الجزء التاسع عشر
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
* ( يغضوا من أبصارهم ) عن النظر إلى العورات, وإلى النساء الأجنبيات, وإلى المردان, الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة, وإلى زينة الدنيا التي تفتن, وتوقع في المحظور
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي: الجزء التاسع عشر
* سمى الاستئذان استئناساً, لأن به يحصل الاستئناس, وبعدمه تحصل الوحشة.
* ( {يغضوا من أبصارهم} ) عن النظر إلى العورات, وإلى النساء الأجنبيات, وإلى المردان, الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة, وإلى زينة الدنيا التي تفتن, وتوقع في المحظور
* من حفظ فرجه وبصره, طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش, وزكت أعماله, بسب ترك المحرم,...فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه, ومن غض بصره أنار الله بصيرته.
* العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته, مع دواعي الشهوة, كان حفظه لغيره أبلغ, ولهذا سماه الله حفظاً.
* البصر والفرج إن لم يجتهد العبد في حفظهما, أوقعاه في بلايا ومحن.
* ( {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ) وهذا لكمال الاستتار, ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها يدخل فيها جميع البدن.
* لا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة, وهي الرجوع مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً.
* {وتوبوا إلى الله} أي: لا لمقصد غير وجهه, من سلامة من آفات الدنيا, أو رياء, وسمعة, أو نحو ذلك, من المقاصد الفاسدة.
* فيه حث على التزوج, ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر.
* {حتى يغنيهم الله من فضله } وعد للمستعفف أن الله سيغنيه, ويسر له أمره, وأمر له بانتظار الفرج, لئلا يشق عليه ما هو فيه.
* نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد.
* البصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها, والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة, بمنزلة نظر البهائم.
* الفلاح : الفوز بالمطلوب, والنجاة من المرهوب, ولا يفلح إلا من حكّم الله ورسوله, وأطاع الله ورسوله.
* السيد, وولي الصغير, مخاطبان بتعليم عبيدهم, ومن تحت ولايتهم من الأولاد العلوم والآداب الشرعية, لأن الله وجه الخطاب إليهم, بقوله: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم } الآية, فلا يمكن ذلك إلا بالتعليم والتأديب.
* ينبغي للواعظ والمعلم ونحوهما, ممن يتكلم في مسائل العلم الشرعي, أن يقرن بالحكم بيان مأخذه ووجهه, ولا يلقيه مجرداً من الدليل والتعليل.
* الزينة على الأنثى ولو مع تسترها, ولو كانت لا تشتهى, يُفتنُ فيها, ويوقع الناظر إليها في حرج. {وأن يستعففن خير لهن}
* الاستعفاف: طلب العفة, بفعل الأسباب المقتضية لذلك, من تزوج, وتركٍ لما يُخشى منه الفتنة.
* { لعلكم تعقلون} معرفة أحكامه الشرعية على وجهها يزيد في العقل, وينمو به اللب, لكون معانيها أجل المعاني, وآدابها أجل الآداب, ولأن الجزاء من جنس العمل, فكما استعمل عقله للعقل عن ربه, وللتفكر في آياته, التي دعاه إليها, زاده من ذلك.
* {وكان الشيطان للإنسان خذولاً } يزين له الباطل, ويقبح له الحق, ويعده الأماني, ثم يتخلى عنه, ويتبرأ منه.
* لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان, وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن, وليُول من ولايته فيها سعادته, وليُعاد من تنفعه عداوته, وتضره صداقته, والله الموفق.
* المتكلم في العالم من محدث ومعلم وواعظ...كلما حدث موجب أو حصل موسم, أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمواعظ الموافقة لذلك
* {يمشون على الأرض هوناً } أي: ساكنين متواضعين لله, وللخلق, فهذا وصف لهم بالوقار, والسكينة, والتواضع لله, ولعباده.
* {وإذا خاطبهم الجاهلون} أي: خطاب جهل, {قالوا سلاماً} أي: خاطبوهم خطاباً يسلمون فيه من الإثم, ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله, وهذا مدح لهم بالحلم الكثير, ومقابلة المسيء بالإحسان, والعفو عن الجاهل, ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال.
* {والذين يبتون لربهم سجداً وقياماً} أي يكثرون من صلاة الليل, مخلصين فيها لربهم
* نص تعالى على هذه الثلاثة, لأنها أكبر الكبائر, فالشرك فيه فساد الأديان, والقتل فيه فساد الأديان, والزنا فيه فساد الأعراض.
* {والذين لا يشهدون الزور } أي: لا يحضرون الزور, أي: القول والفعل المحرم, فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة, أو الأفعال المحرمة, كالخوض في آيات الله, والجدال بالباطل, والغيبة, والنميمة, والسب, والقذف, والاستهزاء, والغناء المحرم, وشرب الخمر, وفرش الحرير, والصور, ونحو ذلك, وإذا كانوا لا يشهدون الزور فمن باب أولى وأحرى أن لا يقولوه ويفعلوه, وشهادة الزور داخلة في قول الزور, تدخل في هذه الآية بالأولوية.
* { وإذا مروا باللغو } وهو الكلام الذي لا خير فيه, ولا فيه فائدة دينية, ولا دنيوية ككلام السفهاء, ونحوهم ( مروا كراماً) أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه, فإنه سفه...فربأوا بأنفسهم عنه, وفي قوله: ( وإذا مروا باللغو ) إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره, ولا سماعه, ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.
* {والذين يقولون هب لنا من أزوجنا } أي: قرنائنا من: أصحاب وأقران وزوجات. ( {وذرياتنا قرة أعين } ) أي: تقرُّ بهم أعيننا, وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم, عرفنا من هممهم, وعلو مرتبتهم, أن دعاءهم لذرياتهم في صلاحهم, فإنه دعاء لأنفسهم, لأنه نفعه يعود عليهم, ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم, فقالوا: ( هب لنا ) بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين, لأن صلاح من ذكر, يكون سبباً لصلاح كثير ممن يتعلق بهم, وينتفع بهم.
* {واجعلنا للمتقين إماماً} أي: أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية, درجة الصديقين, والكمل من عباد الله الصالحين, وهي درجة الإمامة في الدين, وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم, يقتدى بأفعالهم ويطمئن لأقوالهم, ويسير أهل الخير خلفهم, فيهدون, ويهتدون.
* درجة الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر واليقين, كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }
سورة الشعراء:
* القلب السليم, معناه: الذي سلم من الشرك, والشك, ومحبة الشر, والإصرار على البدعة والذنوب, ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها, من الإخلاص, والعلم, واليقين, ومحبة الخير, وتزيينه في قلبه, وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله, وهواه تابعاً لما جاء به.
* {فأخذهم عذاب يوم الظلة} أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحتها خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
* هل يليق بمؤمن بالله, ورسوله, ويدعي اتباعه, والاقتداء به, أن يكون كلاًّ على المسلمين شرس الأخلاق شديد الشكيمة عليهم, غليظ القلب, فظ القول, فظيعه ؟ وإن رأى منهم معصية, أو سوء أدب, هجرهم, ومقتهم, وأبغضهم, لا لين عنده, ولا أدب لديه, ولا توفيق, قد حصل من هذه المعاملة من المفاسد, وتعطيل المصالح ما حصل...فهل يُعدُّ هذا إلا من جهله, وتزيين الشيطان, وخدعه له.
* أعظم مساعد للعبد على القيام بما أمر به, الاعتماد على ربه, والاستعانة بمولاه, على توفيقه للقيام بالمأمور, فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه, فقال: {وتوكل على العزيز الرحيم }
* التوكل هو: اعتماد القلب على الله تعالى, في جلب المنافع, ودفع المضار, مع ثقته به, وحسن ظنه بحصول مطلوبه, فإنه عزيز رحيم, بعزته يقدر على إيصال الخير, ودفع الشر عن عبده, وبرحمته به يفعل ذلك.
* الصلاة....من استحضر فيها قرب ربه, خشع وذل, وأكملها, وبتكميلها يكمل سائر عمله, ويستعين بها على جميع أموره.
* استحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله, وسمعه لكل ما ينطق به, وعلمه بما ينطوي عليه قلبه من الهم والعزم والنيات, يعينه على مرتبة الإحسان.
سورة النمل:
* ( {وهم بالأخرة يوقنون} ) يقينهم بالآخرة يقتضي كمال سعيهم لها, وحذرهم من أسباب العذاب, وموجبات العقاب, وهذا أصل كل خير.
* من عزته, أن تعتمد عليه, ولا تستوحش من انفرادك, وكثرة أعدائك, وجبروتهم, فإن نواصيهم بيد الله, وحركاتهم وسكونهم بتدبيره.
* من ظلم نفسه بمعاصي الله, وتاب وأناب, فبدل سيئاته حسنات, ومعاصيه طاعات, فإن الله غفور رحيم, فلا ييأس أحد من رحمته ومغفرته, فإنه يغفر الذنوب جميعاً, وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
* عنوان سعادة العبد, أن يكون شاكراً لله على نعمه, الدينية والدنيوية, وأن يرى جميع النعم من ربه, فلا يفخر بها, ولا يعجب بها, بل يرى أنها تستحق عليه شكراً كثيراً.
* هذا حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, الأدب الكامل, والتعجب في موضعه, وأن لا يبلغ بهم الضحك إلا التبسم, كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جُلّ ضحكه التبسم, فإن القهقهة تدل على خفة العقل, وسوء الأدب, وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه يدل على شراسة الخلق والجبروت والرسل منزهون عن ذلك
* {وتفقد الطير } دلّ هذا على كمال عزمه وحزمه, وحسن تنظيمه لجنوده, وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار, حتى أنه لم يهمل هذا الأمر, وهو: تفقد الطير, والنظر هل هي موجودة كلها, أم مفقود منها شيء ؟ وهذا هو معنى الآية.
* ( قالت كأنه هو ) وهذا من ذكائها وفطنتها, لم تقل: هو, لوجود التغير فيه والتنكير, ولم تنف أنه هو, لأنها عرفته, فأتت بلفظ محتمل للأمرين, صادق على الحالين.
* ( { إن في ذلك لآية لقوم يعلمون} ) يعلمون أن عاقبة الظلم: الدمار والهلاك, وأن عاقبة الإيمان والعدل: النجاة والفوز.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ