فضائيات تغيب العقل، وأخرى تغازل الجسد وتنتهك العادات
علينا أن نوقف هذه الموجة المتصاعدة من التوجُّهات والأفكار والقيم، التي تأخذنا إلى الهاوية، وتفرغ عقول أبنائنا مما تعبنا في جمعه واستقراره، وعلى الأسر أن تنتبه لذلك، وخاصة الأسر التي تربي البنات؛ لأنَّ البنت إذا فسدت، فسد المجتمع كله؛ لأنَّها من ستربي جيلَ المستقبل..
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - الغزو الفكري -
• إلى أين تأخذنا الشاشات؟
• المطوع: أقول لكل من تخصص في الإفساد: اتق الله.
• التركي: المواجهة المضادة هي الحل.
• البارون: يعرضون كل ما هو مثير وغريب والمهم الأرباح.
• الحويلة للآباء: حصِّنوا أبناءكم بالأخلاق والدين والثقافة.
في تلك الأوقات العصيبة التي تَمُر بها أمتنا العربية والإسلامية، والتي نحتاج فيها إلى تضافر الجهود وتلاقي العقول؛ للارتقاء بمستوى الفكر العربي، امتلأت الفضائيَّات بكل ما يملأ فراغًا ويضيع وقتًا، وبكل ما لا يتوافق مع ما تربَّينا عليه من عادات وتقاليد، آخذين الكثير من الأفكار؛ إما تقليدًا لأفكارٍ لا تُناسبنا، وإما تسطيحًا، فلا فكرَ ولا عُمْقَ ولا ابتكار، فإلى أين تأخذُنا شاشة العرض؟ هل لنرتقيَ ونعلوَ، أو لنهبط وندنو، ولمصلحة من هذا التردي؟!
حول كيفية التصدي لتلك الموجات العالية من الرسائل السلبية، التي يقذف بها في بيوتنا، فتمتلئ بها عقولنا، وتختنق بها صدورنا، ماذا يقول المفكرون والإعلاميون؟
يقول د. خضر البارون أستاذ علم النفس بجامعة الكويت:
الهدف ربحي
بعض الإعلاميين والقائمين على الإنتاج الفني يتجهون إلى إثارة قضايا تجذب إليهم أكبر قَدْر من المشاهدين، حتى لو أدَّت إلى تدهور الذوق العام وتغذية العقول بكل ما يُخالف عاداتنا وما تربَّينا عليه؛ بهدف جذب المعلنين وزيادة الأرباح، ولكن هذا ليس هو الدور الأصيل للإعلام، الذي ينبغي أن يكون دورًا مؤثرًا وفاعلاً بما يقدمه من رسائل إيجابية تُعزِّز القيم المجتمعية مثل قيم الانتماء والصدق والخير، وليس فقط التركيز على كل ما هو سلبي.
أما الكاتب الصحفي أحمد التركي - رسائل مضادة - فيقول: الإعلام يجب أن يكون نافذة المجتمع للوصول للأفضل في الفكر والذَّوق العام والتربية، فأطفالُنا وشبابنا يأخذون منه مبادئهم ومعلوماتهم، فتتشكل شخصيتهم وهويتهم، وهو أمر غاية في الخطورة، وعلى الإعلاميِّين أن يكونوا على قَدْر هذه المسؤولية، أمَّا أصحابُ الرسائل السلبية، فلا حَلَّ لهم إلا بمواجهتهم بالرسائل المضادة، فحتمًا الجيدُ يطرد الرديء.
وعن ذلك تقول أ. خولة العتيقي الكاتبة والناشطة:
ميثاق شرف:
ليس كل ما يُعرف يُعرض، وليس كل ما يُسمع يُنشر، لا بُدَّ أن نبحثَ عن المصداقية، كذلك هذا الغَثُّ من البرامج والمسلسلات، لا بد أن يكون هناك ميثاق شرف يضعه المسؤولون على الإعلام في الدول العربية يخضع له كل ما يعرض ويدخل إلى البيوت للاتفاق على ما يعرض ويناسبنا، وما لا يناسبنا، ومِنْ ثَمَّ لا يعرض، ولا يترك الفضاء هكذا للأهواء وللضمائر الخربة، كلٌّ يصب به بما يرى ويهوى، وعلى الناس أنفسهم أن يكون لديهم الوعي والثقافة التي تُمَكِّنهم من فرز السيِّئ ورفضه من الجيد والالتفاف حوله.
هجمة شرسة:
وفي السياق نفسه ترى أ. سمية المطوع - مدير عام مدارس الرسالة ثنائية اللغة - أنَّ الوضع أصبح صعبًا جدًّا، فتقول مستنكرة: هناك هجمة شرسة تتعرض لها الأمة تريد أن تخلع عنها رداء القيم والمبادئ التي تدثَّرت به قرونًا من الزمان، وعلينا أن نوقف هذه الموجة المتصاعدة من التوجُّهات والأفكار والقيم، التي تأخذنا إلى الهاوية، وتفرغ عقول أبنائنا مما تعبنا في جمعه واستقراره، وعلى الأسر أن تنتبه لذلك، وخاصة الأسر التي تربي البنات؛ لأنَّ البنت إذا فسدت، فسد المجتمع كله؛ لأنَّها من ستربي جيلَ المستقبل، فعلى الأم أن تنتبه ألا يكون جهازُ التليفزيون في حجرة الابن أو الابنة، أو جهاز الكمبيوتر، وأن تختار معهم ما يرونه؛ لينمي فكرَهم، ويُعزز قيمهم، وأن يكون وقت المشاهدة مُحَددًا وليس على إطلاقه، وأقول للإعلاميين الذين تَخصصوا في الإفساد وفي تشويه كل ما هو جميل وأصيل في الوطن العربي كله، وليس في منطقتنا فقط، أقول لهم: أنتم تُقدِّمون كل ما هو بذيء وينافي ما تربينا عليه من مبادئ وأخلاقيات أصيلة تَميزت بها مجتمعاتنا، فاتقوا الله واعلموا أنكم ستحاسبون.
وأخيرًا توجز د. أمثال الحويلة أستاذة علم النفس بجامعة الكويت كيفية مواجهة الأسرة للإعلام السلبي، فتقول: من باب المسؤولية التي هي واجب ديني على كل ربِّ أسرة وكل مربٍّ، أولاً: أن يبدأ بنفسه؛ لأنه مرآةٌ لأبنائه بأن يكونَ قدوة لأفراد الأسرة، وأن يتحكم في نوعية ما يدخله إلى بيته من أقمار صناعية؛ لأنَّ هناك أقمارًا مفتوحة على مصراعيها، ووضع شفرة للقنوات التي يرى بها ما يؤثر سلبيًّا على أفراد أسرته.
ألا ينفرد الابن أو الابنة بجهاز التليفزيون أو الكمبيوتر في غرفته، وخاصة إذا كان في سنٍّ صغيرة، أو في فترة المراهقة.
أنْ يُلاحق الأم والأب هذا التطور الهائل في الإعلام بجميع نواحيه بالتثقيف المستمر، والاطلاع على كل جديد، والآن انتشرت المعاهد والدورات التي تقوم بذلك؛ لمعرفة ما يطّلع عليه الأبناء ومشاركتهم فيما يفعلون ويشاهدون.
وضع أسس يقوم عليها البيت بتحديد ساعات للمُشاهدة أو الجلوس على جهاز الكمبيوتر، وأن تطبق على الجميع.
الصداقة والحوار الدائم والمفتوح بين أفراد الأسرة؛ لسهولة الإقناع والوصول إلى عقولهم وقلوبهم، وأن يكون لدينا إجابات واضحة ومقنعة لكل الأسئلة التي نتلقَّاها منهم، أو الاستعانة بمتخصِّصين في التربية أو الدين، وغير ذلك من أمور الحياة المختلفة.
تلك الآلة الإعلامية الخطيرة متعددة الآراء والتوجهات لا بُدَّ أن يقابلها حصانة أخلاقية ودينية وثقافية واسعة، نزرعها بحب وإقناع في نفوس أبنائنا؛ حتى لا تأخذهم التيارات والاختلافات إلى التخبُّط والتشتت في الأفكار، فيشبُّوا بشخصيات مشوشة غير سوية.
_____________________________
الكاتب: هناء رشاد