لماذا يكرهوننا ؟!

عبد اللطيف بن هاجس الغامدي

تساءل بعض أساطين السياسة وأرباب الفكر الأمريكان في بلادة قاهرة وسذاجة سافرة عن سبب كرهنا لهم، فيقولون : لماذا تكرهوننا ؟!

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
لماذا يكرهوننا ؟!

تساءل بعض أساطين السياسة وأرباب الفكر الأمريكان في بلادة قاهرة وسذاجة سافرة عن سبب كرهنا لهم، فيقولون : لماذا تكرهوننا ؟!


ويتصدَّى للجواب عليهم بعض قادة الفكر لدينا وأرباب الرأي عندنا، لأنكم فعلتم بنا، وصنعتم لنا، فأيديكم الغادرة، وأساليبكم الماكرة في كلِّ شبر من أرضنا المسلمة، فأنتم سبب مآسينا، ومبعث أحزاننا، ومنطلق آلامنا، فاليتامى يلعنونكم، والأرامل يدعون عليكم، والأطفال يشتمونكم، فقد سرقتم الأموال، ودنستم العرض، وسلبتم الأرض، وفعلتم من الأفاعيل ما يستحي منها قائدكم الأكبر، ورائدكم الأخطر ؛ الشيطان اللعين، نعوذ بالله منكم ومنه !
واسمحوا لي أن أحاول الإجابة عليهم، والرد على سؤالهم بشيء من الإيجاز والإعجاز..
أما الإيجاز فلأن كرهي لهم وحقدي عليهم لا يمكنني أن أعبر عنه في مقال قصير، فالكره كبير وكثير بطول مكرهم بنا وحقدهم علينا وبغضهم لنا..


أما الإعجاز فلأني سأذكر ما يتوارى بعض دعاتنا عن ذكره، ويخاف بعض رموزنا من سرده، غافلين أو متغافلين أو مغفلين عن ذكر الحق الذي ندين الله به، ونتقرب إلى الله تعالى بوجوده في قلوبنا ـ على تقصيرنا وضعف إيماننا ـ
وإن تعجب، فعجب ما تراه من عداوة أعداء الله لنا، وإعلانهم بها، لا يُخاتلون فيها أو يتوارون بها، فهم يجاهرون بالكره والبغض بقولهم وبفعلهم ـ وما تخفي صدورهم أكبر ـ ونحن كطيور النعام، نحمل غصن الزيتون، ونُربي حمائم السلام، طمعاً في رضاهم عنا، وحلمهم علينا، وعدلهم معنا، والواقع يشهد بما تتغافل عنه العيون، وتتصامم عن سماعه الآذان، وإلى الله المصير !.


* فنحن نكرههم لأن كره ـ يهود ونصارى أمريكا ـ دين نتقرَّب به إلى الله تعالى، وعمل صالح نطمع من الله قبوله في ميزان حسناتنا، فأوثق عُرى الإيمان ؛ الحب في الله والغض في الله...
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.


* نكرههم لأن الله تعالى يكرههم ويبغضهم، أفلا نكره من يكرهه الله ؟!
* نكرههم لأنهم تعدوا على مقام الألوهية، وأساءوا على جناب الربوبية، فنسبوا لله تعالى من صفات النقص والسوء ما الله تعالى منزهٌ منه، ومقدَّس عنه، كنسبة الصاحبة والولد.
قال تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا قاتلهم الله أنَّى يؤفكون. اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} .

* ونكرههم لأنهم نسبوا لله ما يتنزه بعضهم عن نسبته إلى نفسه، وما يتعفف أن يوصم به أو يوصف ببعضه، قال تعالى:{ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون}
فنسبوا البخل لله تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة غُلَّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء... } !
ونسبوا له الفقر سبحانه: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء. سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق} لعنهم الله بما قالوا !.

* ونكرههم لأنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وما ليس لهم به علم، فقالوا :[ الله ثالث ثلاثة ]
قال تعالى : {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما نُهوا عنه ليمسنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم }.

* ونكرههم لأنهم كفروا بنبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحسدونا عليه، ويرون أنا أهون من أن يبعث الله فينا نبياً منا يوحى إليه من السماء، فكفروا وكذَّبوا واستكبروا.
قال تعالى: {ولئن أتيت الذين أُوتُوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك...}
وقال تعالى : {ما يودُّ الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنزَّل عليكم من خير من ربكم....}.


* ونكرههم لأنهم حرَّفوا كُتب الله تعالى المنزلة عليهم كالتوراة والإنجيل، ونسبوا لله تعالى ما لم يقله أو يأمر به، فكتبوا بأيديهم المحرِّفة ما أمرتهم به عقولهم المنحرفة، وقالوا : هذا من عند الله، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلا، فبئسما يشترون !
قال تعالى :[ {أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}
* ونكرههم لأنهم نبذوا التوراة والإنجيل وراء ظهورهم، وبدَّلوا نعمة الله كفراً، وجحدوا آية الله نُكراً، وكذّبوا رسل الله فُجرا، كأنهم لا يعقلون !
قال تعالى: {قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أُنزل إليك من ربك طغياناً وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين}.

* ونكرههم لأن أيديهم ملطخة بدماء أشرف خلق الله تعالى من أنبيائه ورسله وأوليائه والصالحين من عباده المؤمنين على مدى التأريخ
قال تعالى :{أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون}
وقال تعالى لهم: {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين}.


* ونكرههم لأنهم كذبوا بكتابنا المقدس والمنزه من التحريف والتبديل والتعديل ( القرآن الكريم ) وجحدوا به، وحاولوا إطفاء نوره والتعرض لقدسيته، والتأريخ يشهد، والوقائع تنطق، والله متم نوره،ولو كره المشركون !
قال تعالى :{يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}.

* ونكرههم لأنهم تعدوا على أنبياء الله تعالى، برفع بعضهم فوق منازلهم التي أنزلهم الله كعقيدتهم في عيسى المخلِّص ( كما يزعمون ! ) عليه السلام، وإساءتهم الأدب مع بعضهم بنسبة السوء إليهم كالزنا وغيره، ولو أنهم نسبوا ذلك لأحيائنا لما رضيناه منهم، فكيف بنسبته لأشرف الخلق وأعظم البشر ـ عليهم السلام.
قال تعالى :{لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم...}.

* ونكرههم لأنهم حاولوا إطفاء نور هذا الدين، واجتثاثه من جذوره، وإخماد جذوته، حسداً من عند أنفسهم، بالمكر والكيد، والحرب والصد، وما أملته عليهم شياطينهم من وسائل الإغراء والإغواء، فويل لهم مما يفعلون !
قال تعالى : {قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون}.

* ونكرههم لأنهم يكرهوننا، ولن يرضوا عنا، مهما تنازلنا عن مبادئنا، وتغافلنا عن مصالحنا، وألسنتهم تنطق، وواقعهم يشهد، ووقائعهم تُبين عما يجري منهم في حبل الوتين، قال تعالى : {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}
قال تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم...}
وقال تعالى: {هاأنتم أُولاء تحبونهم ولا يُحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور}.

* ونكرههم لأنهم يودون لو أننا مثلهم في كفرهم، حسداً لنا على ما أكرمنا ربنا من الإيمان به، والتوفيق لشرعه، والتسديد على ملَّة التوحيد والهدى.
قال تعالى: {وودوا لو تكفرون}
وقال تعالى: { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}
وقال تعالى: {ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق..}.

* ونكرههم لأنهم أخرجونا من ديارنا، وحابوا أوليائنا، وكادوا بديننا، وكفروا بما جاءنا من ربِّنا، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم..}.
 
* ونكرههم لأنهم يريدون إضلالنا عن الهدى، وغوايتنا عن السبيل، وانحرافنا عن المنهج الأصيل، لنكون مثلهم في ضلالهم وغوايتهم، كالحيران بلا دليل !
قال تعالى: {ودَّت طائفة من أهل الكتاب لو يُضلونكم..}.

* ونكرههم لأنهم لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذِمَّة، ولا يرعون لنا عهداً ولا ميثاقاً، فلا قيمة لنا عندهم، ولا منزلة لنا في موازينهم، لأننا خلقنا ـ بزعمهم ـ لنكون عبيداً أرقاء نسعى في خدمتهم والقيام على مصالحهم...
قال تعالى: {... ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}.

* ونكرههم لأنهم يرون أنفسهم خيراً منا، وعلى سنن أهدى من سننا، فهم يرونا من الكفار ومن وقود النار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، ونحن أعداء الله وخصماؤه..
قال تعالى: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}
وقال تعالى:  {وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}
وقال تعالى: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه....}

* ونكرههم لِما يفعلون في أبناء أمتنا من تقتيل وتنكيل، فقد رمَلوا نساءنا، وقتلوا رجالنا، ويتموا أطفالنا، وانتهكوا أعراضنا، ودنسوا مقدساتنا، واستباحوا حرماتنا، وسلبوا أموالنا، وغير ذلك مما يطول وصفه، ويصعب حصره..
على أن كرهنا لهم وبغضنا إياهم لا يمنعننا أن نلتزم بالأحكام الشرعية في التعامل معهم، بل نعدل معهم، ونطبق شرع الله فيهم، ونحفظ لهم حقوقهم، ولا نتعدَّى عليهم، أو نسيء إليهم إلا بما قررته الشريعة الخالدة والدين القويم.
قال تعالى: {ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}
وفي كل الحالات والمناسبات، لا نتعامل معهم على أساس ما في قلوبنا، بل كما في شرعنا، ملتزمين بالأحكام، فهذه رحمة الإسلام، دين الله الخاتم الذي لا يقبل من أحد غيره. قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}
وقال تعالى: {ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}
والله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والحمد لله رب العالمين …….