كم سنلبث في هذه الأرض ؟

أحمد قوشتي عبد الرحيم

كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ

  • التصنيفات: الدار الآخرة -

{كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}

كم سنلبث في هذه الأرض ؟ وكم سنعيش على ظهرها ؟ وكم بقي لنا من سنين أو شهور أو أيام ؟ وما نسبة ذلك كله إلى ما مضى ، وإلى ما سوف ينتظرنا في عالم البرزخ ، وفي عالم الآخرة ؟

تلك كلها أسئلة تحتاج من العاقل الحريص على نجاته أن يفكر فيها ، وأن يتأمل قضية الزمن أو العمر ، وطبيعة الإحساس به ، وسرعة مروره ، وتسربه من بين يدي الإنسان ، وانقسامه إلى ماض ليس سوى ذكرى ، ومستقبل لم يأت بعد ، وحاضر هو تلك اللحظة التي يعيشها الإنسان .

وما أعجب أمر ابن آدم حين يبيع دينه وآخرته من أجل دنياه ، ويؤثر الفانية على الباقية !!

فما مقدار تلك الدنيا التي يضحي من أجلها ، وكم مدة لبثه وبقائه فيها ؟ وكم تساوي تلك الستون أو السبعون من السنين التي يعيشها هنا في الدنيا على ما فيها من تعب ونصب ، وهموم وغموم ، وقلق وأمراض ، وتوجس مما يأتي ، ومكدرات لا يخلو منها أحد ؟

ثم ما نسبتها إلى نسبة وجوده من قبل آلاف السنين في عالم الذر حينما لم يكن شيئا مذكورا  {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}

وما نسبتها إلى وجوده في عالم البرزخ والقبر ربما لآلاف السنين حتى تقوم الساعة { وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }

وأخيرا ما نسبتها لخلود الآبد في الآخرة ، حيث لا موت ، ولا فناء ، ولا انقضاء ، بل بقاء دائم ، واستمرار لا انقطاع له ، إما في نعيم مقيم ، وإما في عذاب مهين .

فما أخسر من باع كل هذا الخلود بأقل القليل ، وما أشبهه بمن فضل قطرة ماء على بحر خضم ، وحبة رمل على صحراء شاسعة ، وخلود الأبد على ساعة أو يوم سريع الانقضاء ، وفي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم « «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبُعَهُ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ» »

تأمل هذه الآيات وانظر ماذا سيدركه الناس حين لا ينفع الندم !!

- قال تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ . قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- وقال تعالى {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا }

- وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ .وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

- وقال تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}