المقالة الرابعة

وعلي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، كان يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة

  • التصنيفات: فقه الصلاة -

" الرد البياني على حكم تارك الصلاة للألباني" بقلم صلاح عامر

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا، وَصَلَّوْا صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا، وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ»(40)

يقول ابن القيم : ووجه الدلالة فيه من وجهين:

أحدهما: أنه إنما جعله مسلمًا بهذه الثلاثة ، فلا يكون مسلمًا بدونها.

الثاني: أنه إذا صلى إلى الشرق لم يكن مسلمًا ، حتى يصلي إلى قبلة المسلمين ، فكيف إذا ترك الصلاة بالكلية.(41) 

يقول الإمام البغوي في "شرح السنة ": وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ فِي مُعَامَلَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، إِنَّمَا تَجْرِي عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، دُونَ بَاطِنِهَا، وَأَنَّ مَنْ أَظْهَرَ شِعَارَ الدِّينِ أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَلَمْ يُكْشَفْ عَنْ بَاطِنِ أَمْرِهِ.

وَلَوْ وُجِدَ مَخْتُونٌ فِيمَا بَيْنَ قَتْلَى غُلْفٍ، عُزِلَ عَنْهُمْ فِي الْمَدْفَنِ، وَلَوْ وُجِدَ لَقِيطٌ فِي بَلَدِ الْمُسْلِمِينَ حُكِمَ بِإِسْلامِهِ.(42)

 

ويقول الإمام أحمد:(وَمن ترك الصَّلَاة فقد كفر) ، "وَلَيْسَ من الْأَعْمَال شَيْء تَركه كفر إِلَّا الصَّلَاة) من تَركهَا فَهُوَ كَافِر وَقد أحل الله قَتله .(43)

نكتة هامة : مسألة قتل تارك الصلاة مما يتكلم فيها الفقهاء ، أو غيرها من مسائل العقوبات والقصاص والحدود ، مثل حد الردة ، يقوم بها الحكام( القضاة ) ، لا أحاد الناس ، فهناك مسألة الاستتابة وغيرها ، للوقوف على حقيقة أمر كل حالة من التشريع ، بل ربما كان يصلي في بيته ، حتى لا تصبح فوضى تهدد العباد والبلاد .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، قَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ "، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: «فَوَ اللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ».(44)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ هَذَا؟» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ، فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: «وَالنَّقِيعُ نَاحِيَةٌ عَنِ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِالْبَقِيعِ».(45)

وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يُسَارَّهُ، فَسَارَّهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، فَجَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامِهِ وَقَالَ:  «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ » قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ » قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ، قَالَ: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ » قَالَ: بَلَى، وَلَا صَلَاةَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْهُمْ».(46)

 

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فِيهِ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ قَدْ خَطَّ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمَّا رَآهُ عَلَى حَالِهِ ذَلِكَ رَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقْتُلُهُ؟» فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا، فَذَهَبَ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي خِطَّتِهِ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَهُ، مَنْ يَقْتُلُهُ؟» قَالَ عَلِيُّ: أَنَا لَهُ، قَالَ: «أَنْتَ، وَلَا أَرَاكَ تُدْرِكُهُ» قَالَ: فَانْطَلَقَ فَلَمْ يُدْرِكْهُ ".(47)

 

وفي الحديث الطويل عن أبي هريرة: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي الهيثم بن التَّيهان: "هل لك خادم؟ " قال: لا، قال: "إذا أتانا سَبْيٌ، فأْتِنا" فأُتِي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اختر منهما"، فقال: يا نبي الله، اختر لي. فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفًا" فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق.(48)

وعلي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، كان يبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة ، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . (49)

 

وعن عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تِسْعَةً أَوْ ثَمَانِيَةً أَوْ سَبْعَةً، فَقَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " وَكُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِبَيْعَةٍ، فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " فَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟ " قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ: "عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاه .(50)

وفي رواية :" : "تُبَايعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَأَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ"، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ كَلِمَةً خَفِيفَةً "عَلَى أَنْ لَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا" .(51)

وما أنزل الله المال إلا لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " إِنَّ اللهَ قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ " .(52)

وعلى هذه الأمور الثلاثة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،  يكون تمكين الله للطائفة المنصورة في الأرض ، لقوله تعالى :" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)(الحج:41)

 

ويقول -رحمه الله- في دليل آخر : فإن أخشى ما أخشاه أن يبادر بعض المتعصبين الجهلة إلى رد هذا الحديث الصحيح لدلالته الصريحة على أن تارك الصلاة كسلاً مع الإيمان بوجوبها داخل في عموم قوله تعالى: [. . . . ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء] كما فعل بعضهم أخيرا بتاريخ (1407 هـ) فقد تعاون اثنان من طلاب العلم - أحدهما سعودي والآخر مصري - فتعقباني في بعض الأحاديث من المئة الأولى من (سلسلة الأحاديث الصحيحة) منها حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهـ (برقم: 87) ولفظه:(يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى منه آية وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: (لا إله إلا الله) فنحن نقولها

قال صلة بن زفر لحذيفة: ما تغني عنهم (لا إله إلا الله) وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟

فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثًا كل ذلك يعرض عنه حذيفة

ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة تنجيهم من النار. (ثلاثًا)

قلت: فسودوا في تضعيف هذا الحديث ثلاث صفحات كبار في الرد علي لتصحيحي إياه ولم يجدا ما يتعلقان به لتضعيفه إلا أنه من رواية أبي معاوية محمد بن خازم الضرير بحجة أنه كان يرى الإرجاء وأن الحديث موافق لبدعة الإرجاء

وهذا من الجهل البالغ ولا مجال الآن لبيانه إلا مختصرًا فإن أبا معاوية مع كونه ثقة محتجًا به عند الشيخين فإنه قد توبع من ثقة مثله وأن الحديث لا صلة له بالإرجاء مطلقًا

وهما إنما ادعيا ذلك لجهلهم بالعلم وكيف يكون ذلك وقد صححه الحاكم والذهبي وكذا ابن تيمية والعسقلاني والبوصيري

ولئن جاز في عقلهما أن هؤلاء العلماء كانوا في تصحيحهم إياه جميعًا مخطئين فهل وصل الأمر بهما أن يعتقدا بأنهم يصححون ما يؤيد الإرجاء؟

تالله إنها لإحدى الكبر أن يتسلط على هذا العلم من لا يحسنه، وأن يضعفوا ما أهل العلم يصححونه.

وهذا الحديث الصحيح يستفاد منه أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادة . وهذا لا يعني أنهم يعرفون وجوب الصلاة وسائر الأركان ثم هم لا يقومون بها ، كلا ليس في الحديث شيء من ذلك ، بل هم في ذلك ككثير من أهل البوادي والمسلمين حديثًا في بلاد الكفر لا يعرفون من الإسلام إلا الشهادتين ، وقد يقع شيء من ذلك في بعض العواصم ، فقد سألني أحدهم هاتفيًا عن امرأة تزوجها وكانت تصلي دون أن تغتسل من الجماع.

وقريبا سألني إمام مسجد ينظر إلى نفسه أنه على شيء من العلم يسوغ له أن يخالف العلماء سألني عن ابنه أنه كان يصلي جنبًا بعد أن بلغ مبلغ الرجال واحتلم ، لأنه كان لا يعلم وجوب الغسل من الجنابة

وأقول :ردًا على كلام الشيخ -رحمه الله- الذي يرى فيه أنه الدليل الذي وجد فيه ضالته ليعنف على المخالفين له في هذه المسألة بأنهم جهلة متعصبين ، ولن أناقش في مسألة تخريج الحديث ، فهذا تخصصه - رحمه الله -  وهو - علامة عصره - في علم الحديث ، نحسبه كذلك ، والله حسيبه ، و لا نزكي على الله أحد ، فكلنا عيال عليه ننهل من علمه ومجهوداته حتى الساعة في علم الحديث –فيقول: فاحفظ هذا فإنك قد لا تجده في غير هذا المكان  ويبين أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام سوى الشهادة ، وهذا لا يعنى أنهم يعرفون وجوب الصلاة وسائر الأركان ثم هم لا يقومون بها كلا ليس في الحديث شيء من ذلك.

أنقل لكم نص حديث حذيفة كما هو ، لكي نقوم بالرد على كلامه رحمه الله ، فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ، وَلَا صَلَاةٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ، وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا " فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ، وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ، وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: «يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ» ثَلَاثًا.(53)

فأقول لطلبة العلم الذين يتبعون الشيخ أو غيره في هذه المسألة : نعم قد لا تجده في غير هذا المكان ؛ لأنه في غير موضعه ، لأن هؤلاء لا يحاسبون على فرائض لم يصلهم العلم أو السماع بها ،  وهذا منهج الشيخ -رحمه الله- ومنهجنا في مسألة " العذر بالجهل " لما جاء في كتاب ربنا تبارك وتعالى و ما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى :" وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)"(الإسراء:15)

ولقوله تعالى" وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)(القصص:59)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ».(54)

فكيف يكون ما يستفاد من الحديث أن الجهل قد يبلغ ببعض الناس أنهم لا يعرفون من الإسلام سوى الشهادة ، ثم لا يُعرج على حكم هذه المسألة بأنهم غير مطالبين أو مؤاخذين من الله تعالى ، إلا على الأعمال التي  بلغهم العلم  أو السماع بها ، ولذا تنفعهم التلفظ بالشهادة التي لم يبلغهم غيرها ، بخلاف من كان يعيش في بلاد الإسلام وغيرها من بلاد الكفر ، ويعلم بأمر الفرائض الخمس ، ويمر على المساجد ويسمع الأذان و لا يصلي .  فإلى الله المشتكى.

ويقول الشيخ الألباني رحمه الله- في كتابه " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1 / 130 - 132) تعليقًا على هذا الحديث الصحيح :هذا : وفي الحديث فائدة فقهية هامة : وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة ، ولو كان لا يقوم بشيء من أركان الإسلام الخمسة الأخرى ، كالصلاة وغيرها.

بعد أن ساوي بين الذين لم يصلهم العلم أو السماع بها ،  كما أثبت هو من نص الحديث ، وبين الذين لا يصلون ممن يسمعون قراءة القرآن ويرون المساجد ويسمعون ويرون المصلون وهم يصلون في المساجد جماعة ويمرون عليهم ، وعلى شاشات التلفاز .

ويقول الشيخ الألباني -رحمه الله-:مباحث ومناقشات:

وعلى ذلك فالحديث دليل قاطع على أن تارك الصلاة إذا مات مسلمًا يشهد أن لا إله إلا الله: أنه لا يًخلد في النار مع المشركين

ففيه دليل قوي جدًا أنه داخل تحت مشيئة الله تعالى في قوله: [إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء]

وقد روى الإمام أحمد في (مسنده) (6 / 240) حديثا صريحًا في هذا من رواية عائشة رضي الله عنها مرفوعا بلفظ: " الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ. . ."  الحديث

وفيه: "فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ: فَالشِّرْكُ بِاللهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ، فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة: 72]

" وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا: فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ، أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْفِرُ ذَلِكَ وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ ".وقد صححه الحاكم (4 / 576)(55)

 ويقول : وهذا وإن كان غير مُسَلْمٍ عندي - لما بينته في "تخريج شرح الطحاوية" (رقم: 384)( الطبعة الرابعة) فإنه يشهد له هذا الحديث الصحيح فتنبه (يقصد حديث الشفاعة ).

فلماذا أفرده هنا ، وهو غير مسلم عنده صحته ، وهو يضعفه في  الأحاديث الضعيفة " و " المشكاة " (5133) .

وأقول : العجيب أن الشيخ الألباني يستدل بهذه الآية وهو يعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ».(56)

وفي رواية الترمذي :": "بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ ".

ويقول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-ووجه الدلالة من الحديث أنه جعل هناك فاصلاً بين الإيمان والكفر وهو الصلاة ، وهو واضح في أنه لا إيمان لمن لم يصل ، لأن هذا هو مقتضى الحد ، إذ أن الحد يفصل بين المحدودين .

وقوله : «بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ » ولم يقل بين الرجل وبين كفر منكرًا ، والكفر إذا دخلت عليه " ال " كان المراد به الكفر الحقيقي ، بخلاف ما إذا كان منكرًا ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم :": " اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ ".

فإن هذا لا يقتضى من الإسلام:" هما بهما كفر " يعنى هاتين الخصلتين .(57)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمِ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ».(58)

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ إِلَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ».(59)

 

وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" بين العبد وبين الكفر والإيمان : الصلاة ،فإذا تركها فقد أشرك ".(60)

وعَنْ بُرَيْدَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ". (61)

وعَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: «الصَّلَاةُ».(62)

وعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ الذَّنْبَ فِيكُمْ شِرْكًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَسُئِلَ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ قَالَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ ".(63)

وقال ابن أبي شيبة ،قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من ترك الصلاة فقد كفر».(64)

وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: " لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ " ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ " ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] ، حَتَّى بَلَغَ، {يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]، ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ،...... "الحديث (65)

 وعن زيد بن ثابت –رضي الله عنه ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا يَبْقَى الصَّلَاةُ، وَرُبَّ مُصَلٍّ لَا خَلاقَ لهُ عِنْدَ الله تَعَالَى » .(66)

 

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:" لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُروةً عُروةً ، فكُلَّما انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيها، فَأوَّلُهُنَّ نَقْضاً: الحُكْمُ ، وآخِرُهُنَّ: الصَّلاةُ".(67)

يقول ابن القيم : ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ، ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد ،وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد ،وكذلك الصلاة من الإسلام.

وجاء في الحديث "إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله" مجمع الزوائد فصلاتنا آخر ديننا وهي أول ما نسأل عنه غدًا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام هذا كله كلام أحمد. والصلاة أول فروض الإسلام ،وهي آخر ما يفقد من الدين ،فهي أول الإسلام وآخره ، فإذا ذهب أوله وآخره ، فقد ذهب جميعه، وكل شيء ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه. قال الإمام أحمد: كل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه، فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه .(68)

وعَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقُلْتُ مَنْ أَغْضَبَكَ ،قَالَ: «وَاللَّهِ لَا أَعْرِفُ فِيهِمْ مِنْ أَمْرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٍ شَيْئًا ؛ إِلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ جَمِيعًا».(69)

وفي رواية  : «مَا أَعْرِفُ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الصَّلَاةَ»(70)

وعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَا: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ مَا أَسْفَرَ فَقَالَ: «نَعَمْ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ» فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا.(71)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ العُقَيْلِيِّ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ».".(72)

 

وعَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِي، قَالَ: «تَرْكُ الصَّلَاةِ كُفْرٌ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ».(73)

 

وبوب أبو عوانة في " مستخرجه " باب بعنوان :بَيَانُ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ،وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ ،وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا أَعْلَى الْأَعْمَالِ ؛ إِذْ تَارِكُهَا يَصِيرُ بِتَرْكِهَا كَافِرًا".(74)

وعَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: " قَوْمٌ يَسْأَلُونِي عَنِ السُّنَّةِ،؟ فَقَرَأَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] حَتَّى بَلَغَ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] قَرَأَهَا وَهُوَ يُعَرِّضُ بِالْمُرْجِئَةِ . (75)

 

ورُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَجَابِرٍ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ تَكْفِيرُ تَارِكِ الصَّلَاةِ ،قَالُوا مَنْ لَمْ يصل فهو كافر، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ ،قَالَ: لَاحَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ . وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ :مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَهُ .

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ :مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَبَى مِنْ قَضَائِهَا وَأَدَائِهَا وَقَالَ: لَا أُصَلِّي ، فَهُوَ كَافِرٌ ،وَدَمُهُ وَمَالُهُ حَلَالٌ ،وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ،وَيُسْتَتَابُ ،فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ،وَحُكْمُ مَالِهِ مَا وَصَفْنَا كَحُكْمِ مَالِ الْمُرْتَدِّ ،وَبِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ ،وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ  ،وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ :وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا ، إِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ .(76)

وَعَنِ الْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ أَنْ يُشْرِكَ فَيَكْفُرَ أَنْ يَدَعَ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ» وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ: مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ. وَمِنَ الْفُقَهَاءِ: مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَشَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ(77)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  40- رواه البخاري(392 )،وأحمد(13056 )،وأبو داود(2641 )،والترمذي(2608 )،وابن حبان(5895 )

  41- الصلاة وحكم تاركها "للإمام ابن القيم(ص:27-28)مكتبة الإيمان-المنصورة - مصر. تحقيق عبد الله المنشاوي.

  42-"شرح السنة "الإمام البغوي(1/70)ط. المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت.الطبعة: الثانية.

  43-" أصول السنة"للإمام أحمد بن حنبل(12)(1/34)ط.الأولى -دار المنار - الخرج - السعودية.

  44-البخاري(1399،1400)،ومسلم32-(20)،وأحمد(117)، وأبو داود(1556)، والترمذي(2607)، والنسائي(2443)،وابن حبان(216).

  45- صحيح " رواه أبو داود(4928 )، والدار قطني في " سننه"(1758 )، وصححه الألباني في"صحيح الجامع"(2506 ).

  46- صحيح :رواه أحمد في" المسند"(23670 )وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيِّه، وإبهامه لا يضرُّ، وقد سمِّي في الروايات الأخرى عبدَ الله بن عدي الأنصاري، وابن حبان (5971)واللفظ له ، و" الشعب للبيهقي(2539 )، و" تعظيم قدر الصلاة"(955 )،و"المشكاة"(4481)

وصححه الألباني.

  47- إسناده حسن : رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(229)،وأبو يعلى في الزوائد(985 )،وقال الهيثمي في المجمع(227/6):رجاله رجال الصحيح.

  48- البخاري في "الأدب المفرد" (256) ، والترمذي في "السنن" (2369) ، وفي "الشمائل" (134) ، والحاكم في " المستدرك" (7178 ) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4604) ، والنسائي في " الكبرى "(6583 )،والطبراني في " الكبير"(570 ) ،والبغوي في "شرح السنة" (3612)وصححه الألباني في" السلسة الصحيحة"(1614) وهو عند مسلم مختصرًا(140 - (2038)) من غير ذكر قصة أبي الهيتم بن التيهان  .  

49 - البخاري(57)،ومسلم98 - (56)،وأحمد(19191)،والترمذي(1925 )،وابن خزيمة(2259)،وابن حبان(4545 ). 

  50- مسلم 108 - (1043)، وأحمد(23993)مختصرًا،وأبو داود(1642 )،والنسائي(460 )،وابن ماجة(2867 ).

  51- صحيح : رواه ابن حبان (3385 )وصححه الألباني

  52- رواه أحمد(21906 )وضعفه شعيب الأرنؤوط ،والطبراني في" الكبير"(3001-3003)،و" الأوسط "(2446 )،وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(1781 )،والسلسلة الصحيحة"(1636).

  53- صحيح : رواه ابن ماجة(4049 )،والحاكم في" المستدرك (8636 )وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي ،والبيهقي في" الشعب"(1870 )،وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 247 / 1) : " إسناده صحيح، رجاله ثقات " وصححه الألباني.

  54- رواه مسلم240 - (153)،وأحمد(8203 )، و" المشكاة"(10 -[9]).

  55- الحديث في " المسند"(26031 ) وخرجه شعيب الأرنؤوط ،بقوله: إسناده ضعيف ،وأخرجه الحاكم 4/575 من طريق يزيد بن هارون بهذا الإسناد، مختصراً.

قال الحاكم: صحيح، فتعقبه الذهبي بقوله: صدقة ضعفوه، وابن بابنوس فيه جهالة.

وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/2، والبيهقي في "الشعب" (7473) و (7474) من طرق، عن صدقة بن موسى، بنحوه مختصراً.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/348، وقال: رواه أحمد، وفيه صدقة ابن موسى، وقد ضعفه الجمهور.

  56- مسلم121 - (67)، وأحمد في " المسند"(10434 ).

  57-" فقه العبادات" لابن عثيمين (ص:126-127)ط.دار البصيرة-الأسكندرية -مصر.

  58- صحيح: رواه أحمد  في" المسند"(22937 ،23007 )والترمذي(2621 ) ، والنسائي(463 )،وابن ماجة(1079 )،وابن حبان(1454 )وصححه الألباني.

  59- صحيح : رواه ابن ماجة(1080 )وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(5388)، و"صحيح الترغيب "(567).

  60- إسناده صحيح :رواه المنذري في" الترغيب والترهيب"(1/379)وعزاه لهبة الله الطبري بسند صحيح ، وصححه الألباني .

  61- صحيح : رواه ابن حبان(1463) قال الألباني: صحيح؛ دون جملة التبكير؛ فهي موقوفة - "الإرواء" (1/ 276 / 255)، "التعليق الرغيب" (1/ 169).

  62- رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(893)،واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(1538)وحسن إسناده الألباني في" صحيح الترغيب"(1/227)

  63- إسناده حسن : رواه المروزي في " تعظيم قدر الصلاة"(947 )ط.دار العقيدة-مصر.الطبعة الأولى -تحقيق -أحمد أبو المجد"

  64- صحيح موقوف : رواه ابن عبد البر وغيره موقوفًا ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب"(575).

  65- صحيح : رواه أحمد(22016 )،والترمذي(2616 )،وابن ماجة(3973 )وصححه الألباني في" صحيح الجامع"(5136 - 1643).

  66- حسن : رواه الحكيم عن زيد بن ثابت،وحسنه الألباني في "صحيح الجامع"(2575 )، و"الروض النضير"( 727).

  67- صحيح : رواه أحمد في " المسند"(22160 )، وابن حبان(6715 )،وصححه الألباني في ((التعليق الرغيب)) (1/ 197).

  68-"الصلاة وحكم تاركها" للإمام ابن القيم(ص:9)

  69-  رواه البخاري(650 )،وأحمد في" المسند"(21700 ،21750،21751)،         

  70- صحيح : رواه أحمد في" المسند"(27501 )وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.        

  71- رواه مالك(1/39)،ووعبد الرزاق في" الموطأ" (3/125)،وابن سعد في" الطبقات"(3/350)،،وابن ؟أبي شيبة في " الإيمان"(103)،والدار قطني(2/52)،والآجري في " الشريعة"(272-271)، وابن بطة في الإنابة(873-871)، واللالكائي في" شرح أصول الاعتقاد(1529-1528)،والبيهقي في(1/357)،(3/366)،وصححه الألباني في "حاشية الإيمان" لابن منده.

  72- صحيح موقوف :رواه الترمذي(2622 )، والحاكم ،و"المشكاة"(579 -[16])،والمروزي في تعظيم قدر الصلاة"(948 )وصححه الألباني.

  73-" تعظيم قدر الصلاة" للمروزي (978).

  74- مستخرج أبي عوانة"فوق حديث رقم(171)

  75- تعظيم قدر الصلاة"(3).

  76-" التمهيد" لابن عبد البر "(225/4)ط. وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب.

  77-" شرح أصول الاعتقاد"للالكائي(1502)(4/896)ط.الثامنة- دار طيبة - السعودية.