المعصية تورث الذل
رَأَيْـتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ *** وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
- التصنيفات: التوبة - النهي عن البدع والمنكرات -
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112].
تأمل قول الله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ... }، ثمَّ تأمل العلة التي من أجلها أذلهم الله تعالى؛ { ... ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}!
إنها الذنوب والمعاصي، والاستهانة بأمر الله تعالى، وتعدي حدوده ... أعظم أسباب الذلِّ.
وَلما كانت معصية الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، معصية لمن أرسله تعالى، كان لمن خالف أمره من الذُّلِّ وَالصَّغَارِ بقدر مخالفته؛ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي»[1].
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ لَا يُفَارِقُ قُلُوبَهُمْ، أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ:
رَأَيْـتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ *** وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَـرْكُ الذُّنُوبِ حَيَـاةُ الْقُلُوبِ *** وَخَيْـرٌ لِنَفْسِكَ عِصْـيَانُهَا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ *** وَأَحْبَــارُ سُــوءٍ وَرُهْبَانُهَا
وهي من أعظم أسبابِ جرأة الشياطين على العبد؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} [آل عمران: 155].
[1] رواه أحمد - حديث رقم: 5114، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1/ 213)، بسند ضعيف.
___________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب