من أعمال الصديق بعد الخلافة -1
أبو الهيثم محمد درويش
ثانياً: قتاله للمرتدين وردعهم حتى يستقر الإسلام ولا يندثر وحتى يحافظ على النواة الصلبة التي ستنشر النور إلى سائر بقاع الأرض.
- التصنيفات: سير الصحابة -
من أعمال الصديق بعد الخلافة
من أهم أعماله رضي الله عنه فور توليه الخلافة
أولاً: الحرص على جمع الصف المسلم وتثبيت القلوب وإزالة دواعي التفرق.
ثانياً: قتاله للمرتدين وردعهم حتى يستقر الإسلام ولا يندثر وحتى يحافظ على النواة الصلبة التي ستنشر النور إلى سائر بقاع الأرض.
ثالثاً: قتال مانعي الزكاة حفاظاً على ركن عظيم من أركان الإسلام وهو حق الفقير الواجب على الغني.
قال العلامة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم
أعمال أبي بكر بعد الاستخلاف
وهي من فضائله رضي الله عنه
قام رضي الله عنه مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يخل بشيء، كما قال عن نفسه: إني لست تاركًا شيئًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ .
وعلى وجه التفصيل قام من الأعمال الجليلة بالأعمال الآتية:
1- ثبت المسلمين وقواهم:
أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلموا طوعًا المهاجرون منهم والأنصار، وهم قاتلوا الناس على الإسلام، ولهذا لم يرتد من أهل المدينة أحد، بل ضعف أغلبهم بموت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلت أنفسهم عن الجهاد على دينه حتى ثبتهم الله وقواهم بأبي بكر رضي الله عنه، والذي أيد الله به الإسلام في حياة رسوله، وحفظه به بعد مماته، فالله يجزيه عن الإسلام وأهله خير الجزاء. قال أنس: خطبنا أبو بكر رضي الله عنه وكنا كالثعالب فما زال يشجعنا حتى صرنا كالأسود .
2- قاتل المرتدين:
الذين ارتدوا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا ممن أسلموا بالسيف كأصحاب مسيلمة وأهل نجد.
وتواتر عند الناس أن الذي قاتل أهل الردة هو أبو بكر الصديق وأصحابه قاتل مسيلمة الكذاب المدعي للنبوة وأتباعه بني حنيفة، وأهل اليمامة. وقد قيل: إنهم مائة ألف أو أكثر. وقاتل طليحة الأسدي وكان قد ادعى النبوة بنجد واتبعه من أسد وغطفان ما شاء الله، وادعى النبوة سجاح -امرأة تزوجها مسيلمة الكذاب- فتزوج الكذاب بالكذابة. وأيضًا فكان من العرب من ارتد عن الإسلام لم يتبع متنبئًا كذابًا، وقد ذكر أئمة التفسير أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} أنهم أبو بكر وعمر ومن تبعهما من أهل اليمن وغيرهم.
فمن أعظم فضائل الصديق عند الأمة أولهم وآخرهم أنه قاتل المرتدين. وأعظم الناس ردة كان بنو حنيفة، ولم يكن قتاله لهم على منع الزكاة؛ بل قاتلهم على أنهم آمنوا بمسيلمة الكذاب .
3- قاتل مانعي الزكاة:
وأما الذين قاتلهم على منع الزكاة فأولئك ناس آخرون امتنعوا من أدائها بالكلية فقاتلهم على هذا، لم يقاتلهم ليؤدوها إليه. وقد حصل لعمر أولاً شبهة في قتالهم حتى ناظره الصديق وبين له وجوب قتالهم فرجع إليه، والقصة في ذلك مشهورة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن عمر قال لأبي بكر: كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» قال أبو بكر: ألم يقل «إلا بحقها» فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وعمر احتج بما بلغه أو سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - فبين له الصديق أن قوله «بحقها» يتناول الزكاة، فإنها حق المال.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وإني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (1) فهذا اللفظ الثاني الذي قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين فقه أبي بكر وهو صريح في القتال على أداء الزكاة، وهو مطابق للقرآن، قال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فعلق تخلية السبيل على الإيمان وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة. وأقر أولئك بالزكاة بعد امتناعهم منها .