كيف تُفرض العلمانية علينا
اكتشف الغرب أن الرصاص وفرض العلمانية فرضا، لا يجدي إلا لوقت محدود، فعمد إلى تغيير الأفكار وتشويهها، وتهوين العقيدة وإفسادها، حتى تنهار الأخلاق والقيم، من خلال نشر الأفكار والعقيدة العلمانية.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كتب الأستاذ: هاني مراد
بعد أن نجح الغرب في فرض العلمانية على تركيا، بقوة السلاح، وقتل الآلاف، وهدم الخلافة الإسلامية التي كانت تجمع بلاد الإسلام، ولو في رباط واهن، وجد أن ذلك النجاح القسري نجاح مؤقت، فلم تلبث الجماهير أن عادت إلى إسلامها الذي انتزع منها انتزاعا، ولو كان ذلك بعد عشرات السنين.
ومنذ أدرك مفكرو الغرب هذه الحقيقة، بدأ الغرب في تغيير أسلوب فرضه للعلمانية والقيم الغربية على العالم الإسلامي، فلجأ إلى أسلوب "التفاعل الفكري" بدلا من فرض العقيدة العلمانية قسرا، حتى يضمن استيعاب هذه العقيدة اقتناعا وليس فرضا. فقد اكتشف الغرب أن الرصاص وفرض العلمانية فرضا، لا يجدي إلا لوقت محدود، فعمد إلى تغيير الأفكار وتشويهها، وتهوين العقيدة وإفسادها، حتى تنهار الأخلاق والقيم، من خلال نشر الأفكار والعقيدة العلمانية.
وحتى ينجح هذا التفاعل، سعى الغرب إلى تغييب دور الحكومات في العالم الإسلامي، فيما يتعلق بحرية الفكر. فتركت الحكومات حرية مهاجمة الإسلام، وتحريف عقيدته وشريعته لكل مدعي تجديد الخطاب الديني الذين يهدفون إلى تزييف العقيدة وهدم القيم. بل فتحت الإذاعات والقنوات الفضائية، وأسست الصحف والمجلات والمؤسسات لهؤلاء، حتى يبثوا سمومهم الفكرية، فتصل إلى آذان الصغار والكبار، أقوى من طلقات الرصاص.
كما لجأ الغرب إلى إشاعة الحرية الفكرية دون أي قيود، إلا حرية العقيدة الإسلامية. فأصبح المسلم في بلده حرا في تبني عقائد الإلحاد والليبرالية والعلمانية والشيوعية، وكل العقائد، عدا العقيدة التي تناهض الغرب.
ويتسلح الغرب في هذه السبيل، بعلماء ودعاة ومفكرين من المسلمين، ويتسلح بشخصيات يرسمها رسما ويعدها إعدادا من أجل هذه المهمة الشيطانية.
وما زالت هذه الحرب مشتعلة في عقول المسلمين وقلوبهم، من أجل تغيير هويتهم، وإفساد عقيدتهم.