فوائد من حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للأصبهاني - 4
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب ويتبعُها الــــــــــــذُّلُ أزمـــــــــــــــــانها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب فاختر لنفـــــــــــسك عـصيانها
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد
- ترك الذنوب حياة القلوب:
قال عبدالله بن المبارك:
رأيتُ الذنوب تُميتُ القلوب ويتبعُها الــــــــــــذُّلُ أزمـــــــــــــــــانها
وتركُ الذنوب حياةُ القلوب فاختر لنفـــــــــــسك عـصيانها
- دواء القلوب:
قال إبراهيم الخواص: دواء القلوب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر, وخلاء البطن, وقيام الليل, والتضرع عند السحر, ومجالسة الصالحين.
- التزود من الطاعات عند إقبال القلوب:
قال عبالله بن مسعود رضي الله عنه: إن للقلوب شهوةً وإقبالاً, وإن للقلوب فترةً وإدباراً, فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها, ودعوها عند فترتها وإدبارها.
- خطورة مرض القلب:
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إنكم ترون الكافر من أصحِّ الناس جسماً وأمرضهم قلباً, وتلقون المؤمن من أصحِّ الناس قلباً وأمرضهم جسماً, وأيم الله لو مرضت قلوبكم وصحت أجسامكم لكنتم أهون على الله من الجعلان.
- حجب القلوب عن الله:
قيل لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق لِمَ حجبت القلوب عن الله ؟ قال: لأنها أحبت ما أبغض الله, أحبت الدنيا ومالت إلى دار الغرور واللهو واللعب, وتركت العمل لدار فيها حياة الأبد في نعيم لا يزول ولا ينفذ, خالداً مخلداً في ملك سرمد, لا نفاد له ولا انقطاع.
- موت القلوب في عشرة أشياء:
قيل لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق إن الله تعالى يقول: ( {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } ) [غافر:60] ونحن ندعوه منذ دهر فلا يستجيب لنا, قال ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:
أولها: عرفتم الله ولم تؤدوا حقه.
الثاني: قرأتم كتاب الله ولم تعملوا به.
الثالث: ادعيتم حب الرسول صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته.
الرابع: ادعيتم عداوة الشيطان ووافقتموه.
الخامس: قلتم نحب الجنة ولم تعملوا بها.
السادس: قلتم نخاف النار ورهنتم أنفسكم بها.
السابع: قلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له.
الثامن: اشتغلتم بعيوب إخوانكم ونبذتم عيوبكم.
التاسع: أكلتم نعمة ربكم ولم تشكروها.
العاشر: دفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
- اغتراف اللسان يخبر عن طعم القلب:
قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور في الصدور تغلى بما فيها, ومغارفها ألسنتها, فانظر الرجل حتى يتكلم, فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه, من بين حلو وحامض, وعذب وأجاج, يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه.
- قسوة القلوب:
* قال حذيفة بن قتادة: ما أصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه.
* قال مالك بن دينار: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
* قال عبدالله بن خبيق: قال لي حذيفة المرعشي: ما ابتلى أحد بمصيبة أعظم من قسوة قلبه.
- رقة القلوب:
* قال أبو سليمان الداراني: تعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الخوف.
* قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: تعرض لرقة القلب بدوام مجالسة أهل الذكر.
* قال سفيان الثوري: عليك بقلة الكلام يلين قلبك.
- صلاح القلب في مجالسة العلماء:
* قال ميمون بن مهران: العلماء هم ضالتي في كل بلدة وهم بغيتي, ووجدت صلاح قلبي في مجالسة العلماء.
المؤمن والمنافق
- عمل وقول المؤمن, والمنافق:
* قال أبو عمرو الأووزاعي: إن المؤمن يقول قليلاً ويعمل كثيراً, وإن المنافق يقول كثيراً ويعمل قليلاً.
* قال الفضيل بن عياض: المؤمن قليل الكلام كثير العمل, والمنافق كثير الكلام قليل العمل.
- المؤمن يغبط والمنافق يحسد:
قال الفضيل بن عياض: الغبطة من الإيمان, والحسد من النفاق, والمؤمن يغبط ولا يحسد, والمنافق يحسد ولا يغبط.
- المؤمن يستر والمنافق يهتك:
قال الفضيل بن عياض: المؤمن يستر ويعظ وينصح, والفاجر يهتك ويعير ويفشي.
- المنافق لا يقوم الليل:
قال قتادة بن دعامة: كان يقال: قلما ساهر الليل منافق.
النعم
- شكر النعمة:
* قال سفينان بن عيينة: إن من شكر الله على النعمة أن تحمده عليها, وتستعين بها على طاعته, فما شكر الله من استعان بنعمته على معصيته.
* سئل الجنيد عن حقيقة الشكر, فقال: ألا يستعان بشيء من نعمه على معاصيه.
- متى تكون النعمة بلية:
قال سلمة بن دينار: كل نعمة لا تُقرب من الله عز وجل فهي بلية.
- استجلاب النعم وزيادتها:
* قال عمر بن عبدالعزيز: قيدوا النعم بالشكر.
* قال أبو سليمان الداراني: استجلب زيادة النعم بالشكر, واستدم النعمة بخوف زوالها.
* قال أحمد بن عاصم الأنطاكي, سهل بن عبدالله التستري: استجلب زيادة النعم بعظيم الشكر, واستدم عظيم الشكر بخوف زوال النعم.
- التقليل من مجالسة الناس سبب لقلة الغيبة:
* قال سفيان الثوري: أَقِل من معرفة الناس تَقِلّ غيبتك.
* قيل لعبدالله بن المبارك: إذا صليت لم لا تجلس معنا ؟ قال: ما أصنع معكم, أنتم تغتابون الناس.
- من أخلاق الصديقين أنهم لا يغتابون:
قال سهل بن عبدالله التستري: من أخلاق الصديقين...لا يغتابون ولا يغتاب عندهم
- خطورة الغيبة:
قال سفينان بن عيينة: الغيبة أشدُّ من الدَّين, الدين يقضي, والغيبة لا تقضى.
- من أضرار الغيبة:
قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: لا يكسب بالغيبة تعجيل ثناء, ولا يبلغ به رئاسة, ولا يصل به إلى مزية في دنيا من مطعم أو ملبس ,ولا مال, وهو عند العقلاء منقوص, وعند العامة سفيه, ولا يحتمله في نقص إلا من كان في مثل حاله, وما وجدت في الشر نوعاً أكثر منه ضرراً في العاجل والآجل, ولا أقل نفعاً, ولا أظهر جهلاً, ولا أعظم وزراً من مكتسبيه.
- الغيبة إذا سكنت في القلب جلبت لها أخوات:
قال أحمد بن عاصم الأنطاكي: الغيبة إذا ثبتت في القلب وأذن صاحبها في احتمالها بالرضى لسكونها حتى توسع لأخواتها في المسكن, وأخواتها: النميمة, والغي, وسوء الظن, والبهتان العظيم, والكذب, فاحذرها فإنها مزرية في الدنيا بصاحبها, ومخزية له في الآخرة.
- مخرج الغيبة من تزكية النفس:
قال أحمد عاصم الأنطاكي: اعلم أن مخرج الغيبة من تزكية النفس, ومن شدة رضى صاحبها عن نفسه, وإنما اغتبته بما لم تر فيك مثله أو شكله...ولو علمت أن فيك من النقصان أكثر مما تريد أن تنقص به لحجزك ذلك عن غيبة غيرك, و لاستحييت أن تغتاب غيرك بما فيك من العيوب...فاحذر الغيبة كما تحذر عظيم البلاء.
- عظة من يغتاب:
قال موسى بن إبراهيم: حضرت معروفاً الكرخي وعنده رجل يذكر رجلاً وجعل يغتابه, وجعل معروف يقول له: اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك.
- من اغتابك فقد أهدى إليك حسناته:
قال رجل للفضيل بن عياض: إن فلاناً يغتابني, قال: قد جلب لك الخير جلباً.
- عدم غيبة الناس, أو السماح للآخرين بغيبتهم:
كان ميمون بن سياه لا يغتاب, ولا يدع أحداً يغتاب عنده, ينهاه, فإن انتهى وإلا قام عنه.
- ثلاثة من أعلام السعادة:
قال ذو النون: ثلاثة من أعلام السعادة: الفقه في الدين. والتيسير للعمل.
والإخلاص في السعي.
- خمس من السعادة:
قال محمد بن منصور الطوسي: خمسة من السعادة: اليقين في القلب.
والورع في الدين. والزهد في الدنيا. والحياء. والعلم.
- علامة السعادة والشقاء:
سئل سعيد بن إسماعيل بن سعيد الحيري: ما علامة السعادة والشقاء ؟
فقال: علامة السعادة أن تطيع الله وتخاف أن تكون مردوداً.
وعلامة الشقاوة أن تعصى الله وترجو أن تكون مقبولاً.
ثلاثيات
- أصل الطاعة ثلاثة, وأصل المعصية ثلاثة:
قال حاتم الأصم: أصل الطاعة ثلاثة أشياء: الخوف, والرجاء, والحب.
وأصل المعصية ثلاثة أشياء: الكبر, والحرص, والحسد.
- المصيب من عمل ثلاثة أشياء:
قال يحيى بن معاذ: المصيب من عمل ثلاثة أشياء: من ترك الدنيا قبل أن تتركه, وبنى قبره قبل أن يدخله, وأرضى ربه قبل أن يقدم عليه.
- ولي الله إذا زاد ثلاثة أشياء زاد منه ثلاثة أشياء:
قال محمد بن محمد ابن أبي الورد: إن ولي الله إذا زاد ثلاثة أشياء زاد منه ثلاثة أشياء: إذا زاد جاهه زاد تواضعه, وإذا زاد ماله زاد سخاؤه, وإذا زاد عمره زاد اجتهاده.
- ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة:
قال سليمان الأشدق: ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة: حليم من جاهل, وبر من فاجر, وشريف من دنيء.
- ثلاث من البر:
قال أبو تراب النخشبي: ثلاث من كن فيه أصاب البر: سخاوة النفس, والصبر على الأذى, وطيب الكلام.
- للحاسد ثلاث علامات:
قال أبو تراب النخشبي: للحاسد ثلاث علامات: يتملق إذا حضر, ويغتاب إذا غاب, ويشمت بالمصيبة.
- ثلاث خصال في ابن عباس رضي الله عنهما:
عن ابن بريدة قال: شتم رجل ابن عباس, فقال ابن عباس: إنك لتشتمني وفيِّ ثلاث خصال: إني لآتي على الآية من كتاب الله تعالى, فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم, وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به, ولعلي لا أقاضي إليه أبداً, وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح به, وما لي به من سائمة.
عن حسين بن شفي قال: كنا جلوساً عند عبدالله ابن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه, فأقبل تبيع, فقال عبدالله: أتاكم أعرفُ من عليها, فلما جلس قال له عبدالله: أخبرنا عن الخيرات الثلاث, والشرات الثلاث, قال: نعم. الخيرات الثلاث: اللسان الصدوق, وقلب تقي, وامرأة صالحة, والشرات الثلاث: لسان كذوب, وقلب فاجر, وامرأة سوء, فقال عبدالله: قد قلت لكم.
- ثلاث من ملاك أمر ابن آدم:
* قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ثلاث من ملاك أمر ابن آدم: لا تشك مصيبتك, ولا تُحدث بوجعك, ولا تزك نفسك بلسانك.
* قال سفيان الثوري: ثلاثة من الصبر: لا تُحدَّث بمصيبتك, ولا بوجعك, ولا تزك نفسك.
- الزهد ثلاثة أصناف:
قال إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أصناف: زهد فرض, وزهد فضل, وزهد سلامه, فالفرض الزهد في الحرام, والفضل الزهد في الحلال, والسلامة الزهد في الشبهات.
- تمام المعروف بثلاثة:
قال جعفر بن محمد الصادق لسفيان الثوري: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجليه, وتصغيره, وستره.
- ثلاثة من أعلام الحياء:
قال ذو النون : ثلاثة من أعلام الحياء: وزن الكلام قبل التفوه به, ومجانبة ما يحتاج إلى الاعتذار منه, وترك إجابة السفيه حلماً عنه.
- ثلاث خصال:
قال الفضيل بن عياض: ما على الرجل إذا كان فيه ثلاث خصال: إذا لم يكن صاحب هوى, ولا يشتم السلف, ولا يخالط السلطان.
- لولا ثلاث:
قال إبراهيم بن أدهم: لولا ثلاث ما باليت أن أكون يعسوباً: ظمأ الهواجر, وطول ليلة الشتاء, والتهجد بكتاب الله عز وجل.
- من أراد الله عز وجل به خيراً جعل فيه ثلاث خلال:
قال محمد بن كعب القرظي: إذا أراد الله تعالى بعبد خيراً جعل فيه ثلاث خلال: فقه في الدين, وزهادة في الدين, وبصراً بعيوبه.
الشهرة
- البعد عن الشهرة:
* قال ابن المبارك: قال لي سفيان: إياك والشهرة, فما أتيت أحداً إلا وقد نهاني عن الشهرة.
* قال بشر بن الحارث الحافي: ما أعلم أحد أحب أن يُعرف إلا ذهب دينه وافتضح.
- تقوى الله لا تكون مع حب الشهرة:
* قال إبراهيم بن أدهم: لم يصدق الله من أحبَّ الشهرة.
* قال بشر بن الحارث الحافي: ما اتقى الله من أحبّ الشهرة.
- من المصائب الابتلاء بالشهرة:
قال بشر بن الحارث الحافي: من ابتلي بالشهرة...فمصيبته جليلة, فجبرها الله لنا ولك بالخضوع والاستكانة والذل لعظمته, وكفانا وإياك فتنتها وشر عاقبتها
الحق والباطل
- قبول الحق من البعيد البغيض ورد الباطل ولو كان من الحبيب القريب:
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: من جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً, ومن جاءك بالباطل فاردد عليه وإن كان حبيباً قريباً.
- من قبل الحق هابه الناس وأحبوه:
قال الشافعي: ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته, واعتقدت مودته, ولا كابرني أحد على الحق ودفع الحجة الصحيحة إلا سقط من عيني ورفضته.
- الرد على الباطل بالكتاب والسنة:
قيل لعبدالرحمن بن مهدي: إن فلاناً قد صنَّف كتاباً في السنَّة رداً على فلان, فقال: رداً بكتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؟ قيل: بكلام, قال: رد باطلاً بباطل.
- كثرة النظر إلى الباطل:
قال إبراهيم بن أدهم: كثرة النظر إلى الباطل تذهب بمعرفة الحق من القلب.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ