وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ

أحمد قوشتي عبد الرحيم

هو سبحانه المقيت الذي خلق الأقوات ، وتكفل بقوت عباده أجمعين ،و أوصل إلى كل موجود ما به يقتات

  • التصنيفات: العقيدة الإسلامية -

 

قضية الرزق ، والاهتمام الشديد بتحصيله ، والقلق من كل ما يؤثر عليه ، والانشغال الدائم بشأن الأهل والذرية وتأمين مستقبلهم : كل ذلك من الأمور الأساسية التي لا يكاد يوجد إنسان يخلو من التفكير فيها معظم وقته ، و كم انحرف أناس فأكلوا الحرام ، وارتكبوا الموبقات ، ورضوا بالذل والمهانة من جراء التعامل الخاطئ معها .

وهناك الكثير من الحقائق الشرعية في هذا الباب يتأكد ترسيخها في النفس وتذكير الناس بها ومنها :-

_ أن من مقتضيات توحيد الله سبحانه في ربوبيته : الاعتقاد الجازم بانفراده سبحانه بالخلق والملك والتدبير ، وأمر الرزق كله .

- وأن من أسمائه سبحانه " الرزاق " الذي يرزق العباد أجمعين ، ويرزق الآباء والأبناء ، والصغار والكبار " { نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} " وهو سبحانه المقيت الذي خلق الأقوات ، وتكفل بقوت عباده أجمعين ،و أوصل إلى كل موجود ما به يقتات " {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا} "

_ وأنه مع نفخ الروح في الجنين يكتب لكل أحد رزقه ، ومهما عاش في الدنيا وكد وتعب فلن يأخذ إلا ما كتب له ، وهذا المكتوب من الرزق لابد أن يصل لصاحبه لا محالة ، وفي الحديث " «إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله» " وفي رواية " « لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت» » .

_ وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها .

- وأنه سبحانه " {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } " وقد فضل عباده على بعض في الرزق " {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} " فمنهم غني ومنهم فقير ، ومنهم من يملك الثروات الهائلة ومنهم من يحصل القوت بشق الأنفس ، وكل ذلك لحكمة بالغة ، وكي يبتلي عباده بالسراء والضراء .

_ وأن معنى الرزق أوسع كثيرا من أن ينحصر في المال وحده ، فالصحة ، وصلاح الزوجة والأولاد ،وطيب النفس والرضا ، والهداية ، والعلوم بأسرها ، كل ذلك من أجل أنواع الرزق وأنفعه .

-وأنه لا يصح أن يصاب الإنسان بالهلع أو الشح بسبب نقص حال أو متوقع في أمر الرزق ، كما أن التوكل على الله ودعاءه سبحانه بصدق من أعظم أسباب تحصيل الرزق .

- ويكفي العبد أن يتأمل شيئا من نصوص الكتاب والسنة في هذه القضية المهمة ليطمئن نفسا ، ويهدأ بالا ، وإن كان ذلك لا يعني بحال ترك الأسباب المشروعة ، أو السعي في الأرض

- قال الله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}

- وقال تعالى {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ . فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُون }

- وقال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }

_ وقال النبي صلى الله عليه وسلم «لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ؛ تغدو خماصا ، وتروح بطانا » 

- وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته» .