بيان (رابطة علماء المسلمين) حول اعتداءات اليَهُود عَلَى المُسلِمِينَ فِي فلسطين
إن المسلمين المجاهدين والمرابطين فِي فلسطين من الرجال والنساء والشباب عَلَى ثغر عظيم نسأل الله لهم الثبات، وأن يتقبل من مات مِنْهُم فِي الشهداء، وأن يرفع درجاتهم فِي العليين.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عَلَى أشرف الأنبياء والمرسلين، نَبِيِّنَا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
قَالَ تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ ٣٩ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 39-40]
تابعت رابطة علماء المُسلِمِينَ كما تابع العالم بأسره الاعتداءات الصهيونية عَلَى المُسلِمِينَ العُزَّل فِي المسجد الأقصى خاصة، وفِي فلسطين عامة، وما خلفته هَذِهِ الاعتداءات من إزهاقٍ للأرواح البريئة، وانتهاكٍ لحرمة المسجد الأقصى، ولحرمة شهر رمضان المبارك، وأيام عيد الفطر المبارك.
وكان لزاما عَلَى رابطة علماء المُسلِمِينَ من بيان بعض الأمور تجاه ما يحدث فِي فلسطين:
أولًا: إن كُلِّ شبر من فلسطين هُوَ ملك للمسلمين، وليس لليهود فِيهِ حق لا من قريب ولا من بعيد، وأن المسجد الأقصى هُوَ مسجد المُسلِمِينَ الَّذِي أسرى إليه النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أخبر ربنا سُبْحَانَهُ وتعالى فِي كتابه بقوله: {سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} [الإسراء: 1]
ثانيًا: تدعو رابطة علماء المُسلِمِينَ عموم المُسلِمِينَ للوقوف أمام هَذِهِ الاعتداءات وَهَذَا الاحتلال لأراضي ومقدسات المُسلِمِينَ كُلٌّ بحسب استطاعته، ومِنْ موقعه الَّذِي يخدم المُسلِمِينَ، حَتَّى تحرر كامل أراضي فلسطين من اليَهُود المعتدين الغاصبين، ويعود المسجد الأقصى للمسلمين ويطهر من دنسهم.
ثالثًا: تؤكد رابطة علماء المُسلِمِينَ عَلَى مسائل مهمة تتعلق بالحدث، مِنْهَا:
1) أنَّ قتالَ اليَهُود المغتصبين لأراضي المُسلِمِينَ فِي فلسطين حقٌّ واجبٌ عَلَى المُسلِمِينَ، وقد بشَّر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا القتال بقوله: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» (رواه مسلم).
2) أنَّ قتالَ اليَهُود المعتدين الغاصبين فِي فلسطين من الجهاد فِي سبيل الله الَّذِي تبذل فِيهِ الأموال والأنفس رخيصة لله عزَّ وجلَّ، من أجل إعلاء كلمة الله، قَالَ تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} [التوبة: 111]
3) أن أخطر صنف من النَّاس عَلَى المُسلِمِينَ بعد اليَهُود هم ربيبة اليَهُود من المنافقين الَّذِينَ فضحهم الله فِي كتابه فِي كثير من السور، قَالَ تعالى عنهم فِي غزوة الأحزاب: {وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا (12) وَإِذۡ قَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡهُمۡ يَٰٓأَهۡلَ يَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُواْۚ وَيَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِيقٞ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوۡرَةٞ وَمَا هِيَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارٗا (13) وَلَوۡ دُخِلَتۡ عَلَيۡهِم مِّنۡ أَقۡطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلۡفِتۡنَةَ لَأٓتَوۡهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلَّا يَسِيرٗا ١٤ وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا ١٥) [الأحزاب: 12-15] ، وقال عنهم (قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيۡكُمۡۖ فَإِذَا جَآءَ ٱلۡخَوۡفُ رَأَيۡتَهُمۡ يَنظُرُونَ إِلَيۡكَ تَدُورُ أَعۡيُنُهُمۡ كَٱلَّذِي يُغۡشَىٰ عَلَيۡهِ مِنَ ٱلۡمَوۡتِۖ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلۡخَوۡفُ سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلۡخَيۡرِۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَمۡ يُؤۡمِنُواْ فَأَحۡبَطَ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٗا (19)) [الأحزاب: 18-19] وقال عنهم: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة :47-48]
4) إنَّ الحرب الإعلامية لا تقلُّ أهميةً عن الحرب العسكرية، ففيها بيان وتوثيق لجرائم الصهاينة المجرمين، وفيها بيان وكشف لحلفائهم من المنافقين المخذلين للمسلمين وفضحهم، وكشف مخططاتهم. فكل مسلم اليوم مطالب بحسب وسعه واستطاعته أن يستثمر القنوات الإعلامية فِي وسائل التواصل لنشر أخبار المسلمين، والدفاع عن مقدسات المسلمين، والردِّ عَلَى المخذلين من المنافقين.
5) أنَّ الدعاء للمجاهدين والمرابطين فِي فلسطين بالنصر والتمكين حقٌّ واجبٌ عَلَى المسلمين يدعون بِهِ سرًا وعلانيةً فِي كل أوقات استجابة الدعاء، وفي صلاتهم وخاصة السجود. ولا يصح الاقتصار عَلَى الدعاء مع القدرة عَلَى الأخذ بأسباب النصر الأخرى التي أمر الله بها فِي قوله:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ (٦٠)} [الأنفال: 60] فلابد من بذل الأموال والأنفس لتحقيق هَذَا النصر والتمكين.
6) إنَّ أرض فلسطين أرض جهاد ورباط، فمن استطاع أن يجاهد بنفسه أَوْ بماله فهو مأجور مشكور، ومن لم يستطع فليس أقل من أن يحدث نفسه بذلك، لقول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ» . (رواه مسلم).
7) إن المسلمين المجاهدين والمرابطين فِي فلسطين من الرجال والنساء والشباب عَلَى ثغر عظيم نسأل الله لهم الثبات، وأن يتقبل من مات مِنْهُم فِي الشهداء، وأن يرفع درجاتهم فِي العليين.
وتدعو رابطة علماء المسلمين لدعم جهاد إخوانهم ورباطهم فِي المسجد الأقصى بالمال والعتاد، كل بحسب استطاعته ووسعه، كما تدعو الرابطة إلى نشر المقاطع المشرفة لهؤلاء المجاهدين والمرابطين فِي مواجهة الصهاينة المجرمين، ونشر المواقف المشرفة لنساء فلسطين فِي تربية أبنائهم عَلَى الجهاد والرباط والصبر والموت فِي سبيل الله.
إنَّ الله جل فِي علاه أرشدنا وعلَّمنا فِي كتابه عند الحديث عن معارك المسلمين فِي عهد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن يفضح المنافقين والمخذلين للمسلمين فِي هَذِهِ المعارك، وَهَذَا من الجهاد فِي سبيل الله اليوم، لتنقية الصف المسلم من الشوائب، وبيان الخبيث من الطيب، قَالَ تَعَالَى: {مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطۡلِعَكُمۡ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۚ وَإِن تُؤۡمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمۡ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} [آل عمران: 179]
نسأل الله عزَّ وَجَّل أن ينصر المسلمين فِي فلسطين وفي كل مكان وأن يكفَّ بأس الصهاينة المجرمين وحلفائهم المنافقين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
صادر عن /
الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين
بيان رقم (147)؛الأحد 4 / شوال / 1442