ضجة كل فترة
أحمد قوشتي عبد الرحيم
أن تكون منتميا للإسلام والسنة ، ومحبا للمسلمين أجمعين ، ومبغضا لأعداء هذا الدين ، مستقلا ، آخذا بالحق أيا كان مصدره ، ودائرا معه حيث دار ، غير متعصب لاسم ، أو طائفة ، أو جماعة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
هذه كلمة عامة بمناسبة ما يثار من ضجة كل فترة على وسائل التواصل حول مقاطع تنشر لشخص من اتجاه ما تتضمن أخطاء كارثية ، أو زلات واضحة ، فيتلقفها خصومه ، وتتفاوت مسالكهم بين من يردون بعدل وأدب نصحا للأمة ، ومن يستغلون الفرصة للتشنيع والذم وتصفية الحسابات مع تيار بأكمله يعادونه ، ثم إذا جاء خطأ مثله أو أشد لمن يحبونه سكتوا تماما ، أو في أحسن الأحوال ردوا ردا رقيقا مهذبا لا يكسر عظما ولا يخدش شخصا !!
وأقول لك يا عزيزي : -
كلنا - إلا من رحم الله -متحيزون بدرجة ما بين مستقل ومستكثر ، ولا نخلو من مقدار ولو ضئيل من التعصب الظاهر أو الخفي - مهما أنكرنا ذلك باللسان - وأما الموضوعية الكاملة ، والإنصاف التام في تناول القضايا الشرعية والفكرية فهي أمور شبه نادرة ، ولا تتأتى إلا لمن تخلى عن حظوظ النفس جميعها ، واستعلى على المخاوف والمطامع ، وجلنا يرى القذاة في عين أخيه وينسى الجذع معترضا في عينه ، ويضخم أخطاء خصومه ، ويبلع لمحبيه العظائم .
وهناك عوامل كثيرة تحكم مواقفنا من الأحداث والآراء ، منها الظاهر الجلي ، ومنها الخفي المتسرب إلى أعماق النفس ، وربما لا يدركه الإنسان .
فللنشأة الأولى والتربية دور ، ولطبائع الشخصية وميولها دور ، وللصداقات والعلاقات دور ، وللمواقف المسبقة دور ، وللانتماءات المذهبية أو الفكرية أو السياسية دور ، وللبحث عن المصالح والمغانم دور ، وللخوف من دفع ضريبة قول الحق دور ، ولهوى النفوس دور ، بل قد يتبنى المرء رأيا من الآراء ، ليس لقناعة حقيقية به ، وإنما كرها في مخالفيه ، وليس حبا في زيد وإنما بغضا لعمرو ، ولو تغيرت الأدوار لكان أشد المؤيدين لما انتقده من قبل .
وليس معنى ذلك بحال نسبية الحقيقة وسيولتها ، أو صحة كل رأى وموقف ، أو التسوية بين أهل الحق وأهل الضلال ، أو عدم وجود معيار للحكم على الأمور ، لكن ما أقصده أنه بقدر استقلالك عن التقولب والتحزب لجماعة أو حزب أو شيخ أو طائفة ، والذوبان الكامل في شيئ من ذلك ، بقدر ما تتسع نظرتك ، وتعتدل أحكامك ، وتكون أقرب للعدل والإنصاف .
وإذا كان لي من نصيحة أذكر بها نفسي وإياك فهي :
أن تكون منتميا للإسلام والسنة ، ومحبا للمسلمين أجمعين ، ومبغضا لأعداء هذا الدين ، مستقلا ، آخذا بالحق أيا كان مصدره ، ودائرا معه حيث دار ، غير متعصب لاسم ، أو طائفة ، أو جماعة ، أو حزب ، أو شخص ، وتلك نعمة عظيمة تستحق الشكر ، والعض عليها بالنواجذ ، وسؤال الله الثبات عليه.