الحركات الإسلامية والنظام الدولي الحديث
محمد جلال القصاص
- قضايا الحركات/ الجماعات سياسية بالأساس وبعدت كثيرًا عن الحراك الاجتماعي/ الثقافي مع أنه الميدان الأول الذي ينزله الغرب.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
{بسم الله الرحمن الرحيم }
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
كلمة النظام الدولي/ العالمي كلمة مهيمنة وعائمة، ودائمًا يوجد من يطالب، أو يتحدث، عن نظام عالمي/ دولي جديد، وخاصة روسيا، وهذه بعض الأمور التي توضح النظام العالمي كما يبدو لي:
قوة مهيمنة
بعد قرون من القتال الداخلي توصل الغربيون (أوروبا والولايات المتحدة) إلى أنه لابد من وجود قوة وحيدة مهيمنة يخضعون لها فكانت الولايات المتحدية. وقبل كانوا يتحدثون عن توازنات بين القوى الأوروبية تمنع سيطرة قوة واحدة على الجميع.
وبالفعل مكنوا الولايات المتحدة من القيادة في جميع المجالات (السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والثقافية..)، وكان ذلك في اتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الثانية...
الغرب بقيادة الولايات المتحدة:
- قامت الولايات المتحدة بإعادة تأهيل أوروبا الغربية (مشروع مارشال).
- عالجت الاتحاد السوفيتي (الأيديولوجية المعادية لهم.. الاشتراكية) حتى قضت عليه، وعلى أيديولوجيته، بالقوة الناعمة وحروب محدودة (حروب الوكالة في أفغانستان تحديدًا).
- بعد انتهاء الاتحاد السوفيتي أقدموا على هضم أوروبا الشرقية (التي كانت تخضع للكتلة الشرقية/ حلف وارسو)، وهضموا، أيضًا، الدول الثلاث الكبرى في الاتحاد السوفيتي السابق (روسيا، روسيا البيضاء، أوكرانيا) ونزل الأمريكان بقلب آسيا.. ومن قبل جنوبها (كوريا الجنوبية والهند...) وظلّ هذا الأمر إلى احتلال أفغانستان أكتوبر 2001م.
- تحركوا للذين يلون أوروبا الشرقية.. وهم الذين يسكنون في أرض العرب (الشرق الأوسط)، وبدأ هذا الفصل منذ احتلال العراق 2003م، ومستمر إلى اليوم، ويمر بمرحلتين: مرحلة تخريب (فوضى خلاقة)، ثم إعادة "بناء"، وتمثل "الثورات" نقطة تحول رئيسية نحو نظام محلي جديد في كل بلد ينزلونه، فبعد ثورة 1805م بدأت الدولة القومية (محمد علي)، وبعد ثورة 1882م بدأ الاحتلال الإنجليزي لمصر، وبعد ثورة 1919م بدأ العصر الليبرالي شديد التفسخ، وبعد 1952م بدأت مرحلة العسكر (الملك الجبري)، وبعد 2011 بدأت مرحلة تمكين الأكثر ولاءً لهم.
- ويبدو أنهم متعجلون إنهاء المرحلة أو تسكين الفعل من أجل ضرب الصين ضربة محدودة تعجزها وتوقف نموها. والاستعداد للحرب على قدم وساق، يخافون الصين، ويخافون تكون حلف شرقي شمالي (الصين وإيران وتركيا وروسيا)..
أدوات المعركة:
تبدأ ثقافية، ثم قانونية (تطور قواعد القانون الدولي إلى قواعد عرفية.. يحاولون فرض منظومة قانونية واحدة على الجميع حتى فيما يتعلق بالمجال الخاص [الأسرة]، ما يسمى "تمكين المرأة")، ويلحق بهذا المجال كل ما يتعلق بالمجتمع المدني من جمعيات أهلية ومنظمات إقليمية وعبر قومية وخاصة تلك التي تتعلق بالبيئة.. ويتحركون وحدهم في هذا المجال تقريبًا.. بعيدًا عن وعي الرافضين لهم!!
الحركات الإسلامية:
السياق العام لمرحلة الحركات الإسلامية (ما بعد الاحتلال الغربي/ الحرب الأولى)، كله من مكر الكافرين، وهذه أهم النقاط:
- شكّلت الحركات الإسلامية بديلًا لمشروع الأمة، فبدل أن كانت الأمة تبحث، بقيادة العلماء، عن تجديد (نهضة) أُوكل الأمر لـ "جماعة/ نسق مغلق"، تحول بعد ذلك إلى جماعات متنافسة ثم أصبح الصراع بين الأمة والجماعات بعد أن سيطر أصحاب المناهج الغربية على قيادة الأمة.
- قضت صيغة الحركات/ الجماعات/ التنظيمات على الجماعات المتخصصة التي تقود الأمة في شتى المجالات، أهل القرآن.. أهل الفقهة... أهل الحديث.. العلوم التطبيقية... وقلَّ العلماء المختصون/ الربانيون/ المجتهدون، وظهر "الدعاة".. و"النشطاء" و "المفكرون".... والقواعد النظرية ضعفت ومهددة بمزيد من الضعف، وخاصة مع عدم تمكن الجماعات من أدوات إنتاج المعرفة (نخبة بحثية ومراكز الأبحاث مثلًا).
- الحركات تنقسم وتتنافس فيما بينها ولا تستطيع قيادة الأمة، لتفتتها من ناحية ومواجهتها للأمة من ناحية أخرى، فمنذ قدّم سيد قطب نظرية "الفئة المؤمنة" و"العزلة الشعورية" و "الجاهلية" وأصبحت الجماعات شيء والأمة شيء آخر، ولم تفلح محاولة الانقلاب على مفاهيم سيد قطب التي قام بها عبد الله عزام، حيث حاول التصالح مع الأمة وقيادتها ضد "الصهيونية الصليبية الدولية" وهو ما تُرجم لاحقًا في تنظيم القاعدة.
- قضايا الحركات/ الجماعات سياسية بالأساس وبعدت كثيرًا عن الحراك الاجتماعي/ الثقافي مع أنه الميدان الأول الذي ينزله الغرب.