المعلم الأول: محمد صلى الله عليه وآله وسلّم

محمد سيد حسين عبد الواحد

نقبل علي ربنا نخلص نوايانا نسارع الى الخير كما كان يفعل رسول الله نصل أرحامنا نحب للناس من الخير ما نحب لأنفسنا نتراحم فيما بيننا ونتصافي ونتجاوز ما استطعنا عن الهفوات والزلات...

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

أيها الأخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مثل هذه الأيام المباركة ونحن نسري عن نفوسنا ونحن نروح عن قلوبنا بذلك الحديث الماتع عن المبعوث رحمة للعالمين نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد صلي الله عليه وسلم أود أن أقول:

إن أعظم صورة أراها تصلح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن نأتى الى ما درسناه وإلي ما عرفناه وما تعلمناه من هديه وسنته وأخلاقه عليه الصلاة والسلام فنجعله فى حياتنا واقعاً نتعايش به ونتحرك فى نوره..
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر "

فكما بعث النبي الخاتم رحمة.. بعث النبي الخاتم معلما..بعث النبي الخاتم ليتمم مكارم الأخلاق.. بعث النبي الخاتم بالحنيفية السمحة.
"لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"

فعلى كلٌ واحد منا في موضعه في بيته مع والديه مع جيرانه مع أقاربه مع زوجه وولده وصحبه يضرب من نفسه المثل في التمسك والمحبة والرضا والعمل بسنة الحبيب المصطفى صلي الله عليه وسلم

كل واحد منا في محل عمله وفي موضع إنتاجه وفى موضع عطائه يطبق ما عرف من صدق وإخلاص وعلو همة رسول الله صلى الله عليه وسلم علي نفسه

نحن لا نريد أن نتحول كلنا إلى دعاة على المنابر وإنما نريد أن نتحول كلنا إلى نماذج مصغرة مما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم

نعلم الناس الخير ونرفق بهم ونصبر عليهم تأسيا برسول الله صلي الله عليه وسلم
فبالحلم وبالنفس الطويل وبسعة الصدر نستطيع بفضل الله تعالي أن نعلم الجاهل وأن نقوم المعوج وأن نفتح القلوب المغلقة وأن نزرع المعروف في النفوس المؤمنة وأن نصلح ما فسد من العادات والأخلاق

قال عليه الصلاة والسلام " «إنما بعثت معلما» "
قلت: ولم يكن أحد أحسن تعليما منه صلي الله عليه وسلم لم يكن يكهر ولا ينهر ولم يكن يكل ولا يمل..

علم الصغار فقال لأحدهم وهو عمر بن أبي سلمة يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، وزرع في الآخر حب الله وخشية الله فقال والله يا أنس لولا خوف الله ولولا خشية الله لضربتك بهذا المسواك

وعلم الشباب فقال لأحدهم كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وقال للآخر أحكم السفينة فإن البحر عميق واستكثر من الزاد فإن السفر طويل وخفف الحمل فإن العقبة كؤود وأخلص العمل فإن الناقد بصير

وعلم الشيبان فقال لأحدهم خيركم من طال عمره وحسن عمله وشركم من طال عمره وساء عمله وقال للآخر لا يزال لسانك رطب من ذكر الله تعالي

وقف رسول الله بين أصحابه معلما ومربيا وناصحا أمينا يعظهم ويعلمهم ويفقههم باللين تارة وبالحلم تارة والصبر تارة أخري وقد كان من أصحابه السهل وكان منهم الصلب فما كان أحد أحسن تعليما للجميع منه عليه الصلاة والسلام

ورد في الصحيح أن أعرابيا حضر مجلسا لرسول الله وكان ذلك المجلس في المسجد النبوي فينما الأعرابي بالمجلس إذ وجد حقنا من بوله فما كان منه إلا أن قصد ناحية من المسجد ووقف يبول فيها
فطار الصحابة إليه فنهروه وزجروه وقالوا مه! مه!
فقال معلم الأمة عليه الصلاة والسلام دعوه ولا تزرموه لا تقطعوا عليه بولته
فتركوه حتي بال.. ثم إن النبي دعاه فحضر فقال له النبي هل
أنت مسلم؟
قال بلي يا رسول الله..قال فما حملك أن بولت بمسجدنا؟
فبان من كلامه أنه جاهل لا مستخف ولا معاند قال والذي بعثك بالحق يا رسول الله ما حسبته مسجدا ما ظننته إلا صعيدا من الصعدات فبولت فيه..
فأمر النبي صلي الله عليه وسلم بذنوب من الماء فأفرغ علي بولة الأعرابي وهو يقول معلما لأصحابه إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين..
ثم علم الأعرابي فقال إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاء وقراءة القرآن وقع هذا الأسلوب التربوي علي قلب الأعرابي وقوع العافية علي قلب السقيم ووقوع الثروة علي اليتيم وتحت قوة التأثير أخطأ في التعبير فقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا..
فضحك رسول الله وقال لقد ضيقت واسعا يا أخا العرب.

فما أحوج كلُّ واحد منا في موقع إنتاجه وعطائه وفي بيته ومع زوجه وولده وجاره وصحبه وبحسب ما منَّ الله به عليه من قدرات فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها أن يتحري وأن يتحسس هدي النبي عليه الصلاة والسلام ففي اتباع الهدي النبوي نجاة وأي نجاه !!!

الخطبة الثانية
بقي لنا في ختام الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم معلما ومربيا.. بقي لنا أن نقول:

قبل أيام تألمت قلوبنا وحزنت نفوسنا أن أساء أحدهم بألفاظ وكلمات ورسومات لا تليق بالنبي محمدصلي الله عليه وسلم

حق لك مسلم أن يغار علي رسول الله حق لكل غيور أن يدافع عن رسول الله وأن ينافح عنه بكل طريقة ممكنه فنصرته صلي الله عليه وسلم واجب علي كل مسلم

ومن الواجب أيضا أن نعلم أول خطوة في نصرة رسول الله أن ننصره في نفوسنا وفي بيوتنا وفي معاملاتنا وفي أخلاقنا..

من الواجب علينا أن نعلم أول خطوط الدفاع عن جناب رسول الله أن نعيش سنته أن نتحسس هديه في الأمور كلها فأني وجدناه أخذناه.

نقبل علي ربنا نخلص نوايانا نسارع الى الخير كما كان يفعل رسول الله نصل أرحامنا نحب للناس من الخير ما نحب لأنفسنا نتراحم فيما بيننا ونتصافي ونتجاوز ما استطعنا عن الهفوات والزلات...

ذلك أني أري أن حب رسول الله والغيرة عليه ونصرته والدفاع عن جنابه أفعال وليست فقط أقوال

قال العرباض خطبنا رسول الله ذات يوم فوعظنا موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيون
فقيل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟
قال عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الأمور فان كل بدعة ضلالة..

وفى الختام نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يردنا إلى هذه المعاني رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إليه أخذ الكرام عليه، وأن يرد أمتنا إلى سابق عهدها من العز والكرامة والمجد ونسأله سبحانه أن يؤلف بين قلوبنا