فوائد من مصنفات العلامة ابن عثيمين: نصائح وتجارب لطلب العلم
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
فأقول...الذي يُريدُ أن يطلب العلم: اختر من يُعرف بسلامة العقيدة وحُسن القصد وسلامة المنهج, فهذا لا بُدَّ منه, وإذا اخترت مثل هذا العالم فإنه يُرجى لك النجاح
- التصنيفات: طلب العلم -
{بسم الله الرحمن الرحيم }
العلم خير ما أعطي الإنسان بعد الإسلام:
قال الشيخ رحمه الله: لا شك أن العلم أشرف ما يلقاه الإنسان بعد الإسلام, فهو خير من المال, وخير من الأولاد, وخير من الأزواج, وخير من الدنيا كلها, وانظر إلى العلماء الذين نور علمهم بين أيدينا اليوم...صاروا يدرسون الناس وهو في قبورهم, وهذه فضيلة عظيمة للعلم, فما أعطي الإنسان بعد الإسلام خيراً من العلم...فيجب على طالب العلم أن يشكر الله تعالى على نعمته عليه, حيث خصه بالعلم الذي حرمه كثيراً من الناس.
تعلم العلم وتعليمه من ذكر الله:
قال الله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودِي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [الجمعة :9]
قال الشيخ رحمه الله: قوله : إلى ذكر الله [يُفيد أن الخطبة من ذكر الله تعالى, ونستفيد من هذا فائدة مهمة, وهي أن العلم تعليمه وتعلمه من ذكر الله تعالى, لأن الخطبة ما هي إلا تعليم للعلم, وتعلم له.
من طلب العلم لنصرة هذا الدين فسيجد انشراحاً في صدره:
قال الشيخ رحمه الله: لو شعرنا أننا نطلب العلم ونحن مجاهدون في سبيل الله, لصارت صدورنا أشد انشراحاً...أنا أقول: طالب العلم يجب أن يقصد بطلب العلم نصرة هذا الدين, وحماية هذا الدين من أعدائه, وبهذا ينشرح صدره.
الإخلاص في طلب العلم الشرعي:
قال الشيخ رحمه الله: نصيحتي لكل إنسان دخل في جامعة يطلب فيها العلم الشرعي وما يسانده من العلوم أن يخلص لله تعالي في طلب العلم, بأن ينوى بذلك رفع الجهل عن نفسه, وعن غيره من المسلمين بأن ينوي بذلك حفظ شريعة الله وحمايتها من أعدائها, وأن يذود عنها بقدر المستطاع بمقاله وقلمه, حتى يؤدي ما يجب عليه, وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: العلم لا يعدله شيء لمن صلُحت نيته. قالوا: وكيف ذلك يا أبا عبدالله؟ قال: ينو بذلك رفع الجهل عن نفسه وعن غيره, وقال رحمه الله: "تذاكُرُ بعض ليلةٍ أحبُّ إلي من إحيائها" وهذا يدل على فضيلة طلب العلم, لكن بشرط الإخلاص.
طلب العلم على العالم المعروف بسلامة العقيدة, والمنهج, والمقصد:
قال الشيخ رحمه الله: اختر العالم المعروف بسلامة العقيدة, هذه واحدة.
والمعروف بسلامه مقصده يعني أنه لا يقصد الرياء والفخر والعلو على الناس.
ثالثاُ: سلامة المنهج, لأن بعض العلماء عقيدته سليمة, وبعض العلماء إرادته سليمة أيضاً, ولا يُريد العلو ولا الاستكبار, لكن منهجه رديء, فيتكلم في عيوب غيره, ولا يتكلم في عيوب نفسه.
فأقول...الذي يُريدُ أن يطلب العلم: اختر من يُعرف بسلامة العقيدة وحُسن القصد وسلامة المنهج, فهذا لا بُدَّ منه, وإذا اخترت مثل هذا العالم فإنه يُرجى لك النجاح
الحذر من الأخذ عن أهل البدع:
قال رحمه الله: أهل البدع عفاريت يأتون بأساليب إذا قرأها الإنسانُ قال ما شاء الله هذا كلام طيب, وهذا كلام حسن فيغترُّ بها...ولا شك أن أهل الباطل في كتبهم يُزخرفون القول ويُزينونه بالعبارات حتى يظن القارئُ أنه حق فيلتبس عليه الأمر.
وقال رحمه الله:الأخذ عن أهل البدع يسأل عنها بعض الطلبة وهي أخذ العلم عن عالم معروف ببدعة من البدع لكنه متقن لفنًّ من الفنون كالنحو أو الفرائض, فما الحكم ؟الجواب: أن الأخذ عن هؤلاء يُخشى منه أمران:
الأول أن هؤلاء المبتدعة عندهم ذكاء وفطنة, وغالبهم عندهم بيان, فيُخشى أن يستجرُّوا هؤلاء إلى بدعتهم, ولو على الأقل بالأمثلة – إذا كانوا يدرسون في النحو مثلاً-الثاني: أنه إذا تردد إليهم الإنسان الموثوق, اغتر الناس بذلك, فظنوا أنهم على حق...فلهذا يجد الحذر بقدر الإمكان, والعلم الذي عندهم –بحمد الله- قد يكون عند غيرهم من أهل السنة.
التعلم الجاد:
قال الشيخ رحمه الله: قال البخاري رحمه الله: ( وإنما العلم بالتعلم) أي: ما العلم إلا بالتعلم, فليس العلم يأتي هكذا هدية للإنسان كأنه طبق طعام, بل هو بالتعلُّم, وأيضاً بالتعلم الجاد لا بالتعلم المتقطع, ولا بالتعلم المتماوت, ويُقال: اجعل كلك للعلم يأتك بعضه وإن جعلت بعضك للعلم فاتك العلم كله فلا بد من التفرغ التام للعلم والاجتهاد التام والمذاكرة والمناقشة, لأن المذاكرة تحفظ العلم والمناقشة تفتح فهم الإنسان حتى يستطيع أن يعرف الأدلة ويستنتج الأحكام منها ويعرف كيف بتخلص من الأشياء المتشابهة والمتعارضة وهذا أمر مُجرب.
أبرك العلم ما يحصل في المساجد على المشايخ:
قال الشيخ رحمه الله: العلم لا يقتصر طلبه في الحضور إلى الكليات ودراسة موادها, بل إن من أبرك العلم تحصيلاً وتأثيراً في النفس وفي العمل والمنهج هو ما يحصل في المساجد, فما أبرك علم المساجد لأن المساجد فيها خير وبركة, ولذلك أنا أقول لكم عن نفسي : إن العلم الحقيقي الذي أدركته هو العلم الذي قرأته على المشايخ, وإن كنت استفدت من الجامعة في فنون أخرى, لكن العلم الراسخ المبارك هو ما يدركه الإنسان عند المشايخ...ولذلك أنا أحثُّ الطلاب على ألا يقتصروا على مواد الجامعة إذا كان لديهم وقت وقدرة.
أهمية الحفظ لطالب العلم:
قال الشيخ رحمه الله: قد أراد بعض الناس أن يمكروا بنا, فقالوا لنا : " إن الحفظ لا فائدة فيه, وأن المعنى هو الأصل, ولكن الحمد الله أنه أنقذنا من هذه الفكرة, وحفظنا ما شاء الله أن نحفظ من متون النحو وأصول الفقه والتوحيد, وعلى هذا فلا يستهان بالحفظ, فالحفظ هو الأصل, ولعل أحداً منكم الآن يذكر عبارات قرأها من قبل مدة طويلة, فالحفظ مهم لطالب العلم, حتى وإن كان فيه صعوبة, وقال رحمه الله: الطريقة المثلى لحفظ القرآن الكريم أن تحفظه وأنت صغير السن...ففي حفظ القرآن حال الصغر فائدتان :
الفائدة الأولى : سهولة الحفظ.
الفائدة الثانية : رسوخ المحفوظ في القلب بحيث لا ينساه.
الوقت المناسب لحفظ القرآن الكريم:
قال الشيخ رحمه الله: أما الوقت فأحسن ما يكون في أول النهار إذا صليت الفجر أن تقرأ القرآن لتحفظه.
الوقت المناسب للمراجعة:
قال الشيخ رحمه الله: أحسن ما رأيت في العلم أن الإنسان إذا حفظ شيئاً اليوم يقرؤه مبكراً في صباح اليوم التالي, فإن هذا مما يعين كثيراً على حفظ ما حفظه في اليوم, وهذا شيء فعلته فكان مما يعين على الحفظ الجيد.
الاعتناء بتفسير القرآن الكريم
قال رحمه الله: هنا مسألة: وهي أني أريد أن أنبه طالب العلم أنه يجب عليه أن يعتني بالتفسير فكثير من طلاب العلم يعتني بالعقيدة وهذا طيب, وكثير منهم يعتني بالفقه وهذا طيب وكثير منهم يعتني بالحديث وهذا طيب أيضاً ولكن فيما أرى-والعلم عند الله-قليل من يعتني بالتفسير وهذا من العجائب, فالقرآن الكريم مملوء من كل خير, أحياناً تحاول أن تطلع على كلام الفقهاء في حكم مسألة من المسائل وتحاول فلا تجدها وإذا هي موجودة في القرآن والله عز وجل يقول: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكُل شيءٍ} [النحل:89] ولهذا القرآن فيه كنوز عظيمة, حتى إن الإنسان يقف أحياناً يتأمل ما وجه ارتباط هذا بهذا, أو ما وجه كون هذه الكلمة مرفوعة أو منصوبة أو ما أشبه ذلك, فعليك بالتفسير, لكن لو قرأ طالب العلم في التفسير دون أن يسبق له شيء من علوم الآلة كعلوم اللغة بفروعها قد لا يدرك شيئاً.
طريق العلم يشمل الطريق الحسي, والطريق المعنوي:
قال الشيخ رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ( «من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً » ) يشمل الطريق الحسِّيَّ, كأن يتردد الإنسان من بيته إلى مكان العلم, والطريق المعنوي, وذلك بالتفكر والتَّدبر, وقراءة الكتب, والمُباحثة مع أهل العلم والإخوان, كل هذا طريق يُوصل إلى العلم.
أسباب الفتور عن طلب العلم:
قال الشيخ رحمه الله: أسباب الفتور في طلب العلم أو غيره من فعل الطاعات
أولاً: ضعفُ الهمَّة والعزيمة, وإلا فالإنسان ينبغي كلما ازداد في طلب العلم أن يزداد نشاطاً, لأنه يجد زيادةً في معلوماته, فيفرحُ كما بفرح التاجر إذا ربح في سلعة فتجده ينشط...ذلك طالب العلم ما دام جاداً في طلبه الصادق, فإنه كلما اكتسب مسألة ازداد رغبةً في العلم, أما الإنسان الذي لا يطلب العلم إلا ليقضي وقته فقط, فهذا يلحقه الفتور والكسل.
ثانياً: إن الشيطان يُيئِّسُ طالب العلم, يقول: المدى بعيد! ولا يمكن أن تُدرك ما أدرك العلماءُ, فيكسل ويدعُ الطلب, وهذا غلط.
ثالثاً: مصاحبةُ الأشقياء, فإن الصحبة لها تأثير على الإنسان...حتى إنها تؤثر على الإنسان لا في ترك طلب العلم بل حتى في العبادة.
رابعاً: التلهي عنه بالمغريات, وإضاعة الوقت, مرة يخرجُ, ( يتمشى), وبعض الناس يكون مفتوناً بمشاهدة ألعاب الكرة, وما أشبه ذلك.
خامساً: إن الإنسان لا يُشعرُ نفسه بأنه حال طلبه العلم كالمجاهد في سبيل الله, بل أبلغ, يعني: إن طلب العلم من حيث هو أفضل من الجهاد في سبيل الله, لا شك في هذا, لأن طالب العلم يحفظ الشريعة ويُعلمُها الناس, والمجاهدُ غايةُ ما فيه أنه يصدُّ واحداً من الكفار عن التأثير في الدين الإسلامي, لكن هذا ينفع الأمة كلها.
هذا ما حضرنا الآن من أسباب الفُتور في طلب العلم, فعليك أيها الطالب أن تكون ذا همةٍ عاليةٍ, وأن تترقب المستقبل وأنك بإخلاصك النية لله قد تكون إماماً في الإسلام
أسباب زيادة العلم:
قال الشيخ رحمه الله: العلمُ يزدادُ بأسباب:
السَّببُ الأولُ: بذل العلم والتعليم, فتعليم العلم من أسباب الزيادة
السبب الثاني: المُراجعةُ للكتب, يُراجع الإنسانُ الكُتُب المُؤلفة في العلم ويُطالعها.
السبب الثالث: العملُ بما علم, فإن الإنسان إذا عمِل بما علِم زاده الله علماً, قال الله تبارك وتعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} [محمد:17] وقال تعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هُدى} [مريم:76] وقال تعالى: ) {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون} [التوبة:124-125]
السبب الرابع: البحث مع الزملاء, ومع الأساتذة, ومع كل من تستفيدوا منه في البحث معه فإن البحث يُزيدُ العلم.
السبب الخامسالمواظبة والمثابرة على العلم دراسة وتحصيلاً ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لهو أشدُّ تفلتاً من الإبل في عُقُلها»
ولا تظنُّ أن العلم ينالُ براحة الجسم, فالعلم لا ينال إلا بالتعب: التعب الفكري والبدني, وأما يريده بعض الناس من أنه ينال العلم بلا تعبٍ, فهذا خطأ في التفكير, وخطأ في التقدير أيضاً, يقول بعض العلماء: أعطِ العلمَ كُلك تُدرك بعضه, وأعطه بعضك يفوتك كُلُّه, فلا بد من المثابرة على العلم حتى يبقى ويزداد.
أسباب اختلاف الناس في الفهم:
قال الشيخ رحمه الله: الناس يختلفون اختلافاً كثيراً في الفهم من وجوه متعددة:
أولاً: بالإيمان, فإنه كلما قوي إيمان الشخص قوي فهمُه في شريعة الله تعالى, سواء من الكتاب أو السنة, لأن الإيمان نور يقذفه الله تعالى في القلب, فيُبصرُ به ما لا يُبصرُهُ غيره.
ثانياً: بالعمل الصالح, فإن الإنسان يزدادُ بالعمل الصالح فهماً في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, قال الله تبارك وتعالى: {ويزيد الله الذين اهتدوا هُدى} [مريم:76] وقال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} [محمد:17]
ثالثاً: كثرة القراءة والتَّدبُّر في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, لقول الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أُولوا الألباب} [ص:29] وقال تعالى: {وهذا كتاب أنزلناه مُبارك} [الأنعام:92] وقال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر} [القمر:17] فمتى كثرت مُمارسةُ الإنسان لقراءة القرآن والأحاديث النبوية, وتدبره لما فيهما من المعاني ازداد فهماً.
رابعاً: الفهم الغريزيّ, الذي يمُنُّ الله تعالى به على من يشاء من عباده فإن الناس يختلفون في الفهم الغريزي اختلافاً كثيراً,
خامساً: قلة الشواغر, فإن الذهن آلة إذا أشغلتها بشيء انشغلت به عن الشيء الآخر, ولهذا لا ينبغي لطالب العلم أن يشتغل بالأشياء الجانبية التي لا تُعينه على علمه, لأن هذه مع تضمنها إضاعة الوقت هي أيضاً تُدمرُ الذِّهن وتُشتِّته, وتجعله يتكلم بما ليس فيه فائدة, بل بما فيه مضرة.
عدم الانشغال عن طلب العلم بتتبع الأخبار والأحداث:
قال رحمه الله: هناك فقه...ظهر أخيراً وهو الفقه بالواقع الذي علق عليه بعض الناس وقالوا: من لم يكن فقهياً بالواقع فليس بعالم, ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( «من يُرد الله به خيراً يُفقه في الدين» ) ثم غفلوا عن حقيقةٍ واقعةٍ وهي : الاشتغال بفقه الواقع يشغل صاحبه عن فقه الدين, بل رُبما يشغله عن التعبد الصحيح, وهو عبادة الله وحده...والحقيقة ان إشغال الشباب بتفقه الواقع صدّ لهم عن الفقه في دين الله, لأن القلب وعاء إذا امتلاء بشيءٍ امتنع عن الآخر, فلا يمكن أن يمتلئ بهذا وهذا, فإشغال الإنسان بالفقه في الدين وتحقيق العبادة والتوحيد والإخلاص خير له من البحث عن الواقع, وماذا عن فلان ؟ وماذا عن فلان ؟ وربما يتلقون فقه الواقع من روايات ضعيفة أو موضوعة في وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية, أو يبنون فقه واقع على تقديرات وتخمينات يقدرها الإنسان...وصاحب فقه الواقع يعلل بتعليلات قد تكون بعيدة من الواقع, أو ينظر إلى أشياء خطط لها الأعداء من قبل على واقع معين, تغير هذا الواقع وزال بالكلية, فأصبحت هذه الخطط لا شيء.
قال الشيخ رحمه في الله: أما من يُريدك بدلاً من أن تركز على طلب العلم تتتبع الإذاعات وماذا حدث في العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه, فهذا غير صحيح, ولا شك أن الإنسان يهتم بأمور المسلمين, لكن ليس معناه أنه ينشغل بها عما هو أهم, وهو تضيع لوقته, لأنه في الحقيقة هذه المشاكل الآن ليس باستطاعتنا حلُّها...وعندي أن طلب العلم في قمة ما يقوم من الأشياء بعد أركان الإسلام, لأن الناس الآن عندهم ضلال...فلا بد أن يكون هناك أناس يتخصصون في العلم ويرتقون فيه ويُعرفون بين الناس حتى يهتدي بهم الناس.
الرجوع إلى الكتاب والسنة عند طلب حكم مسألة من المسائل:
قال الشيخ رحمه الله: والعجيب أني أحياناً وهذا عن نفسي أطلب حُكم مسألةٍ من المسائل, فيما عندي من كتب الفقهاء, وفيما أعرفه من السنة, ولا أجدها, ثم أتأمل في آية من القرآن توحي بحكم هذه المسألة, فإذا تأملت وجدت الحكم في القرآن, فيطمئن الإنسان إلى القرآن {تبياناً لكُل شيءٍ} وهداية لكل حائر.
وقال: نحن جربنا بأنفسنا فأحياناً تمر بنا المسألة نطلبها فيما عندنا من كتب أهل العلم فلا نجد لها حكماً, ثم إذا رجعنا إلى كتاب الله وسنة ورسوله صلى الله عليه وسلم, وجدناه قريبة يتناولها اللفظ بعمومه, أم بمفهومه, أو بإشارته, أو بلازمة, أو غير ذلك من أنواع الدلالة المعروفة.
أهمية معرفة الأصول والقواعد والضوابط:
قال الشيخ رحمه الله : لا بد من معرفة الأصول والقواعد, ومن لم يعرف الأصول حرم الوصول, وكثير من طلبة العلم تجده يحفظ مسائل كثيرة, لكن ليس عنده أصل, لو تأتيه مسألة واحدة شاذة عما كان يحفظه ما استطاع أن يعرف لها حلاً, لكن إذا عرف الضوابط والأصول استطاع أن يحكم على كل مسألة جزئية من مسائله, ولهذا فأنا أحثُّ إخواني على معرفة الأصول والضوابط والقواعد لما فيها من الفائدة العظيمة, وهذا شيء جربناه, وشاهدناه مع غيرنا على أن الأصول هي المهم
الخير في كلام السابقين:
قال رحمه الله: من خلال طلبي للعلم وجدت كل الخير في كلام من سلف ولهذا تجد العلماء السابقين يتكلم أحدهم بنحو سطرين أو ثلاثة فتحصل منها على خير كثير.
نصيحة بقراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمهما الله
قال الشيخ رحمه الله: أنا أنصح إخواني طلبة العلم بقراءة كتب شيخ الإسلام رحمه الله وابن القيم...وقد أوصى بهما شيخنا رحمه الله عبدالرحمن بن سعدي لأنه رحمه الله انتفع بكتب الشيخين انتفاعاً كبيراً, ونحن انتفعنا بهما والحمد لله, فنشير على كل طالب علم أن يقرأهما وينتفع بهما.
عدم الاستعجال والإفتاء بقول أكثر أهل العلم بخلافه:
قال الشيخ رحمه الله: إذا كان أكثر الناس على قول مثلاً, وأنت ترى أن خلافه هو الأصح, فلا تستعجل, لأن كون أكثر الأمة بخلاف ما فهمت, هذا يدلُّ على أن وراء فهمك شيئاً, لهذا كلما قوي الخلاف في مسألة من المسائل, أو كان أكثر أهل العلم عليه, فلا تعدل عنه إلا بعد التريث الشديد.
وقال رحمه الله: الإنسان إذا توهَّم حكماً دلَّ عليه الكتاب والسنة والجمهور على خلافه فإن الواجب عليه أن يتأني وألا يُقدم على الفتوى به أو العمل به, لأن مخالفة جمهور العلماء لها قيمتها ووزنها, كيف يكون جمهور العلماء على هذا وأنت تفهم شيئاً آخر ؟! تأنَّ في الموضوع, ولهذا نجد الذين يتسرعون الآن إلى الأقوال الشاذة يكثرُ منهم الخطأُ.
وصية نافعة من عامي للشيخ ووصية الشيخ بها:
قال الشيخ رحمه الله: لقد أوصاني رجل من عامة الناس, قال لي : يا بُني احرص على نشر العلم حتى في المجالس كمجالس القهوة أو الغذاء أو ما أشبه ذلك, ولا تترك مجلساً واحداً إلا وأهديت إلى الجالسين ولو مسألة واحدة, أوصاني بذلك وأنا أُوصيكم بذلك لأنها وصية نافعة.
عدم ربط الحق بالرجال:
قال سائل للشيخ: فضيلة الشيخ أستأذنكم في قصيدة أتلوها: يا أمتي
إن هـذا الليـــــــــــــــل يعقبه فـــــجـرُ وأنــــــــــــواره في الأرض تنتشــــــــرُ
والخير مُرتقب, والفــــــتح منــــتظر والحقُّ رغم جهود الشرِّ مُنتصرُ
وبصُحبة بــــارك البـاري مســــــــيرتها نقيةٍ ما بها شــــــــوب و كــــدرُ
ما دام فينا ابن صالح شيخ صحوتنا بمثلــــــــه يُرتجـى التأييدُ والظفــــرُ
قال الشيخ رحمه الله: أنا لا أوافق على هذا البيت, لأني لا أُريدُ أن يربط الحقُّ بالأشخاص, كل شخص يأتي ويذهب, فإذا ربطنا الحقَّ بالأشخاص, فمعناه أن الإنسان إذا مات, فقد ييأس الناس من بعده, فأقول: إذا كان يمكنك أن تبديل البيت الأخير بقول: " مادام كتاب الله وسنة رسوله " فهذا طيب, وأنا أنصحكم ألا تجعلوا الحقَّ مربوطاً بالرجال.
حبس النفس على طلب العلم:
قال الشيخ رحمه الله: العلم يحتاج إلى تعب...الذي يريد أن يستريح لا يقول : إنه طالب علم, فلا بد لطالب العلم أن يكون طالب علم على سبيل الحقيقة, وسيجد أثر ذلك فيما بعد, سيجد النتيجة والتحصيل, وهو قد يشق عليه في أول الأمر أن يحبس نفسه على العلم, لكن إذا اعتاد حبس نفسه على العلم صار ذلك سجية له وطبيعة له, حتى إنه إذا فقد ذلك الحبس انحبس, وجرِّب تَجِد, فأنا قد جربت وغيري قد جرب, فإذا حبست نفسك على العلم فإنك تفقد ذلك الحبس لو تأخرت عنه...فالله الله على الحرص على طلب العلم...الذي يريد العلم لا بُدَّ أن يُكبَّ عليه وأن يجتهد, وهو وأن أتعب جسمه الآن سيجد الراحة فيما بعد.
مراجعة المسائل للوصول إلى الحق لا لنصر القول:
قال الشيخ رحمه الله: ينبغي لطالب العلم عندما يبحث عن مسألةٍ أن يبحث عنها, لأجل أن يصل إلى الحق, لا لأجل أن ينصر قوله – ونسأل الله العافية- بمعنى: افرض أنك اختلفت أنت وزميلك في مسألةٍ, وأردت أن تحقق ما قلت, فأنت عندما تُراجع وتبحث لا تجعل رائدك أن تنتصر لنفسك, فإنك ربما تحرم الوصول إلى الحق, لكن اجعل رائدك الوصول إلى الحق, عسى أن يكون معك فتحمد الله تعالى أن يسَّر لك الوصول إليه, وأن جعل بيان الحقّ على يدك, أو يكون مع خصمك فتحمد الله تعالى أن الله تعالى يسّر لك الرجوع عن الباطل, وهيّأ لك الوصول إلى الحق, فأنت على كل تقدير في نعمة...وهذه مسألة صعبة جداً على النفوس, أن يراجع الإنسان في مثل هذه الأمور لأجل الوصول إلى الحق, فإن كثيراً من الناس يُراجع لأجلِ أن ينصر قوله.
وقال رحمه الله: ما ألذَّ رجوع الإنسان إلى الحق, حتى إن الإنسان إذا رجع إلى الحق وإن كان خلاف ما يقوله أولاً يجد في هذا لذَّةً عظيمة, وكأنه لم يرجع عن قوله الأول, لأن الله عز وجل فتح على قلبه حيث آمن بالحق أول ما جاء به, لكن بعض الناس يحاول ويُجادل لقوله الذي قاله أولاً حتى لا يهزم في نظره, والحقيقة أنه مهزوم في نظره إذا أصرَّ على الانتصار لقوله, لا للحق, لكن لو أذعن للحق وانقاد لكان هو الذي انتصر على نفسه أولاً, ثم يُنصر, لأن الحق معه, حيث وافق الحق, وقال رحمه الله: لا تظن أنك مهزوم إذا رجعت عن قولك بمقتضى دليل الكتاب والسنة, بل إنك منصور وعزيز, لأن الله نصرك على نفسك, ومتى روضت نفسك على هذا سهل عليك الرجوع إلى الحق.
ثمرة العلم التطبيق العملي له:
قال الشيخ رحمه الله: أوصيكم بالعمل بالعلم, فإن لم تعملوا فأنتم نسخ كالكتب في الجدران, ومع ذلك الكتب في الجدران سالمة, أما أنتم فغير سالمين, اعملوا, تربوا بالعلم في عبادة الله, وفي معاملة عبادة الله, وفي معاملة أنفسكم, هذه نصيحة أرجو ألا تغيب عن بالكم فإنها إن شاء الله مفيدة
وقال رحمه الله: ليس من شرط التعليم أن تأخذ كتاباً وتشرحه للناس, بل إن الإجابة على السؤال هي تعليم في الواقع.
وقال: فإننا نعلم كُلُّنا أنَّ المقصود من العلم هو العمل, فالعلم وسيلة والعمل ثمرة, وإذا لم ينتفع الإنسان بعلمه, فالجاهل خير منه, وكثير من المسائل العِلمية يفهمها كثير من الطلبة, لكنهم لا يُنفِّذونها, سواء كانت في العبادات, أم في المعاملات مع الخلق, وهذا لا شك أنه نقص وسبب للنقص-أي لنقص العلم-فإن الإنسان إذا عمل بعلمه انتفع وازداد علمه ومن عَمِلَ بما علم ورَّثه الله علم ما لم يعلم
وقال رحمه الله: نحن ينقصنا في علمنا أننا لا نطبق ما علمناه على سلوكنا, وأكثر ما عندنا أننا نعرف الحكم الشرعي, أما أن نطبق فهذا قليل, نسأل الله أن يعاملنا بعفوه, وفائدة العلم هو التطبيق العملي, بحيث يظهر أثر العلم على صفحات وجه الإنسان, وسلوكه وأخلاقه وعبادته ووقاره وخشيته وغير ذلك, وهذا هو المهم.
عدم التعجل في التصنيف والتأليف:
قال الشيخ: التصنيف...ينبغي للإنسان أن يتأمل وألا يتعجل, لأن بعض الطلبة منذ يعرف مسألة من المسائل يأتي بالمحبرة والقلم ويبدأ يكتب, وكم من كتابةٍ ظهرت ثم ندم المُخرج على إخراجها, وتمنى أنه لم يكن أخرجها لينظر فيها مرةً أُخرى.
من جملة الفقه في الدين نشر العلم:
قال الشيخ رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيراً يفقه في الدين» فيه بشارة لمن فقهه الله في دينه أن الله قد أراد به خيراً.
ويُؤخذ من مفهومه: أن من لم يُفقهه الله في الدين لم يُرد به خير, فالفقه في الدين دليل على أن الله أراد بالإنسان خيراً, وليس الفقه في الدين هو علم الأحكام الشرعية العلمية كالطهارة والصلاة, بل هو عام, حتى العقائد يُعتبر العلم بها فقهاً, ولهذا سمى العلماء رحمهم الله علم التوحيد: الفقه الأكبر.
واعلم أن من جملة الفقه في الدين: أن ينشر الإنسان علمه, فإن الفقه ليس مُجرد الفهم, بل إن الفهم قد لا يكون فقهاً ولا يرُاد بهذا الحديث, ولكن الفقه أن يكون عند الإنسان تعمُّق في دين الله عز وجل ومعرفة بما يجب عليه, وقيام بالعمل به
الاستنباط وما يُنمِّيه:
قال الشيخ رحمه الله: الناس يختلفون في استنباط الأحكام من الأدلة, وكلما تعمَّق الإنسان في الاستنباط ازداد فائدة, ومن أكثر ما مرَّ عليَّ من الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة ابن القيم رحمه الله, فإن له مجالاً واسعاً, ويظهر ذلك تماماً من كتابه " زاد المعاد في هدى خير العباد " وكذلك شيخنا عبدالرحمن السعدي رحمه الله له قوة في استنباط الأحكام, ويظهر ذلك تماماً في كلامه على آية الوضوء في سورة المائدة, فقد استنبط منها أحكاماً كثيرةً.
لكن ما هي الوسائل التي تُنمِّي عند الإنسان ملَكة الاستنباط ؟
الجواب: التكرار والتدبر, لأن الذكاء غريزي ومكتسب, فأما الغريزي فالله تعالى يهبه من يشاء, وأما المكتسب فهو ما يحصل بفعل الإنسان وممارسته
من العلوم ما جهله خير من العلم به:
قال الشيخ رحمه الله: قال بعض السلف: " الجهل بالكلام علم" لأن علم الكلام أدى بأصحابه إلى مهالك, حتى أن فطاحل علمائهم يتمنون وهم في سياق الموت أنهم ماتوا على دين العجائز, وإن كان جهلاً ولكنه أسلم من علمٍ يؤدي بهم – والله أعلم – إلى الشكِّ والحيرة.
وقال رحمه الله: أخسُّ العلوم ما يصُدُّ عن سبيل الله وعن طريق السلف الصالح مثل: علم الفلسفة, علم الكلام, وما أشبههما, إلا إذا تعلمه الإنسان من أجل أن يرُدَّ به على أهله, فهنا قد يكون تعلمه واجباً, لأن ما لا يتم الواجبُ إلا به فهو واجب.
التطفيف في مسائل العلم:
قال الشيخ رحمه الله: كل من كان ينقص حق غيره ويُطالب بحقه كاملاً فهو من المطففين, حتى في مسائل العلم, فلو أن شخصاً أراد أن يقارن بين قولين, وصار ينصر قوله, ويأتي بالترجيحات الكثيرة, ولكنه يهضم قول غيره, ولا يعرضه كما يقول قول نفسه, فهو من المطففين.
وقال رحمه الله: من الحيف والجور أن يتكلم الإنسان في شخص كعالم أو تاجر أو أي إنسان, ثم يذكر مساوئه التي قد يكون معذوراً فيها, ولا يذكر محاسنه, فهذا ليس من العدل, أو يأتي إلى عالم من العلماء أخطأ في مسألة قد يكون معذوراً فيها, ثم ينشر هذه المسألة التي أخطأ فيها, وينسى محاسن هذا العالم الذي نفع العباد بكثير علمه, هذا لا شك أنه تطفيف وجور وظلم, إذا كنت تريد أن تقوم الشخص, فلا بد أن تذكر محاسنه ومساوئه.
النصوص لا يمكن أن تتعارض أبداً:
قال الشيخ رحمه الله: إذا وردت آيات مُتعارضة وأحاديث مُتعارضة فلا توردها على أنفسكم على أنها متعارضة أوردوها على أنفسكم على أنكم تطلبون الجمع بينها لتُوفقوا للجمع, أما إذا أوردتم هذه على أنها مُتعارضة بقيت محل إشكال...أوردوها على أنكم تريدون الجمع بينها لا أن بعضها مُعارض لبعض حتى تهدوا إلى الصراط المستقيم لأن فرقاً بين الإيراد وبين الرد, إيراد المتشابه على المحكم معناه أنه يطلب التعارض, لكن ردُّ المتشابه إلى المُحكم هذا معناه أنه حاول الجمع دون أن يتصور التعارض.[ينظر لمزيد من الفائدة: تفسير سورة الفاتحة:ص:109- تفسير سورة العنكبوت:ص:423, شرح الكافية الشافية:2/534- شرح العقيدة الواسطية:1/106, شرح فتح البرية بتلخيص الحموية:249, التعليق على صحيح البخاري:16/714]
معرفة اللغات الأجنبية لبيان الشريعة:
قال الشيخ رحمه الله: إذا احتجنا إلى معرفة اللغات الأجنبية لبيان الشريعة كان ذلك مما يثاب عليه, لأن من صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه يبين للناس بأي وسيلة, وعلى هذا فمن تعلم اللغة غير العربية من أجل الدعوة إلى الله كان مثاباً على ذلك, لأنه وسيلة لتبيين الشريعة ونشرها.
لو قال قائل: ما توجيهكم لطالب العلم وهل يقتطع من وقته جزءاً لتعلم اللغات غير العربية ؟
الجواب: هذا إذا كان الإنسان داعية يعرف من نفسه أنه ذو دعوة قوية, وعنده بيان وإقناع, فلا بأس, أما أي إنسان يقول: ربما أكون, فهذا لا يشتغل بهذه اللغات عما هم أهم, لكني مع ذلك أنا أتمنى أني أعرف اللغة الإنجليزية لكن فات الأوان.
النصيحة للعلماء:
قال الشيخ رحمه الله: العلماء...النصيحة لهم من أوجب الواجبات, وهي داخلة في النصيحة لكتاب الله عز وجل, ورسول الله صلى الله عليه وسلم, فمن النصيحة للعالم:
أولاً: أن يحمل الإنسان ما أخطأ فيه على حسن النية بقدر الإمكان, لأن العالم لا بدَّ أن يخطئ, إلا أن يشاء الله, وكل إنسان مُعرَّض للخطأ, فتحمل خطأه على أحسن المحامل متى وجدت لذلك مساغاً.
ثانياً: أن تناقشه فيما ترى أنه أخطأ فيه, لكن قد تكون المناقشة علنية, وقد تكون سرية, فيتبع الأصلح في ذلك, فإن أشكل عليك فعليك بالسرية, فهي في الغالب أنفع وأجدى.
ثالثاً: أن تسأل الله له التوفيق للصواب, لأن العلماء إذا ضلوا أضلوا, فينبغي أن تسأل الله دائماً لعلماء المسلمين أن يوفقوا للصواب, لأن هذا من الأمور المهمة.
رابعاً: إذا أخطأ العالم وكل عالم معرَّض للخطأ, فالنصيحة حقيقة للعالم ولدين الله عز وجل, أن تقصد العالم, وتخاطبه مخاطبة الأخ لأخيه, إن كان مساوياً لك, أو مخاطبة الابن لأبيه إن كان أعلى منك, وتناقشه بأدب واحترام وهدوء, فيما كان مخطئاً فيه في ظنك...فتناقشه بهدوء حتى يتبين له الحق, ويرجع.
خامساً: ألا تنشر أخطاءهم بين الناس, مع العلم بأنه قد يكون هم الذين على الصواب...فو الله من أنصح النصح للعالم أنه إذا أخطأ أن تذهب إليه وتوجهه.
سادساً: نشر ما يبثونه من العلم بشريعة الله, وهذا مساعدة للعلماء.
[ينظر كذلك: شرح رياض الصالحين:1/195, دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين: 11/502]
التحرّز من نقل الإجماع:
قال الشيخ رحمه الله: كثير من الناس يدَّعون الإجماع في مسائل فيها الخلاف, ولو رجعنا إلى كتاب ابن القيم رحمه الله " الصواعق المرسلة " فقد ذكر مسائل عديدة تزيد على العشرين, كلُّها نُقِلَ فيها الإجماع, والخلاف فيها ثابت, ولهذا يجب على الإنسان أن يتحَّرز ولا ينقل الإجماع, وإذا كان واسع المدارك وقد راجع أقوال الناس يقول: لم أعلم مُنازعاً أو مُخالفاً في ذلك, وأمّا الإجماع فصعب.
عند بحث مسألة لا تنشغل بغيرها:
قال الشيخ رحمه الله: وهذه قاعدة ينبغي للإنسان أن يبني عليها عمله, إذا كنت تريد أن تطالع مسألة, فلا تشتغل بغيرها, لأنه يُذهب عنك الوقت, ويشوش الفكر, بل استمر فيها.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ