الفروق الفردية

الجهل بنظرية الفروق الفردية، والغفلةُ عن تطبيقها - أفرَزَ جملةً من الآثار السيئة، والظواهر المؤلِمة، وخاصة في الجوانب التربوية، والعَلاقات الاجتماعية.

  • التصنيفات: تزكية النفس -

• يعتبر علمُ النفس الفارقُ أحدَ فروع علم النفس الذي يهتم بدراسة الفروق بين الأفراد في السمات والصفات والقدرات، مع بيان عواملِ هذه الفروق وأسبابها، ومظاهرها وآثارها النفسية والتربوية والاجتماعية.

• تتنوَّع وتختلف الفروقُ ما بين فروقٍ في مكونات الذات المعينة، أو أعضاء الأسرة الواحدة، أو أفراد العائلة والقبيلة، أو طبائعِ وأعراق الشعوب والمجتمعات.

 

• تبرز الفروق الفردية وتتجلَّى في المظاهر والجوانب التالية:

١- العقلية والمعرفية.

٢- النفسية والوجدانية.

٣- اللُّغوية والتخاطبية.

٤- الحسية والحركية.

٥- التربوية والاجتماعية.

٦- الإدارية والمالية.

٧- القيادة والسياسة.

 

• أشارَتْ نصوص الوحيينِ لطبيعة الاختلاف وحقيقةِ التباين بين الأفراد؛ ومنها:

١- قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22].

 

٢- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى خلق آدم مِن قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدمَ على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمرُ والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهلُ والحزَن، والخبيثُ والطيب»  (رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي).

 

٣- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلةً»  (رواه البخاري).

 

٤- عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كمل مِن الرجال كثيرٌ، ولم يكمل من النساء: إلا آسيةُ امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضلِ الثَّريد على سائر الطعام» (رواه البخاري).

 

• الجهل بنظرية الفروق الفردية، والغفلةُ عن تطبيقها - أفرَزَ جملةً من الآثار السيئة، والظواهر المؤلِمة، وخاصة في الجوانب التربوية، والعَلاقات الاجتماعية، من أظهرها:

١- الجورُ والظلم للأولاد بالتفريق بينهم في الحب والمعاملة، والعطية والوصية.

٢- تأزُّم العَلاقة الزوجية على مرِّ السنين؛ لعدم رضاهما بما قسَم الله لهما، وتطلُّعِهما لِمَا في أيدي الآخرين.

٣- ضعف المخرَجات التعليمية؛ نتيجة للاهتمام بفئة المتفوقين، وإهمال السواد الأعظم من بقية الفئات.

٤- فُتُور الروابط بين الأقارب والأرحام والأصدقاء والجيران؛ بسبب نظرة الكِبر والاستعلاء للنفس والذات والقبيلة والعائلة، يقابلها نظرةُ التنقص والاحتقار للآخرين.

٥- فرض النظم المستوردة والقوانين المبسترة، دون النظر لخَصوصيةِ وثقافة وقيم وأعراف المجتمعات.

 

• تتجلى أهمية الوعي بطبيعة الفروق الفردية وتمايُزِ وتباين النفوس البشرية في المجالات والتطبيقات التالية:

١- الذات: باستثمار ما لها من القدرات والإمكانات، ومعالجة ما فيها من القصور والنقص؛ ولهذا كان من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم: «واهدِني لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرِفْ عني سيئَها؛ لا يصرف عني سيئَها إلا أنت» (رواه مسلم).

 

٢- الوالدان: بالبرِّ والإحسان، والعطاء والوفاء، وتلبية حاجاتهما، وتفهُّم خصائصهما؛ قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15].

 

٣- المرأة (الأم، الأخت، الزوجة، البنت): بالمراعاة والمدارة، والمودة والرحمة، واللين والرفق؛ بسبب ما يعتريها من الأوضاع والتغيرات الخلقية والأخلاقية؛ كـ(الغيرة، الحيض، الحمل، الولادة، الرضاع، التربية، الزواج، الطلاق...)؛ ولهذا كانت الوصية النبوية: «استوصُوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلِقت من ضِلَع، وإن أعوج شيء في الضِّلَع أعلاه، إن ذهبتَ تُقِيمه كسرتَه، وإن تركتَه لم يَزَلْ أعوجَ، استوصوا بالنساء خيرًا»  (رواه مسلم).

 

٤- الأولاد: بحسن التربية، وجودة التعليم، والرفق في المعاملة، والعدل في العطية، والبعد عن المقارنة، ومعالجة الزلَّات، والتغافل عن الهفوات، ((اتقوا الله واعدلوا في أولادكم)).

 

٥- التعليم: بالوعي بخصائص النمو ومستويات التعلم، وتنوع الذكاءات، وأنماط السلوك، وتجديد الوسائل، وتطوير الأدوات؛ لتحقيق أهداف التعليم وأغراض التدريس، قال معاوية بن الحكم السُّلَمي، عن المعلِّم الأول عليه الصلاة والسلام: "فبِأَبي هو وأمي، ما رأيتُ معلمًا قبله ولا بعده أحسنَ تعليمًا منه، فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني"؛ رواه مسلم.

 

٦- الدعوةبمعرفة درجات الموعظة والتوجيه، وتجديد الخطاب الإسلامي حسب الزمان والمكان، والواقعِ والحال، والحاجة والمصلحة، عن ابن عباس يقول: لَمَّا بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم معاذَ بن جبل إلى نحو أهل اليمن قال له: «إنك تَقدَمُ على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحِّدوا الله تعالى، فإذا عرَفوا ذلك، فأخبِرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلَّوا، فأخبِرهم أن الله افترض عليهم زكاةً في أموالهم، تؤخذ من غنيِّهم فتُردُّ على فقيرهم، فإذا أقَروا بذلك فخُذ منهم، وتوقَّ كرائمَ أموال الناس»  (رواه البخاري).

 

٧- القيادة لـ(مؤسسة، هيئة، أفراد، مجموعات): بالإيمان بالمهمة، والشعور بالمسؤولية، ورعاية المصالح، والقدرة على التأثير والحوار والمشورة، والرحمة والفطنة، والتعاون والتكاتف مع المجموعة؛ لتحقيق الأهداف المشتركة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أمَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامةَ على قومٍ فطعنوا في إمارته، فقال: «إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وايمُ الله، لقد كان خليقًا للإمارة...» (رواه البخاري).

 

• ومضة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس معادنُ كمعادن الفضة والذهب، خيارُهم في الجاهلية كخيارهم في الإسلام إذا فقُهوا»  (رواه مسلم).