حب النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

هاني مراد

هذا الحب الذي عاش به النبي لأصحابه، يعلمنا كيف تكون الصداقة خالية من المصالح الشخصية، ويعلّمنا قيمة الصديق الحقيقي، وقيمة وجوده إلى جوارنا، ويعلّمنا قيمة الاحتفاظ بهذا الصديق

  • التصنيفات: السيرة النبوية -

العلاقة بين النبي وأصحابه، علاقة حب قوية الأواصر، متينة الأركان.

فهذا أبو بكر رفيق رحلة الحياة، تربطه بالنبي علاقة إنسانية رائعة، وعلاقة حب مشرق. وقد بدت دلائل هذا الحب من الرسول لأبي بكر، حين استعد للهجرة، فاختار أبا بكر ليكون رفيقه وأمين سرّه.

كان النبي يحب أبا بكر كثيرا، ويقضي معه أجمل أوقاته، ويعبّر له عن حبه، ويتكلم كثيرا عن فضل أبي بكر.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذا خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلا. إن صاحبكم خليل الله» " (رواه مسلم).

وقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدّيق، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أُحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم فقال: "اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان»  (رواه مسلم).

كما قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: " «إن من أمنِّ الناس عليَّ في صحبته وذات يده أبا بكر» " (رواه الترمذي). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي في مال أبي بكر، كما يقضي في مال نفسه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر» " (رواه أحمد). فبكى أبو بكر وقال: " «وهل أنا ومالي إلا لك يارسول الله؟» "

وحين يقول النبي للصحابة: " «وددت لو رأيت إخواني. قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: لا، أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين يأتون من بعدي ويؤمنون بي ولم يروني» " (رواه الإمام أحمد وأبو يعلى)، فإنه يعلمنا أن يكون الحب للخير وللصلاح وللفطرة السليمة. فما الذي يدعوه لحب أناس لم يرهم بعد، سوى أنهم يتحلّون بالخير والتقوى، مع أنهم لم يروا حامل هذه الرسالة؟

هذا الحب الذي عاش به النبي لأصحابه، يعلمنا كيف تكون الصداقة خالية من المصالح الشخصية، ويعلّمنا قيمة الصديق الحقيقي، وقيمة وجوده إلى جوارنا، ويعلّمنا قيمة الاحتفاظ بهذا الصديق، وكيف نكون خير عون له في هذه الحياة، وكيف نشبعه مما تحويه هذه الصداقة من حب ورحمة.

فما أعظم النبي حين يعلّمنا كيف نحب من حولنا، ولو لم يكونوا أهلنا، فنحبهم لأنهم يسيرون على درب الخير والصلاح!