مختارات من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل (1)

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

وقد حوى كتابه الكثير من الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم, وعن التابعين رحمهم الله, ولنفاستها وفائدتها, فقد اخترتُ بعضاً منها, أسأل الله الكريم أن ينفعني وجميع المسلمين بها.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين....أما بعد: فلا يخفي أن إمام أهل السنة والجماعة, الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله, كان إماماً في الفقه, والحديث, والسنة, والورع, والزهد, فلا غرو أن يكون  من مصنفاته: كتاب في الزهد, وكتابه من أفضل الكتب التي صنفت في الزهد, يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الذين جمعوا الأحاديث في الزهد والرقائق...أجود ما صنف في ذلك: الزهد للإمام أحمد[مجموع الفتاوى:11/580]

وقد حوى كتابه الكثير من الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم, وعن التابعين رحمهم الله, ولنفاستها وفائدتها, فقد اخترتُ بعضاً منها, أسأل الله الكريم أن ينفعني وجميع المسلمين بها.  

 

الصلاة

أهمية الصلاة في الإسلام:

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.

الخشوع في الصلاة:

* كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا قام في الصلاة كأنه ثوب ملقى.

* كان الربيع بن خيثم رحمه الله, إذا سجد فكأنه ثوب مطروح, فتجيء العصافير فتقع عليه.

* عن ميمون بن حيان رحمه الله قال: ما رأيت مسلم بن يسار متلفتاً في صلاته قط خفيفة ولا طويلة, ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدمه, وإنه لفي المسجد في صلاة فما التفت.

وذكر لمسلم بن يسار قلة التفاته في صلاته, قال: وما يدريكم أين قلبي ؟

حال من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهاه عن المنكر:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: من لم تأمره الصلاة بالمعروف, وتنهاه عن المنكر, لم يزد إلا بعداً.

صلاة النافلة جالساً من غير عذر:

قال مسلم بن يسار: إني أكره أن يراني الله عز وجل أصلى له قاعداً من غير عذر.

ذكر الله عز وجل

ذكر الله عز وجل وذكر الناس:

قال عمر رضي الله عنه: عليكم بذكر الله فإنه شفاء, وإياكم وذكر الناس فإنه داء.

 

ثواب من كان لسانه رطب بذكر الله عز وجل:

 

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن الذين ألسنتهم رطبة بذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك.

من لا ينام على ذكر الله عز وجل:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما من رجل ينام لا يذكر الله عز وجل, إلا بال الشيطان في أذنه, وأيم الله لقد فعل بصاحبكم الليلة. يعني نفسه.

القرآن الكريم

طهارة القلوب وقراءة القرآن:

قال عثمان رضي الله عنه: لو طهرت قلوبكم, ما شبعت من كلام الله عز وجل.

إشغال القلوب بالقرآن:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن, ولا تشغلوها بغيره.

أخلاق حملة القرآن:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون, وبنهاره إذ الناس مفطرون, وبحزنه إذا الناس يفرحون, وببكائه إذا الناس يضحكون, وبصمته إذا الناس يخطئون, وبخشوعه إذا الناس يختالون.

آثار قراءة القرآن بفهم وتدبر:

قال الحسن البصري رحمه الله: والله يا ابن آدم لئن قرأت القرآن ثم آمنت به, ليطولن في الدنيا حزنك, وليشتدن في الدنيا خوفك, وليكثرن في الدنيا بكاؤك.

 

العلم

شرف العلم:

 

* قال مطرف بن عبدالله بن الشخير رحمه الله: فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة.

* قال الحسن رحمه الله: لباب واحد من العلم أتعلمه, أحب إليَّ من الدنيا وما فيها.

العلم الخشية:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: ليس العلم بكثرة الرواية, ولكن العلم الخشية.

أفضل العلم:

قال الحسن البصري رحمه الله: أفضل العلم: الورع, والتوكل.

العلم والحلم:

قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: ما جمع شيء إلى شيء أزين من علم إلى حلم

طلب العلم:

* قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه, تعلموا العلم, وتعلموا للعلم السكينة والحلم, وتواضعوا لمن تُعلِمُون, وليتواضع لكم من تُعلِّمُون.

* قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اطلبوا العلم, فإن لم تطلبوه فحبوا أهله, فإن لم تحبوهم فلا تبغضوهم.

* قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر, فإذا ذهب الأول قبل أن يتعلم الآخر فذاك حين هلكوا.

* قال ابن مسعود رضي الله عنه: ويل لمن لا يعلم, ولو شاء الله لعلمه.

* قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن أحداً لا يولد متعلماً, وإنما العلم بالتعلم.

 

العمل بالعلم:

 

* قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف, إذا لقيت ربي تبارك وتعالى أن يقول لي: قد علمت, فماذا عملت فيما علمت ؟

* قال ابن مسعود رضي الله عنه: ويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات.

* قال معاذ رضي الله عنه: تعلموا ما شئتم, فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعلموا

* قال الحسن البصري رحمه الله: قد كان الرجل يسمع بالباب من أبواب العلم فيتعلمه ويعمل به, فيكون خير له من الدنيا وما فيها.

أثر العمل بالعلم:

 

* قال الحسن رحمه الله: كان الرجل يطلب العلم, فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وهديه, ولسانه وبصره وبره.

* عن عبدالرحمن ابن يزيد بن جابر, عن أخيه يزيد, قال: لقيت وهب بن منبه بالموسم, فقال لي: ألك عهد بالحسن بن أبي الحسن ؟ فقلت له: نعم, فقال: هل أنكرتم من عقله شيئاً ؟ فقلتُ: لا, فقال وهب: إنا لنحدث أو إنا لنجد في الكتب أنه ما أوتى عبد علماً فسلكه في سبيل هدى, فيسلبه الله عقله أبداً.

* قال مالك بن دينار رحمه الله: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلقت موعظته عن القلوب, كما يزلق القطر عن الصفار. وقال: إنك إذا طلبت العلم لتعمل به سرك العلم, وإذا طلبته لغير العمل لم يزك إلا فخراً.

نسيان العلم:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان تعلمه, بالخطيئة يعملها

 

الفقيه:

 

قال الحسن رحمه الله: الفقيه الزاهد في الدنيا, الراغب في الآخرة, البصير بدينه, المداوم على عبادة ربه.

عقوبة العالم:

قيل للحسن البصري رحمه الله: ما عقوبة العالم ؟ قال: موت القلب, قيل: وما موت القلب ؟ قال: طلب الدنيا بعمل الآخرة.

 

الطاعة والعبادة

 

العبادة والتجارة:

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: كنت تاجراً في الجاهلية, فلما جاء الإسلام أخذت التجارة والعبادة, فلم يجتمعا لي, فأقبلت على العبادة وتركت التجارة.

 

طاعة الله ومحبة الناس:

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله, وإذا أحبه الله حببه إلى خلقه.

الطاعات وأثرها في الغزو والجهاد:

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: اعمل عملاً صالحاً قبل الغزو, فإنما تقاتلون الناس بأعمالكم.

قول الخير والعمل به:

قال ابن مسعود رضي الله عنه: قولوا الخير تعرفوا به, واعملوا أن تكونوا من أهله.

 

الدنيا

مثل الدنيا:

 

مرَّ عمر رضي الله عنه على مزبلة, فاحتبس عندها, فكأنه شق على أصحابه وتأذوا بها, فقال لهم: هذه دنياكم التي تحرصون عليها.

من يعمل ويجمع للدنيا:

 

قال ابن مسعود رضي الله عنه: الدنيا دار من لا دار له, ومال من لا مال له, ولها يجمع من لا عقل له.

 

البقاء في الدنيا:

 

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, لما أن حضره الموت, قال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار, ولا لغرس الشجر, ولكن لظمأ الهواجر, ومكابدة الساعات, ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

 

من آثر الدنيا على آخرته:

 

قال الحسن البصري رحمه الله: من آثر دنياه على آخرته, فلا دنيا له ولا آخره.

عدم الفرح بما يأتي من الدنيا, وعدم الأسى على ما يفقد منها:

قال الحسن رحمه الله: أدركت أقواماً لا يفرحون بشيء من الدنيا أتوه, ولا يأسون على شيء منها فاتهم.

من نافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة:

قال الحسن رحمه الله: إذا رأيت الرجل ينافس في الدنيا, فنافسه في الآخرة. وقال: إذا رأيت الناس يتنافسون في الدنيا, فنافسهم في الآخرة, فإنها تذهب دنياهم وتبقى الآخرة.

 

الزهد في الدنيا:

 

قال الحسن رحمه الله: من أبصر الدنيا زهد فيها.

الصدقة

تصدق طلحة رضي الله عنه بقيمة أرض باعها:

 

باع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أرضاً بسبعمائة ألف, فبات ذلك المال عنده ليله, فبات أرقاً من مخافة ذلك المال حتى أصبح ففرقه.

 

إعتاق ابن عمر رضي الله عنه لعبيد له لوجه الله عز وجل:

 

كان ابن عمر رضي الله عنهما, قائماً يصلي فأتى على هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تُنفقوا مما تحبون} [آل عمران:92] فأعتق جارية له, وهو يصلي, قد أراد أن يتزوجها.

دخل ابن عمر رضي الله عنهما على صفية امرأته فقال لها: إنه أعطاني ابن جعفر بنافع عشرة آلاف أو ألف دينار, فقالت: يا أبا عبدالرحمن فما تنتظر أن تبيع ؟ قال: فهلا ما هو خير من ذلك ؟ هو لوجه الله عز وجل.

تصدق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بسبعين ألفاً:

عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قال: رأيتها تقسم سبعين ألفاً, وهي ترقع درعها.

تصدق الربيع بن خيثم رحمه الله بكساء له في ليلة باردة:

جاء سائل إلى الربيع بن خيثم رحمه الله يسأل, فخرج إليه في ليلة باردة, فإذا هو كأنه مقرور, فنزع برنساً له فكساه. _ كان يزعم أنه من خز _ فأعطاه إياه, ثم تلا هذه الآية: {لن تنالوا البر حتى تُنفقوا مما تحبون }  [آل عمران:92]

             كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ