الاستبدال العظيم والشعبوية الغربية
عزم الجمهورية الفرنسية على محاربة الإرهاب الذي دائماً ما يتم تجسيده في الهوية الحضارية للإسلام
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
نُشِر عدد من التصريحات الفرنسية تعقيباً على حادثة قتل المدرس سامويل باتي عقب عرضه رسوماً مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في فصله الدراسي، كان أكثرها أهمية تغريدات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثم تلاها تصريح رسمي من وزارة الخارجية الفرنسية باللغة العربية، اندرجت في سياقين الأول يؤكد عزم الجمهورية الفرنسية على محاربة (التطرف) و (الإرهاب) الذي دائماً ما يتم تجسيده في الهوية الحضارية للإسلام. والثاني يشير إلى ضمان حماية حرية الاعتقاد والدفاع عن مفهوم الحرية الشخصية في سياقه الفرنكوفوني الفرنسي.
تشير تحقيقات المدعي الخاص بمكافحة (الإرهاب)، جان فرانسوا ريكارد، إلى أن نتائج التحقيق لم تقتصر في التعامل مع الأزمة على أنها في سياق الجرم الجنائي الذي يأتي كردِّ الفعل، لكن وصفتها بـ (مؤامرة قتل إرهابية)، وهذا التصنيف يؤكد أن الجهات الأمنية الفرنسية لديها مخطط لتوسيع دائرة الملاحقة واستخدام الجريمة غطاءً يشمل نطاق عمل موسع لملاحقة الأنشطة الإسلامية تماشياً مع توجهات الحكومة الفرنسية التي تجسدت في تصريحات لماكرون قبل الحدث بأسابيع اتهم فيها الإسلام بالانفصالية والتطرف.
عقب الحادث بساعات قليلة أقدمت وزارة الداخلية الفرنسية على تنفيذ عشرات المداهمات في جميع المدن الفرنسية، وأغلقت أحد المساجد وبعض المنظمات الإغاثية كما صنفت مجموعة من الأئمة تمهيداً لطردهم، هذا السلوك الميداني ضد أنشطة متعلقة بالإسلام لا يأتي في سياق خاص مبني على حادثة قتل المدرس باتي؛ بل أضحت قيماً سياسيةً تجتاح النخبة الفرنسية بصورة خاصة والغربية بصورة عامة، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية التي أضحى وجود ميليشيات مسيحية مسلحة فيها جزءاً من هويتها الأمنية[1]، أو في أوروبا بشقيها التقدمي والشعبوي؛ ففي ألمانيا حظرت السلطات مؤخراً 18 منظمة نازية استهدفت المسلمين بأفعالها[2]، ويعتبر حزب (البديل من أجل ألمانيا) الذي جمع في انتخابات عام 2017م 13% من أصوات الناخبين الألمان أبرز الأصوات السياسية لتلك المنظمات، مجسداً بذلك رؤية جديدة للصراع الديموغرافي القائم في الكتلة الغربية التي طالما اعتبرت كتلة مسيحية لا يمكن اختراقها، وهذا الأمر اختبرته محاولات تركيا وألبانيا ذات الأغلبية المسلمة للانضمام للاتحاد الأوروبي لكنها محاولات واجهت مماطلة شديدة.
بنزعات قومية أو سياسية أو نازية أو حتى بدافع تفوق العرق الأبيض يتم حشد الصوت المسيحي في الكتلة الغربية بكاملها للتصدي لتزايد تأثير المسلمين في الحياة العامة، وهذا الأمر يشير إلى أن المعركة الغربية مع الإسلام في أوروبا والولايات المتحدة بدأت تتحول من مرحلة الاحتواء إلى الدفاع لا سيما بعد أزمة اللاجئين التي تضخمت عقب الحرب الطائفية التي دعمتها روسيا على الشعب السوري وانهيار النظام الليبي عام 2011م.
لكن بالنسبة لفرنسا فهناك أسباب تدفع تجاه احتضانها الحرب على الإسلام سواء كان ذلك يتعلق بموروثها التاريخي الصليبي الذي تبنَّى أولى الحملات الصليبية التي استهدفت الحضارة الإسلامية، أم احتضانها للثورة العلمانية التي أنهت الملكية عام 1789م وتحولت فيما بعد إلى حملة كولونيالية يقودها نابليون بونابرت استهدفت بلاد المسلمين. وأول هذه الأسباب هو أن أكثر من 6 ملايين مسلم أضحوا خلال العقود الماضية جزءاً من الهوية الفرنسية، فقد أشار تقرير نشره مركز (بيو) الأمريكي بعنوان (تزايد أعداد سكان أوروبا) إلى أن فرنسا تأوي العدد الأكبر من السكان المسلمين؛ إذ يعيش على أراضيها ما بين 5.7 إلى 8.8 مليون مسلم، تليها ألمانيا التي تضم 4.9 مليون مسلم، أي بنسبة 6.1% من مجموع السكان، ثم إبريطانيا بأربع ملايين ومائة ألف مسلم، أي 6.3% من مجموع السكان. في حين أن بلغاريا - حسب الدراسة - تضم 11% من المسلمين من بين كل السكان، تليها السويد بنسبة 8.1%[3].
عملية تحول السكان صبَّت في اتجاه تشكيل هوية خاصة بالمجتمع المسلم في قلب أوروبا تتعلق ببناء المساجد والمدارس والتجمعات الإسلامية التي تحافظ على ترابط المسلمين حتى أضحى هناك ما يسمى (الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا)، وبغضِّ النظر عن اختلاف المذاهب والمشارب التي ينتمي إليها هؤلاء إلا أنهم يسببون إرباكاً للهوية العلمانية للجمهورية الفرنسية وأصبحوا قوة ضاغطة على البيئة السياسية الفرنسية التي تستمد قيمها مثلما صرح ماكرون في خطاب تأبين المدرس باتي من (مبادئ الجمهورية)؛ ففي فرنسا يوجد حالياً (2200) مسجد وقد أعلن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن عزمه مضاعفة هذا العدد في غضون عامين[4]. وما تزال فرنسا تضيِّق على المجتمع المسلم وتحاول منع توسعه؛ فرغم سماح أنظمتها العلمانية بإنشاء 9500 مدرسة كاثوليكية و 300 مدرسة يهودية إلا أنها تتجاهل تماماً التعليم الخاص للمسلمين ولم تسمح سوى بإنشاء 30 مدرسة.
قبل الواقعة الأخيرة التي أضحت مثل هجوم (شارلي إبدو) شعلة حرب جديدة يبررها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحدث الأخير عن إجراءات ستنفذها حكومته في إطار احتواء (النزعة الانفصالية للإسلام)، عبر تدريب الأئمة المسلمين في فرنسا والحدِّ من التعليم الديني للمسلمين في المنزل، وكذلك إنشاء مجموعات محلية تستهدف الحدَّ من انتشار الإسلام ونشر مزيد من عناصر الشرطة في الأماكن التي تشهد كثافة سكانية مسلمة، وكذلك استثمار الحكومة الفرنسية في البرامج الثقافية والتعليمية التي تهدف إلى احتواء المهاجرين واللاجئين. هذا، وصمم النظام الفرنسي قوانين تمنع الهوية الإسلامية من اختراق مؤسسات الدولة سواء المستشفيات أو المدارس أو المكاتب الحكومية.
الحرب التي تُشَن من قبل ماكرون على الهوية الإسلامية بكاملها كما شخَّصها شيخ الأزهر أحمد الطيب نسفت ما كان يروج له سابقاً بـ (حوار الأديان) وكثيراً من المفاهيم التي اندرجت تحته سواء فيما يتعلق بـ (التسامح) أم بـ (الدبلوماسية الروحية)، وأخرجت الصراع من دوائر ضيقة كانت منغمسة فيها فرنسا دون ضجيج مثل حربها في مالي وغرب إفريقيا أو في سوريا أو ليبيا أو إفريقيا الوسطى، وحولته إلى تصارع حضاري أصبحت الجماهير تشارك فيه عبر المقاطعة التجارية التي طلبت فرنسا (وقفها فوراً)!
يذهب بعض المحللين إلى القول بأن استهداف مقر (شارلي إبدو) في يناير 2015م وقتل العاملين في الصحيفة من قبل ملثمين بذريعة رسْمها لبعض الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتكرار العملية مع المدرس سموائيل باتي، قد يكون في سياق متطرف أو ضمن عمل استخباري منظم هدفه استثمار أصوات اليمين المسيحي في الانتخابات الفرنسية، لكن هناك حقيقة يجب إدراكها؛ وهي أن الثقافة الفرنسية بشقيها الديني والعلماني لا تحترم الحضارة الإسلامية وتتعاطى مع كل ميراثها ضمن حالة مواجهة مستمرة بين الهوية الغربية بشقيها النصراني والعلماني، وهذا الأمر يدفع للإشارة إلى الفرق الكبير في وسائل تلك المواجهة بين كتلة غربية تعتمد على كل مواردها في هذه المواجهة، وشعوب العالم الإسلامي التي تعيش أزمة شح في خياراتها وتعتمد على الاحتجاجات الشعبية في هذه الحرب سواء كان ذلك يتعلق بالانفصال التام بين الجهود الرسمية أم مسارات العمل المدني بطرق مختلفة، فدول العالم الإسلامي جاءت متأخرة في ردود أفعالها ولم تكن على قدرٍ من المسؤولية في هذه الأزمة، بل انجرت لهذه المواقف عقب حملات شعبية استهدفت مقاطعة المنتجات الفرنسية وأربكت الدبلوماسية الفرنسية، وهذا الأمر يؤكد حالة الوعي المتأصلة في روح هذه الأمة وإدراكها لخطورة الاستهداف الذي يعيشه الإسلام، وكذلك القدر المحدود للمسؤولية التي تتحملها الدول في هذه المواجهة.
قبل 26 عاماً من قطع رأس المدرس الفرنسي (باتي)، نجا الأديب المصري نجيب محفوظ بصعوبة من محاولة الطعن في القاهرة بسبب (إهانته للإسلام) في روايته (أولاد حارتنا)، وقبل 31 عاماً صدرت فتوى بإهدار دم الكاتب سلمان رشدي المقيم في بريطانيا، بعد نشره رواية (آيات شيطانية) التي أساء فيها للإسلام... تلك الأفعال لا يمكن تصنيفها في سياق تعاطي الفقه الإسلامي مع الانحرافات التي تستهدف الإسلام أو يمكن إيجاد حاضنة شرعية إسلامية تتبناها، لكنها تشير بصورة واضحة إلى أن الدين الإسلامي أمر مقدس بالنسبة للمسلمين والكلمة العليا فيه للنص القرآن والسنة النبوية، والتعاطي مع تلك الأحداث لا يخرج بالمطلق عن التشريعات الواردة في القرآن والسنة، لكن رغم اجتهاد كثير من المؤسسات الشرعية في تفسير الأحكام الفقهية وتحديد مقاصدها يتجه بعض الناس لتفسيرها في سياقات منفردة لفقدانهم الثقة بالنظام الديني الرسمي الذي يتجاهل مواكبة الهجمة التي تستهدف الإسلام، كذلك الشاب الشيشاني الذي قطع رأس المدرس الفرنسي وقتلة العاملون في (شارلي إبدو) بقدر ما أنهم لا يمثلون التشريع الإسلامي في تطبيق العقوبة لأن إقرارها فقط يتعلق بيد الحاكم، إلا أنهم استطاعوا لفت الانتباه إلى أمرين:
الأول: هو أن الدين الإسلامي محرك ودافع قوي لسلوكيات الأفراد.
والأمر الآخر: هو عدم وجود ردع رسمي للسلوكيات المسيئة للإسلام والمسلمين سواء كان ذلك من قبل الأنظمة السياسية الغربية التي تحتضن مثل هذه السلوكيات أم من قبل بلدان العالم الإسلامي التي يجب أن يكون لها مواقف واضحة وحازمة تجاه الإساءات المتكررة، عدم وجود ذلك سيطلق العنان أمام اجتهادات فردية خاطئة من شأنها تشويه صورة الإسلام وتوسيع دائرة التطرف.
سبب آخر يدفع ماكرون للتصعيد من حملته ضد الهوية الإسلامية يتعلق بالمنافسة في الانتخابات المقبلة عام 2022م التي يعد اليمين المسيحي أكبر منافسيه فيها، فقد خرج رئيس الوزراء، جان كاستكس، عدة مرات في البرلمان الفرنسي ليؤكد إجراءات الحكومة في مواجهة الإسلاميين ليرد بذلك على صرخات اليمين المطالبة بمزيد من القمع للعمل الإسلامي في فرنسا، وخرج وزير داخلية ماكرون جيرال دارمانين، على شاشة التلفزيون الرسمي ليستنكر وجود أسواق تبيع المنتجات الحلال. هذا الأمر جاء عقب إعلان مارلين لوبان زعيمة حزب (التجمع الوطني) اليميني المتطرف قرارها بالترشح في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في عام 2022م. وتمثل لوبان اليمين الأعلى صوتاً في فرنسا. وحينما نتحدث عن اليمين الفرنسي فيجب هنا الإشارة إلى حالة فكرية وثقافية بدأت تتحول إلى أفكار سياسية في الكتلة الغربية قد اختصرها كتاب (الاستبدال العظيم) لمؤلفه الفرنسي رينو كامبو، الذي ألهم سفاح مجزرة مسجد (كرايستشيرش) المسيحي الأسترالي برينتون تارانت، بقتل أكثر من 50 مسلماً في 15 مارس 2019م. هذا العنوان الذي أصبح صرخة بين البيض والمسيحيين في أوروبا والولايات المتحدة للتصدي لـ (غزو غير البيض لفرنسا)، موجهاً تحذيرات واضحة حول الانتقاص من نقاء الهوية الأوروبية بفعل تكاثر المسلمين هناك.
يقول مؤلف الكتاب: إن ما يجري (تغير حضاري) هو الأول من نوعه على مدى خمسة عشر قرناً الماضية، وهنا يجب الإشارة إلى أن كامبو هو مرجع لكثير من المثقفين والصحفيين الفرنسيين ويعكس أيديولوجيا صاعدة في الفضاء الثقافي الفرنسي.
الأمر الآخر الذي يجب استذكاره مع حادثة المدرس الفرنسي هو هجوم العاصمة النرويجية أوسلو الذي حدث في يوليو عام 2011م وتسبب بمقتل 77 شخصاً وصنف على أنه الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية. نفذ الهجوم النرويجي المسيحي أندروس بريفيك، الذي كان أحد أتباع اليمين المسيحي المتطرف وعقب اعتقاله ومداهمة منزله عثرت السلطات على وثائق بلغت 1500 صفحة شملت مخططات معادية للمسلمين وعمليات جمع أموال بهدف التحضير للهجوم الذي نفذه، وشراءه كمية كبيرة من الأسلحة، تلك الأحداث لم يتم التعاطي معها بالطريقة نفسها التي اتبعتها فرنسا في قمع المسلمين على أراضيها وملاحقة مؤسساتهم؛ بل إن عملية محاكمة منفذ مجزرة (كرايستشيرش) استغرقت عدة أشهر وأفضت إلى سجنه دون حقه في الحصول على إطلاق سراح مشروط، ولم تغلَق منظمات يمينية أو يتم توسيع دائرة المواجهة بين الدولة واليمين المسيحي المتطرف لإغلاق مدارس أو كنائس أو الدعوة لتعديل المناهج التعليمية في نيوزيلندا أو النرويج لأن الفكرة الغربية عن مثل هذه الحالات تعد جزءاً من موروث ثقافي وتاريخي وديني، وحصناً لا يمكن الاستغناء عنه في تبرير مواجهتهم للإسلام والحفاظ على هوياتهم العرقية والقومية متحدة ضد العالم الإسلامي وتبرير استعماره وشن الحروب على بلدانه بذرائع أبرزها (الإرهاب).
تعاني أوروبا بشكل كامل بسبب أزمة اللاجئين التي أفرزت وأججت بصورة كبيرة صعود اليمين وأصبح هناك انقسام واضح يتمثل في دول شرق أوروبا بقيادتها اليمينية الشعبوية ويتصدرها رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي يرفض فكرة استقبال اللاجئين ويعتقد بصورة صريحة ضرورة التعامل مع الإسلام كعدو، وكذلك محور آخر تقدمي تتزعمه ألمانيا يدعو لاحتواء اللاجئين واستثمارهم في تعويض النقص البشري الذي أثر سلباً على الاقتصاد الأوروبي، لكن هذا الأمر يدفع أمام الاتحاد الأوروبي مجموعة متطلبات أبرزها مواجهة التحيز للهوية الدينية والعرق وكذلك تغيير صادق في قيم الهوية الأوروبية، والاعتراف بأهمية إحياء العلاقة مع العالم الإسلامي في إطار شراكة مبنية على أسس صادقة أبرزها تقديم اعتذار عن المجازر التي ارتكبتها الجيوش الأوروبية في العالم الإسلامي، لكن تلك الأرضية لن تجد آذاناً أوروبية صاغية في ظل صعود يميني ليس فقط على المستوى السياسي بل أيضاً على المستوى الاجتماعي، وكذلك رفض التحيز العرقي والديني الذي يستهدف المسلمين داخل أوروبا وخارجها والتوقف عن التعاطي مع بلدان العالم الإسلامي في سياقات استعمارية تدميرية كتجربة فرنسا في غرب إفريقيا. لكن رغم وجود كثير من المؤسسات ضمن الاتحاد الأوروبي التي ترغب بإجراء حالة اندماج تحوي التلون العرقي الموجود داخله ضمن هويته العلمانية إلا أن السلطة التنفيذية ما تزال تتبع نمطاً أكثر شعبوية هدفه الاصطفاف خلف الهوية المسيحية للاتحاد.
تشارك الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مفاوضات منذ عدة سنوات للتوصل لحل لمشكلة اللاجئين وهي بذلك تتجه في مسارين:
الأول: يتعلق بتجفيف منابع تسلل اللاجئين عن طريق الحدود التركية وهي لعبة سياسية تجيد تركيا لعبها مع الأوروبيين كونها أكبر دولة حاضنة للاجئين في الشرق الأوسط وكذلك في إطار عضويتها في حلف شمال الأطلسي وتحاول تركيا استخدام هذه الملف دائماً لتحسين علاقتها في الاتحاد.
والمسار الآخر الحدود البحرية التي تعد الشواطئ الليبية أكثرها خطورة لذلك أرسلت إيطاليا وفرنسا قوات متمركزة داخل الحدود الليبية ودعمت كلٌّ منهما تلون الوضع السياسي في ليبيا بزعم محاولة وقف تدفق اللاجئين من هناك، لكن على الرغم من تلك الجهود إلا أن العقبة الأكبر لتعطيل أي اتفاق بين أعضاء الاتحاد حول آلية توزيع اللاجئين هو انقسام الهوية السياسية لتلك الدول بين محور يرفض اللاجئين في سياقات دينية وقومية وبين محور يعتقد أن قبول اللاجئين يجب أن يكون ضمن مخطط لدمجهم واحتوائهم ضمن الهوية العلمانية لدول الاتحاد، وفي الحالتين تسعى أوروبا إلى دفعهم للتخلص من هويتهم الإسلامية سواء بالترغيب أو بالترهيب، لكن النقطة الأهم التي تتجاهلها الكتلة الغربية تتعلق بالهوية الدينية للاجئين وأهميتها كمرجع في حياتهم والمواقف السياسية والحروب التي تشارك فيها الكتلة الغربية في دول تعد من أكبر مصادر تدفق اللاجئين مثل الحرب على العراق وأفغانستان وسوريا، جميعها شاركت فيها دول الاتحاد الأوروبي وصنعت فيها بؤراً جديدة للصراع لم تكن موجودة، وأسست فيها لمزيد من التمزق وانعدام الاستقرار بزعم الحرب على (الإرهاب) الذي تتم ترجمته في صورة نهائية تتعلق بالصراع المتواصل بين الحضارة الإسلامية والهوية الغربية المسيحية.
[1] https://arabic.euronews.com/2020/09/24/profile-of-some-of-the-us-most-famous-private-armed-militias
[2]https://arabic.euronews.com/2020/01/23/germany-bans-combat-18-neo-nazi-group-launches-a-raid-and-search-campaign-in-6-states
[3] https://2u.pw/f8NZI
[4] https://cutt.us/JkXZm