النفس المطمئنة
هاني مراد
تعلم غاية الوجود وغاية الإنسان في هذا الوجود. وهي في هذا الوجود ترتبط بالكون كله لا بذاتها وحدها. وحدودها التاريخ كله؛ فتصل إلى تاريخ الرسل كلهم. وتوقن أن الموت ليس نهايتها!
- التصنيفات: التقوى وحب الله -
نفس مشرقة تنظر إلى عالم الغيب والشهادة لا الشهادة وحدها، وإلى الدنيا والآخرة لا الدنيا وحدها. تعلم أن كل شيء خُلق بقدر، وأن لكل أمر حكمة، لكنّ حكمة القدر العميقة قد لا تتكشف لنظرتها الإنسانية القصيرة.
تعلم غاية الوجود وغاية الإنسان في هذا الوجود. وهي في هذا الوجود ترتبط بالكون كله لا بذاتها وحدها. وحدودها التاريخ كله؛ فتصل إلى تاريخ الرسل كلهم. وتوقن أن الموت ليس نهايتها!
إنها نفس مؤمنة في الدنيا، وآمنة من الخوف والحزن يوم الحساب. وهي التي تطمئن إلى ربها وطريقها وقدر الله بها في الدنيا دون ارتياب. هي المطمئنة في السراء والضراء، في القوة والضعف، في المنح والمنع، في الغنى والفقر. إنها المطمئنة دون روع يوم الهول الرعيب. تعلم أن يد الله تعمل في الخفاء، فلا تتعجلها ولا تقترح عليها!
وطبيعة تكوين الإنسان من طين الأرض، ومن نفخة الله فيه من روحه، تجعل النفس البشرية تميل إلى الشهوات، لكنها تستطيع التسامي عليها وضبطها. فالإنسان يملك استعدادات متساوية للهداية والغواية، وللخير والشر، ولديه القدرة على توجيه نفسه إلى الخير أو الشر. وخطورة الشهوات أنها ترتكن في أصلها إلى بواعث ودوافع طبيعية! ولذا، لم يلجأ الإسلام إلى إنكار أو قتل تلك الدوافع؛ بل نحا إلى ضبطها وتهذيبها.
والله الذي خلق تلك النفس، ويعلم ما توسوس به، هو الذي وضع منهج اطمئنانها. ولأن فطرة النفس البشرية؛ من صنع الخالق؛ فإن الرسالة الخاتمة التي بعثها الخالق هي الأنسب لتلك الفطرة؛ فهي تدفعها تارة وتردعها تارة، حتى تردّها دائما إلى طبيعتها الأولى.