تشويه صورة الزواج
وعندما يقول تعالى: " {أزواجا لتسكنوا إليها} " ندرك بمفهوم المخالفة، أنّ من لم يتزوج، قد لا يتوافر له ذلك النوع من السكن. ولو لم يكن في الزواج ما فيه من الخير، لما كان سنّة لنبينا الكريم، ولما حثّ عليه الشباب.
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
كتب الأستاذ هاني مراد
تنتشر بين الآن والآخر دعوات منحرفة ومشبوهة لتشويه صورة الزواج، وتصويره كمعركة، أو عذاباً للمرأة أو مشقة على الرجل، أو شرّاً لا بُدّ منه! وتدلل هذه الدعوات على ذلك، بأنه ليس كل المتزوجين سعداء، وليس كل الأعزاب تعساء، وبناء على ذلك، تزعم هذه الدعوات أن عدم الزواج أفضل، أو أنه وعدمه سواء.
والواقع أنّ استدلال هؤلاء: حق يراد به باطل! نعم، ليس كل المتزوجين سعداء، وليس كل الأعزاب تعساء، ولكن كذلك، ليس كل المتزوجين تعساء، وليس كل الأعزاب سعداء! وإذا كان من المتزوجين تعساء، فليس مصدر التعاسة هو الزواج نفسه!
وعندما يقول تعالى: " {أزواجا لتسكنوا إليها} " ندرك بمفهوم المخالفة، أنّ من لم يتزوج، قد لا يتوافر له ذلك النوع من السكن. ولو لم يكن في الزواج ما فيه من الخير، لما كان سنّة لنبينا الكريم، ولما حثّ عليه الشباب.
ولأنّ الزواج حصن منيع ونواة صُلبة أمام الشيطان، نجده يحرص على تفتيتها، لأنها آخر نواة اجتماعية، وآخر عقبة أمامه، في سبيل تفتيت المجتمع كله، حتى: " «إنَّ إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة.... ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرَّقت بينه وبين امرأته. قال: فيُدْنِيه منه ويقول: نعم أنت» ."
ولأنّ الزواج سبيل امتداد العمل الصالح إلى الأبناء، وسبيل تتابع وضع اللبنات الصالحة في المجتمع، فهو مؤسسة كبرى، تحتاج أكثر ما تحتاج إلى العطاء المستمرّ، والرضا الحقيقي، وإلى المودة والرحمة: "و {جعل بينكم مودة ورحمة} ". فلم يقل سبحانه وتعالى: وجعل بينكم حبّاً؛ لأن الحبّ البشري لا يكاد يخلو من حظ النفس، لكنّ المودة والرحمة يعنيان العطاء والعطف والتودد الصادق غير المشروط، والمجرّد عن حظ النفس.