من تفكر في مصيره أقبل على ربه خائفا
من تفكر في مصيره، ولو للحظات وعلم أنه لا مانع له سخط الله إذا مات على الكفر، ولا مجير له من عذابه إذا أسخط مولاه، لأقبل على ربه خائفًا حزينًا، وانقاد إليه طائعًا ذليلًا، وسأله الغفران عما بدر منه حال الجهالة، والعفو عما اقترفه زمن الضلالة.
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [1].
من تفكر في مصيره، ولو للحظات وعلم أنه لا مانع له سخط الله إذا مات على الكفر، ولا مجير له من عذابه إذا أسخط مولاه، لأقبل على ربه خائفًا حزينًا، وانقاد إليه طائعًا ذليلًا، وسأله الغفران عما بدر منه حال الجهالة، والعفو عما اقترفه زمن الضلالة.
ولكن الحال أن أكثر الناس في غمرتهم ساهون، وفي سكرتهم يعمهون، وفي عمايتهم يتخبطون، وفي لهوهم سادرون، وعلى عصيانهم مستمرون، ألهاهم طول الأمل، وغرهم بالله الغرور.
فأقاموا على الكفر، ورضوا بالضلال، زين لهم الشيطان سوء أعمالهم، فشغلهم بالدنيا عن الدين، فرأوا اللهو أسمى الأمانى، ومعاقرة اللذات غاية المراد، وارتكاب الموبقات إلهام، والجرأة على الله إقدام.
ونسي هؤلاء أن الموت قد أذل جباه الجبابرة، وقصم ظهور القياصرة، وأباد جموع الأكاسرة، وأرغم أنوف الفراعنة، وأحنى رؤوس الطغاة، وشتت شمل العتاة؛ {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [2].
{فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} [3].
يومٌ يُحْجِمُ فيه الرسلُ والأنبياءُ، فكيف بالفجرةِ الأشقياءِ.
يومٌ يندم فيه أهلُ التقى، فكيف بأهلِ الإضاعة.
يومٌ {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [4].
لم يتفكروا في مصيرهم، وما ينتظرهم من أليم العذاب، حين يفارقهم الخلان والأحباب، ولو تفكروا لتعقلوا وارعووا عن كثير مما هم فيه، أليس هذا قولهم؟ {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[5].
[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 91.
[2] سُورَةُ الْحَاقَّةُ: الْآيَة/ 8.
[3] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 25.
[4] سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَة/ 123.
[5] سُورَةُ الْمُلْكِ: الْآيَة/ 10.