واُشربوا فى قلوبهم العجل

إيمان الخولي

وهل تداعت علينا سائر الأمم وأصبحنا فى ذيلهم إلا لحب الدنيا الذى ملأ قلوب الناس فنسوا يوم الحساب وكرهوا  ذكر الموت

  • التصنيفات: التقوى وحب الله -


إنها القصة المعروفة قصة عبادة بنى إسرائيل للعجل الذى صنعه لهم السامرى من حلى المصريين فقد  ذُُكرت  القصة فى القرآن ليس للتسلى بالحكايات والقصص ولكن لنأخذ منها العبرة والعظة من قوم جحدوا نعم الله عليهم الكثيرة من طعام (المن والسلوى ) بغير جهد وتمنوا أن يزرعوا بأيديهم وكانوا أكثر الأمم التى أُرسل إليها الرسل كذبوهم بل وقتلوهم كما أنجاهم من فرعون ومن العذاب وبالرغم من ذلك ينكثون عهدهم فى كل مرة  فقد بينت لنا الآيات كيف قابلوا نعمة النجاة من فرعون بمعجزة شاهدوها بأعينهم كفيلة أن تجعلهم يثقون فى خالقهم ولكنهم قابلوا ذلك بعبادة العجل من دون الله  أهذا حق شكر النعمة ؟! ونحن كم  مرة قابلنا نعم الله بالشكر   أنعم عليك بالولد أو بمال أو بسلطة  فيم  استخدمنا هذه النعم لطاعة الله أم نسينا ومضينا فى الحياة لسان حالنا سمعنا وعصينا كأننا أشربنا حب آلهه صنعناها بإيدينا لا نستطيع التوبة والخلاص منها وقد ملأت نفوسنا كبراً .

نعم بداخل كل منا عجل يُعبد من دونه لا يملك لنا نفعا ولا ضرا اتخذناه على علم أو غير علم فى النهاية أُشرب حبها فى القلب أسمع من يقول كيف هذا أليس تعلقك بالدنيا وزينتها من أموال وأولاد دون النظر إلى حق الله فى النعمة  جعل منها آلهة تُعبد تلهي عن رب النعمة.

إذا تأملنا فى الآيات  نجد أنهم أرادوا أن يكون لهم إله إذ يقول تعالى : "  {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} " الأعراف  ولكن لم ينفذوا ذلك إلا عند ما غاب عنهم نبيهم موسى وقتها زين لهم الشيطان أعمالهم  ونفذوا الفكرة هكذا الإنسان كلما بعد عن الأجواء الإيمانية والمحاضن التربوية وغاب دور المسجد والقرآن والصحبة الصالحة تمكن منه الشيطان وزين له الباطل فيتبعه  فمن الناس من يستفيق ويعود مسرعاً ومنهم من أُشرب  حب الدنيا وتعلق بها قلبه فلم يستطع العودة إلى الله من جديد فلنعتبر فليس بنو إسرائيل فقط هم أصحاب القصة فكل منا عنده قصة تشبه ذلك .

ترى كيف أن الله عزوجل أخذ عليهم العهود والمواثيق من قبل أن يقابلوا نعمة الله بالسمع والطاعة لأوامره ولكنهم كذبوا وكفروا بأنعم الله وهل هناك أمان لمن نقض العهد مع الله فى كل مرة كيف يثق فيه البشر فاعتبروا يا أولى الألباب   ،ونحن كم مرة قابلنا أوامر الله بالسخط والمجادلة بالباطل كمن تقول أقنعنى بالحجاب أو الصلاة أو الزكاة وهذا ليس إلا أنه صنع لهواه صنماً يعبد من دون الله داخل نفسه يأبى إلا أن يغلب الهوى على أوامر الله تماما كما فعلت بنو إسرائيل مع شرع الله إذ تحايلت عليه  لهواً فى نفسها   إذ يقول تعالى :"   {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ  وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ  ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ  وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} [(146) الأنعام]

فماذا فعلوا ؟؟؟؟ أذابوا الشحوم والدهون واستخدموها فى صناعات متعدد ة وهكذا فى الربا تحايلوا على الشرع ليقنعوا الناس به  وزينوه بكافة الأشكال  فأصبح الناس معظمها يعيش بالحرام  وما تبعهم الناس وساروا على نهجهم إلا لأنه صادف هوى عند الناس وحب للمادة اُشرب قلوبهم

وهل تداعت علينا سائر الأمم وأصبحنا فى ذيلهم إلا لحب الدنيا الذى ملأ قلوب الناس فنسوا يوم الحساب وكرهوا  ذكر الموت فعلى كل منا أن يبحث فى حياته هل من شىء أشرب قلبه أكثر من حب الله فيُسرع للتوبة وتحطيم هذه الأصنام  داخل النفس والإخلاص فى عبادة الله وحده  ولنتذكر أن توبة بنى إسرائيل التى ارتضاها لهم ربهم أن يقتل بعضهم بعضاً وتلك عقوبة من شدد على نفسه وأُعطى الفرصة تلو الفرصة ولم يتب وعلينا أيضا أن نربط النعم بالمنعم فى كل مرة حتى لا نظن إنما اُوتينا النعمة  لعلم عندنا أو لفضل منا وأن نتتعرف إلى الله من خلال ما نتأمله من أحداث يومية تمر بنا وبالأمة فنعرف أنه لا ملجأ منه إلا إليه وكثرة ذكر الموت ولقاء الله يوم القيامة يوم يتبرأ كل معبود ممن عبدوه من البشر ويتخلى كل شريك عن شريكه  إذ يقول  المولى عزوجل  يومها :" «أنا أغنى الشركاءعن الشرك» "حتى لا يصيبنا ما أصاب كل أمة أشركت بالله وجحدت نعمه  .