كيف نستعيد أخلاقنا..

محمد سيد حسين عبد الواحد

هذه الفترة العصيبة أعُدُّها رحلة سفر أسفرت عن كثير وكثير من أخلاق الناس هذه الفترة العصيبة أراها كاشفة .. كشفت عن ماذا ؟

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

أيها الإخوة الكرام :
ورد عند اصحاب السنن وغيرهم من حديث جابر وغيره أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا الْمُوَطَّئُونَ أكْنَافُهُمْ، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ» » أو كما قال صلي الله عليه وسلم ..

علي مدار سبعة أشهر وربما قبل ذلك بقليل وإلي ما شاء الله عشنا ولا زلنا نعيش فترة من أصعب الفترات التي مرت علي هذا الجيل ..
وباء عمّ وطمّ .. فرق بين الأحبة وباعد بين الأصفياء نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يسلمنا منه وكل مسلم ومسلمة ..

هذه الفترة العصيبة أعُدُّها رحلة سفر أسفرت عن كثير وكثير من أخلاق الناس هذه الفترة العصيبة أراها كاشفة .. كشفت عن ماذا ؟
كشفت عن قائمة طويلة عريضة من مكارم الأخلاق التى لا تزال بيننا والحمد لله رب العالمين ..

أخرجت بفضل الله من رحم الألم أملا ومن رحم المحن منحا كشفت الأزمات عن بطوله كشفت عن رجوله كشفت عن إيمان يعمر القلوب المؤمنه والحمد لله رب العالمين ..

هذه الفترة العصيبة أراها كاشفة كشفت عن نفوس تؤثر علي نفسها , كشفت عن رحمة في قلوب مؤمنه , جادت وأنفقت وسارعت إلي تفريج الكروب وإغاثة اللهفان ونجدة الملهوف ولا عجب فالخير في أمة محمد صلي الله عليه وسلم إلي قيام الساعة ..
وهذا ما دعت إليه آيات الذكر الحكيم ( {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى } ) ( {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} )

وفي المقابل :
كشفت هذه الأزمة عن بعض مساوئ الأخلاق في بعض النفوس الضعيفة بعضهم جعل من الأزمة التي عصفت بالعباد والبلاد مناسبة لمص دماء الناس بعضهم جعل منها مناسبة لاستغلال الناس ..

رأينا طمعا رأينا جشعا رأينا سعارا جعلنا نقول بلسان الحال والمقال ( إن ما اصابنا من وباء وبلاء هو من فساد نفوسنا ) قلنا هو من عند أنفسنا وإن الله تعالي لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم ولو يؤاخذنا الله تعالي بما كسبت أيدينا لم ترك عليها من دابة ..

أنا اعتبر ان أزمة هذا الوباء الذي نعاني من آثاره إلي يومنا هذا صحيا واجتماعيا واقتصاديا أنا اعتبر ان هذه أزمة كشفت عن حاجتنا إلي التحلي بمكارم الأخلاق كشفت عن حاجتنا إلي أن نعود راشدين إلي قيمنا إلي اخلاقنا إلي الصدق إلي الأمانة إلي العفة إلي الحياء .. ذلك أننا بدون أخلاق لا نساوي شيئا..

مُنعنا الصلاة في المساجد ونودي علينا أن صلوا في بيوتكم مُنعنا من الجمع والجماعات ومن كثير من الصلوات مُنعنا من زيارة البيت الحرام الذي جعله الله تعالي مثابة للناس وأمنا حتي الفريضة الكبري (حج البيت الحرام ) كادت ان تعطل لولا لطف الله سبحانه وتعالي ..

أيها الإخوة الكرام :
كل هذه رسائل من ربنا سبحانه وتعالي تقول لي ولك ( بادر قبل أن تُبادر)فإن الاجال غير معلومه (لا تغتر بطول الأمل) فإن الله جل في علاه يمهل ولا يهمل (لا تغتر بسعة رحمة الله تعالي) قال النبي عليه الصلاة والسلام « «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» » قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: { {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} }

فتنبهوا يرحمكم الله وعودوا راشدين تائبين نادمين مخبتين إلي ربكم عودوا إلي أخلاق نبيكم صلي الله عليه وسلم تُؤجروا وتُجبروا وتنصروا ...

الخطبة الثانية
************
بقي لنا في ختام الحديث أن نقول :
حين ننظر في العطايا والفضائل والخصائص التي اختص الله بها نبينا وحبيبنا محمدا صلي الله عليه وسلم عن بقية الانبياء والرسل وعن عموم البشر تجد أن الله تعالي اعطاه جوامع الكلم وارسله إلي الناس كافة ونصره بالرعب مسيرة شهر وأحل له الغنائم وختم به النبوات واعطاه المعجزات وأعطاه الحكمة وأعطاه القرآن ...

ورغم كل هذا قال له ( {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ) والمعني : لو لم تك صاحب أخلاق رفيعة لانفضوا من حولك لو لم تكن رحيما كريما لو لم تكن صادقا أمينا لانفضوا من حولك لو لم تكن وفيا عفيفا لانفضوا من حولك ..

في إشارة إلي ان الأخلاق هي أول ما يعوَّل عليه في قبول الإنسان في بيان واضح العنوان إلي أن أول درجة من درجات النجاح والتفوق والتألق أن تكون صاحب خلق حسن ( {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ).
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يهدنا لأحسن الاخلاق والأعمال إنه ولي ذلك ومولاه .