الصين: نريد ثلاثة أطفال

عمر القباطي

ولو كانت الصين دولة تعرف الإسلام لما دخلت في كل هذا التخبط والحيرة، فالجميع يعلم أن السبب الرئيسي في تطور الصين هو عدد السكان الهائل الذي وفر لها اليد العاملة وعقول مبدعة كثيرة في جميع المجالات

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

 

بدأت الصين في عام 1979م في فرض سياسة الطفل الواحد سعيا منها لخفض عدد السكان الكبير، وسنت قوانين تعاقب من يخالف ذلك، كالحبس والطرد من العمل وفرض غرامات. التزم الشعب الصيني بتعاليم حكومته، وبدى أن القرار كان صائبا وسليما، حيث انخفض عدد السكان كثيرا، وفئة الشباب أصبحت الأكثرية في المجتمع، وهؤلاء كانوا عماد النهضة ووقودها.

وأصبح العالم يعرّف الصين أنها ثاني اقتصاد في المعمورة، وأنها المزود الأساسي للسلع والمنتجات المختلفة لأغلب دول العالم، وتمتلك بنية تحتية واسعة وكبيرة، ولديها مشاريع ضخمة كمشروع خط الحرير الجديد, وصاحبة شركات هواوي وشاومي وتيك توك..الخ

غير أن مالا يعلمه كثير منا عن الصين هي المخاطر المحدقة بها والمشكلات الكبيرة التي تواجهها، وهي كثيرة، من أبرزها الخلل في التركيبة السكانية جراء سياسات الطفل الواحد، إذ تبين أخيرا أن ذلك القرار كان خاطئا وسيئا، ظهرت أثاره بعد حوالي أربعين سنه من صدوره.

قبل أسابيع أظهر تعداد سكاني تزايد شيخوخة المجتمع الصيني، حيث يمثل الصينيون البالغون من العمر 60 عاما فما فوق18.7% من إجمالي عدد السكان، وبحسب الأمم المتحدة فإن أي مجتمع تزيد نسبة المسنين فيه عن 7% فهو مجتمع يعاني من الشيخوخة، مما يعني أن استمرار تطور الصين بات مهددا على المدى البعيد.

ولمواجهة ذلك، ألغت الحكومة القوانين السابقة وسمحت للأسر بإنجاب طفلين عام 2015م، إلا أن ذلك لم يجد نفعا وظلت نسب المواليد منخفضة، ثم عادت مجددا لتعديل القوانين وأعلنت وكالة الصين الجديدة الرسمية للأنباء "شينخوا" الأسبوع الماضي أنه تقرر زيادة العدد من 2 إلى ثلاثة أولاد, ومؤخرا ظهرت أصوات تدعوا لإلغاء فكرة التحديد تماماً.

ولو كانت الصين دولة تعرف الإسلام لما دخلت في كل هذا التخبط والحيرة، فالجميع يعلم أن السبب الرئيسي في تطور الصين هو عدد السكان الهائل الذي وفر لها اليد العاملة وعقول مبدعة كثيرة في جميع المجالات، والإجبار على تحديد النسل أخرج جيلا جديدا يحمل مفاهيم جديدة مختلفة عن تلك التي عرفها أباؤهم وأجدادهم، فغالبية الصينيين لم يعد لديه الرغبة سوى بولد واحد وبعضهم - لا سيما الأثرياء - لا يريدون أولادا بالمرّة، ودائما ما يتحججون بضغط العمل، فالرجل والنساء يعملون كالآلات دون توقف إذ ما زالت الشيوعية قائمة عندهم إلى الآن، وتؤرّقهم تكاليف تربية الأولاد ويخافون إذا أنجبوا أكثر من واحد أن لا يتمكنوا من توفير جميع المستلزمات لهم, فهم مساكين لا يعرفون قول الله  {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}  وكيف سيعرفون وهم لا يؤمنون بوجود الله أصلا.

والشباب منهم متأثر كثيرا بأسلوب الحياة الغربي الذي يتسم بالأنانية وحب الذات، وأصبح همهم الأكبر إشباع رغباتهم الذاتية كالسفر واقتناص الشهوات والسكن في البروج المشيّدة ومتابعة الموضة والإنغماس في وسائل التقدم التكنولوجي الجارف، أما الأسرة وتربية الأولاد فهو آخر شيء يفكرون به، وحديث (تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة) لم يسمعوا به ولا يعرفوا قائله، ونتيجة لذلك تراجعت معدلات الخصوبة لدى النساء الصينيات إلى 1.5 وفقا لـ البنك المركزي الصيني وهو من أخفض المعدلات عالميا.