامون عن صلاة الفجر، ولا يستجيبون لداعي الله، ولا يلقون بالًا للمؤذن حين يقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة.. الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.
كم نتألم عندما تسأل ولدًا لماذا لا تصلي الفجر؟ فيقول أنَّه لا يوقظه أحد لصلاة الفجر، وأنَّ أهله لا يقومون للصلاة، وأن بعضهم يصلي الفجر إذا استيقظ من النوم وبعضهم لا يصليها أبدًا.
انظروا كيف وصل بنا الحال إلى تضييع هذه الشعيرة العظيمة التي أمرنا ربنا وخالقنا ورازقنا بها، وكيف وصلت اللامبالاة بهذه الفريضة فتجد الشوارع عند صلاة الفجر تكاد أن تكون خالية فإذا جاء موعد الدوامات الدنيوية والأشغال اليومية استيقظ الناس واكتظت الشوارع وقام الناس بدون تواني أو تفريط، {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه : 130]
ألا نخشى بعد هذا مقت الله وغضبه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم : 59] ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون 4: 5].
ألا نستحي من الله؟ ألا نخجل منه؟ ألا يؤنبنا ضميرنا وتؤرقنا أحاسيسنا ومشاعرنا؟ كيف يطيب لنا النوم عن الصلاة؟ وكيف يصلي المرء الظهر وهو لم يصل الصلاة التي قبلها وهي صلاة الفجر؟ وكيف يحلو لنا العيش بدون صلاة في دنيا خلقنا الله فيها من أجل العبادة وإقامة أوامر الله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات 56: 57].
كم تتألم عندما ترى شبابًا يسهرون ويعبثون ولا يبالون، نوم بالنهار وسهر وعبث بالليل بالألعاب والدراجات، وجلب للهموم، وافتعال للمشكلات، وكان الأولى بهذا الشاب أنْ يكون بصيرًا بنفسه حريصًا على وقته مستفيدًا من شبابه مغتنمًا له فيما يصلحه في دنياه وآخرته.
وليس معنى هذا أنْ نحرم أنفسنا من اللعب والتسلية كلا وإنما الواجب أنْ نعطي كل ذي حق حقه وقدْره؛ فوقت الجد جدٌّ، والتسلية والمرح لها أوقاتها، أما السهر الطويل في كل ليلة فليس من ورائه إلا تضييع صلاة الفجر والظهر وإرهاقًا للأجسام والأنفس التي خلقها الله على نظام {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ 10: 11]. فلما يأتي المرء ويَعكس الأمور ويَقلب الموازين ويُحول الليل إلى نهار والنهار إلى ليل فإن في هذا مخالفة ومصادمة لسنة الله في خلق الكون ونظامه الدقيق وهذا هو الشقاء والبلاء.
بل يقول الأطباء أنَّ أقل الأجسام عرضة للأمراض والأوبئة هي الأجسام التي أخذت قسطها وراحتها الكافية من نوم الليل ولهذا كان النبي صلى الله يكره السهر كما في الصحيحين عَنْ أَبي بَرْزَةَ رَضِي اللَّه عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يَكرَهُ النومَ قبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بعْدَهَا.
كما يسبب السهر القلق والأرق والتوتر النفسي والعصبي ويضعف التركيز والانتباه ويتسبب في إحداث خلل كبير في الجهاز المناعي ومشكلات في العمود الفقري ويؤثر على نبضات القلب ودقاته.
كما أنَّ السهر سبب من أسباب صداع الرأس والاحساس بالإرهاق والتعب الشديد في الجسم كله فكيف إذا كان السهر على تخزين وتدخين وحبوب وبلايا والله المستعان.
والغريب من بعض الأولاد والشباب أنه يتعذر فيقول وأين نذهب في هذه البلاد التي لا يوجد فيها أعمال ولا أشغال فلا حل للفراغ إلا النوم بالنهار والسمر بالليل حتى نقضي على الفراغ الموجود ثم تجد والده قد كلفه بعدة أعمال منزلية فلم يقم بشيء منها وأمه قد وصته في العديد من الحاجات فلم يلبي لها شيئا من طلباتها ولا يسمع كلامها ولا ينفذ أوامرها مما يستدعي بعض الأمهات أن تقوم بالعمل بنفسها فتذهب للبقالة بنفسها أو تخرج لإصلاح شيء لأن أولادها في غفلة عنها.
وتجد في البيت أمورًا كثيرة بحاجة إلى إصلاح أو توصيل ومع ذلك لم يقم بشيء من هذه الأشياء ثم يأتي يتعذر لك بكثرة الفراغ في البلاد الذي لا يجد له مصرفا سوى السهر في الليل والنوم في النهار.
فأين هؤلاء من قول الله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} [البقرة : 83].
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء 23: 24].
بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية
ياشباب ياشباب أناديكم والقلب محترق وممتلئ بالحسرات والآهات ومحب لكم الخير والجادة والابتعاد عن سفاسف الأمور ودنيئها.
فقوموا بحقوق الله وحقوق الوالدين وحقوق النفس وحقوق الأهل والأقارب وأعطوا كل ذي حق حقه وكونوا من ذوي الهمم العالية والمطالب الغالية تسعدوا وتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } [الأحزاب 70: 72].
انظروا إلى العالم حولكم واعتبروا بهذه الدوائر التي تدور والأحداث التي تحدث هنا وهناك.
فكم مات من عزيز وكم فقدنا من شخص وكم صلينا على جنازة وكم حدثت في هذا العام من أحداث جسام وقضايا عظام.
ألا يكفينا هذا اعتبارًا ألا يكفينا القرآن موعظة وإنذارًا ألا تكفينا هذه الأوبئة والطواعين المنتشرة تذكرة وادكارا.
ألا نرى الأيام والليالي تمر مر السحاب ألا نرى الزلازل والفيضانات والمنخفضات الجوية زادت وتكاثرت؟
ألا نرى العالم وما يعاني من مصاعب وأهوال؟ ألا نرى الانهيارات الاقتصادية الكبيرة التي تنذر بحدوث أزمات أو مجاعات لو شاء الله.
كفى عبثًا وضياعًا كفانا سفهًا ولهوًا كفانا تضييعًا للأوقات وهدرًا للطاقات ولعبًا بالامكانيات والقدرات.
علينا بسلوك طريق الجادة والخير والالتفاف حول العقلاء والحذر من التيه والضلال وترك أسباب الضلال والضياع.
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون 115: 116].
______________________________________________
د. مراد باخريصة