الأول - الآخر
باسم عامر
معنى الأول والآخِر جاء نصّاً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالله الأول، أي: الذي ليس قبله شيء، والله الآخر، أي: الذي ليس بعده شيء.
- التصنيفات: الأسماء والصفات -
معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها
(الأول - الآخر)
- الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ الحديد: ٣.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ) رواه مسلم.
- المعنى:
معنى الأول والآخِر جاء نصّاً في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فالله الأول، أي: الذي ليس قبله شيء، والله الآخر، أي: الذي ليس بعده شيء.
فالله تعالى كان موجوداً ولا أحد قبله ولا معه، فكل ما سوى الله حادث بعده، وكل ما سواه كائن بعد أن لم يكن، وهو الآخِر الباقي بعد فناء الخلق، فالله تعالى لا ابتداء لوجوده، ولا نهاية لوجوده.
وأما ما قد يظهر من تعارض بين معنى اسم الله الآخِر وخلود أهل الجنة في الآخرة، فإزالة التعارض من وجهين:
الأول: أن بقاء الله تعالى صفة لازمة لذاته، بخلاف خلود أهل الجنة فإنه مُستمدٌ من الله تعالى، فهم باقون بإبقاء الله لهم وليس بذاتهم، ولو لم يشأ الله إبقاءهم لما حصل لهم هذا الخلود، فخلودهم فضل وعطاء وهبة من الله، فكما أن وجود المخلوق إنما هو بخلق الله له، وليس وجوداً من عنده، فكذلك بقاؤه في الدار الآخرة إذا دخل الجنة، إنما هو عطاء من الله له ومحضُ فضلٍ منه جلّ في علاه.
الثاني: أن بقاء أهل الجنة وخلودهم هو وفاء بوعد الله تعالى لهم، لأنه سبحانه وعدهم بالخلود، ووعده حق وصدق، قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ التوبة: ٧٢.
- مقتضى اسمي الله الأوّل الآخر وأثرهما:
اسم الله الأوّل دالٌّ على سَبْقِ الله تعالى في الفضل والإيجاد والإمداد، فهو سبحانه الذي خلق وأوجد وأعطى ورزق، وهو الذي هيأ الأسباب وسخّر الوسائل لمعايش الخلق، فالفضل كله له أولاً وآخراً، فمن عرف سَبْق الله وفضله لجأ إليه في كافة أمره، وأقرّ بفقره وحاجته إلى ربه.
واسم الله الآخِر يقتضي عدم ركون العبد للأشخاص والأسباب، لأنَّ كلَّ شيء مصيره إلى الفناء والزوال، فالتعلّق بما سوى الله تعلّقٌ بزائل لا يبقى، أما التعلّق بالله تعالى تعلّق بالدائم الباقي الذي لا يموت ولا يزول.