ليلة القدر .. وصدقة الفطر
محمد سيد حسين عبد الواحد
زكاة الفطر شرعت ليخرجها الغنى والفقير قال «أما غنيكم فيزكيه الله بها وأما فقيركم فيرد الله إليه أكثر مما أعطى»
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
أيها الإخوة الكرام : ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه »
في مستهل هذا اللقاء أود أن أقول :
زين الله تعالى شهر رمضان بكل زينة وميزه بكل فضيلة .. جعل من صيامه جنة وجعل من قيامه سنة ووصف أيامه ولياليه بأنها خير الأيام والليالي ولعل أعظم ما فى تلك الليالى ليلة القدر وإن شئتم فقولوا أعظم ما في تلك الليالي ليلة العمر ..
نسأل الله تعالى أن يبلغنا بركة هذه الليلة وأن يجعلنا من عتقائها انه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شئ قدير..
رفع الله تعالى من شان ليلة القدر وعظم أمرها غاية التعظيم فقال سبحانه:
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}
قال أهل العلم سميت ليلة القدر بليلة القدر:
لأنها أعظم الليالى قدرا وشرفا ومكانة حيث اختارها الحكيم العليم سبحانه وشرفها وبدأ فيها إنزال خير آية أوتيها نبي، وهي القرآن العظيم قال تعالى «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر»
قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن كله فى ليلة القدر من رمضان أنزله جملة واحدة من فاتحة الكتاب حتي سورة الناس أنزلع من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة من السماء الدنيا ..
ثم نزل القرآن بعد ذلك مفصلا بحسب الوقائع والأحداث من بيت العزة في السماء الدنيا إلي قلب النبي محمد صلي الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة..
وقيل سميت ليلة القدر بليلة القدر لأنها الليلة التى تقدّر فيها مقادير الخلائق على مدار العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى لعباده في تلك السنة . والمقصود أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكتبة عن السنة كلها وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير منه شئ ،
قال ابن عباس رضى الله عنهما " حتى أن الرجل ليُرى يفرش الفرش ويرى يزرع الزرع وإنه لفي عداد الأموات ..
قلت وهذا ما أشار إليه الحق سبحانه فى حديثه عن ليلة القدر {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فيها يفرق كل أمر حكيم}
وقيل سميت ليلة القدر بليلة القدر لعظم شأنها وجلالة مكانتها عند الله تعالى ولعظم ما يكون فيها من الخيرات والبركات والرحمات التي تصيب المؤمنين من امة محمد صلى الله عليه وسلم فمن أحياها وقام ليلها إيمانا واحتسابا ازداد قدرا لم يكن له قبل ذلك، و ازداد شرفاً عند الله تعالى لم يكن ليصل إليه إلا بإدراك تلك الليلة قال النبي صلى الله عليه وسلم «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه »
هي ليلة السلام هي ليلة الأمان :
هي ليلة المغفرة هي ليلة العفو هي ليلة الرحمة هي ليلة من ليالي العشر الأواخر من رمضان تأتي كل عام فتعدل في حق من أدركها عم هي الليلة المشهودة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ما تعلق قلبه بأفضل منها ، وما تحري ليلة كما تحرى ليلة القدر هي ليلة العمر كما يجب أن يصفها الواصفون هي ليلة واحدة توضع في كفة ويوضع العمر كله في كفة .. ليلة القدر لا تعدل ألف شهر بل هي خير من ألف شهر ..
قال مجاهد رحمه الله تعالى: " «عملها وصيام يومها وقيام ليلها خيرٌ من ألف شهر» وقال قتادة رحمه الله: "ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر..
أما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وكيف كان حاله فى مثل هذه الليلة من كل عام فتعال لتتعلم وتقتدى وتتأسى بهديه عليه الصلاة والسلام
قالت عائشة رضى الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم «إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره»
وفى الصحيح كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها يتحرى ليلة القدر خلالها ..
هي ليلة من ليال العشر الأواخر من رمضان وقد ثبت أنها تتنقل فى بين ليالى الوتر كلها وليست في ليلة معينة كل عام فتكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين وأحيانا ليلة ثلاث وعشرين وأحيانا ليلة خمس وعشرين وهكذا.. لكنها في الأغلب ليلة سبع وعشرين ..
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( ليلة القدر هى ليلة سبع وعشرين من رمضان ) واستنبط ذلك من عدة أمور ، جمع عمر رضي الله عنه كبار الصحابة وجعل معهم عبد الله بن عباس وكان صغيراً فقالوا : إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا ؟ فقال عمر إنه فتى له قلب عقول ولسان سؤول ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان فسأل ابن عباس عنها فقال إني لأظن أين هي إنها ليلة سبع وعشرين فقال عمر وما أدراك ؟
فقال ابن عباس إن الله تعالى خلق السموات سبعاً وخلق الأرضين سبعاً وجعل الأيام سبعاً وخلق الإنسان من سبع وجعل الطواف سبعاً والسعي سبعاً ورمي الجمار سبعاً ..
قلت : وفى هذا إشارة إلى أن ليلة القدر تأتى غالبا ليلة سبع وعشرين والله أعلم ..
قال أهل العلم أخفى الله تعالى هذه الليلة بين العشر الأواخر ليجتهد العباد في طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا
نسأل الله تعالى أن يبلغنا ليلة القدر وان يجعلنا من عتقاء ليلة القدر انه ولى ذلك ومولاه
الخطبة الثانية
أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه وتعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} قال عبد الله ابن عمر نزلت هذه الآية فى زكاة الفطر من رمضان..
قال أبو سعيد الخدرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرا قول الله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى . وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} ثم يقسم الفطرة على فقراء المسلمين قبل أن يغدو إلى المصلى..
فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل مسلم هي فرض على الذكر والأنثى الكبير والصغير الحر والعبد الصائم وغير الصائم ..
شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكون زكاة الفطر من رمضان هذه طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من امة محمد صلى الله عليه وسلم تغنيهم عن السؤال فى يوم العيد ..
يجوز اخراجها قبل العيد بيوم او يومين ويجوز اخراجها قبل ذلك من باب التوسعة على الفقراء ويحرم تاخيرها لما بعد صلاة العيد..
«من أخرجها قبل صلاة العيد فهى زكاة مقبولة ومن أخرجها بعد صلاة العيد فهى صدقة من الصدقات» هكذا قال النبى صلى الله عليه وسلم..
زكاة الفطر شرعت ليخرجها الغنى والفقير قال «أما غنيكم فيزكيه الله بها وأما فقيركم فيرد الله إليه أكثر مما أعطى»
فان لم يكن عند الفقير ما يخرجه فالزكاة فى ذمته يخرجها وقت ما تيسر له ..