المعلمون صانعي الحضارة

محمد سلامة الغنيمي

إن صالحا ومصلحا اتسم بناءه بالرسوخ والمتانة، أما إن كان فاسدا في أخلاقه كان مفسدا في أدائه وكان بناءه على شفا جرف

  • التصنيفات: ملفات العودة إلى مقاعد الدراسة -

المعلمون سواء في الجامعات أم في المدارس هم قادة الحضارة وصانعي العمران البشري، ولا ينبغي أبدا النظر إليهم علي أنهم مجرد موظفين في مؤسسات خدمية، مثلهم في بناء الدول كالمهندس في تصميم البناء ومتابعته، إن صالحا ومصلحا اتسم بناءه بالرسوخ والمتانة، أما إن كان فاسدا في أخلاقه كان مفسدا في أدائه وكان بناءه على شفا جرف هار  يوشك أن يخر سقفه على من فيه.

ولهذا اعتبر القرآن التصدي لمهنة التعليم قرين الجهاد يحتاج إلى نفير كنفير المجاهدين، " {فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} "؛ فإذا كان المجاهدون يفتحون البلاد ويزيحون عنها الظلم فإن المعلمون يفتحون قلوب العباد ويزيحون عنها الجهل.

وفي هذا الإطار يجب انتقاء من يقف على هذا الثغر العظيم ويحمل مشعل الحضارة بعناية فائقة ومتابعة آدائهم باستمرار وتزويدهم بالجديد في عصر اتسم بالانفجار المعرفي والتقدم التكنولوجي المذهل، مع تحصينهم ضد غوائل الغزو الفكري، كما يجب أن يرسخ في ذهن المعلم أن التعليم رسالة سامية وليس مصدر للثروة.

وإذا لم نتدارك أوجه القصور في إعداد ومتابعة المعلمين حق لنا أن نكبر على التعليم (قاطرة الحضارة)أربعا وأن نقيم على الأجيال القادمة مأتما وعويلا قبل أن تولد. أثبتت العديد من الدراسات أن الطلاب يتطابقون مع معلميهم ويمتصون منهم اتجاهاتهم وخصائصهم وقيمهم؛ لذلك يؤثر المعلم تأثيرا بالغ الخطورة في حياة الطلاب النفسية والاجتماعية والخلقية.

وقد أثبتت دراسات عدة (بار، وريانز، وكلباتريك، أحمد زكي صالح، ورمزية الغريب، ونعيم الرفاعي، وعزيز حنا...وغيرهم) أن نجاح العملية التعليمية يتوقف 60% منها على المعلم بمفرده، بينما تكمل المناهج والكتب والأنشطة المصاحبة والإدارة المدرسية 40% الباقية.

أما وقد أصبحت مهنة التعليم مجرد (مصدر للثروة) لدي بعض المعلمين ولم تعد رسالة سامية، كما كان ينظر للمعلمين على أنهم ورثة الأنبياء، لذلك ولي الأمر والإدارة يجب أن يأخذوا على أيديهم، وأن يضطلع الجميع بمسئوليته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إطار القانون والعرف، وإلا صارت مدارسنا بؤر لنشر الاتجاهات السلبية والقيم الفاسدة التي تتعارض مع قيمنا الإسلامية والإنسانية.