الألعاب الرياضة: أحكام وآداب

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

وقال: لو أراد الإنسان أن يتسلى بالألعاب الرياضية المباحة ككُرة القدم لكن باعتدال فلا نرى في هذا بأساً, لأن فيه تمرين للبدن وتقوية له, وتسلية للنفس.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن وسائل تقوية البدن, وإجمام النفس, والترويح عنها: ممارسة الألعاب الرياضة, وهذه الألعاب أنواع, ولها أحكام وآداب, تكلم عن بعضها العلامة محمد بن صالح العثيمين, رحمه الله, في عددٍ من كتبه, جمعتُ ما تيسر لي من كلامه, أسأل الله الكريم أن ينفع بما جمعتُ, وأن يبارك فيه.                 

الترويح عن النفس بممارسة الألعاب الرياضية المُباحة باعتدال:

قال الشيخ رحمه الله: اللهو ينقسم إلى. لهو باطل – أي: لا نفع فيه ولا خير – لكنه يروح عن النفس, فهذا جائز, لكن بشرط ألا يتضمن مُحرماً أو ترك واجب, مثل: المسابقة على الأقدام والمصارعة, واللعب بالكرة بالقدم, وما أشبه ذلك من الأشياء التي فيها مصلحة, وفيها إجمام للنفس, ولا تُلهي كثيراً, فإن ألهت عن واجبات صارت حراماً, كما لو عكف أصحابها عليها في وقت الصلاة, وتركوا بذلك واجب الصلاة مع الجماعة أو في الوقت أو أضاعوا صلة الرحم أو بر الوالدين وكذلك لو أوقعت في مُحرم, بأن كانت سبباً للسبِّ والشتم والعداوة.

وقال: لو أراد الإنسان أن يتسلى بالألعاب الرياضية المباحة ككُرة القدم لكن باعتدال فلا نرى في هذا بأساً, لأن فيه تمرين للبدن وتقوية له, وتسلية للنفس.

وقال: الألعاب التي تُلهي كثيراً, فيذهب الوقت وأنت لا تُحسُّ به فتقتله, وفائدتها قليلة, فهذه حرام, لأنها تُذهب أعزَّ ما على الإنسان, فإن أعزَّ مال الإنسان عُمُره, أن العمر هو أرخص ما يهتم به الإنسان فتجده يبخل بالدرهم والدينار, ولكنه لا يبخل بالساعات الكثيرة التي تذهب من عمره بلا فائدة, مع أن العمر أغلى, كما قال الله تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ~  لعلي أعملُ صالحاً فيما تركتُ} [ [المؤمنون:99-100] ولم يقل لعلي أتَّجر فيما تركتُ حتى أربح, بل قال: لعلي أعملُ صالحاً فيما تركتُ [ حتى لا يضيع عليَّ بلا فائدة, وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال, فإضاعة الوقت من باب أولى.

المغامرة والمخاطرة بالنفس في بعض أنواع الرياضية:

سئل الشيخ: هل تجوز المغامرة بالنفس, أو المخاطرة, كما نرى...في بعض أنواع الرياضية العنيفة التي قد تؤدي بمن يمارسها إلى الهلاك ؟

فأجاب رحمه الله: هذا مُحرَّم, ولا يجوز للإنسان أن يُغرِّر بنفسه فيما يخشى منه التلف, أو الضرر, لأن الله تعالى يقول:  {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}  [النساء:29]

وإذا كان الله تعالى قد نهى عن ذلك فقال: { ولا تقتلوا أنفسكم }  [النساء:29] فإن كل شيء يؤدي إلى الموت, أو يؤدي إلى الضرر, فإنه أيضاً محرم, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم, وأعراضكم كحرمة يومكم هذا, في شهركم هذا, في بلدكم هذا.)

فكما أن الإنسان لا يحِلُّ له أن يعتدي على غيره, فلا يحل له أن يعتدي على نفسه بتعريضها لما فيه التلف, أو الضرر.

الملابس الرياضية التي تحتوى على شعارات وصور:

قال الشيخ رحمه الله: الواجب علينا – نحن المسلمين – أن نقاطع مثل هذه الألبسة, وألَّا نشتريها,  وفيما أحلَّ الله لنا من الألبسة الكثير, لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة صار فيها عز للكفار, حيث أصبحنا نفتخرُ أن تكون صورهم أو أسماؤهم ملبوساً لنا, هم يفتخرون بهذا, ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم. ثانياً: هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة, مصانعهم حامية, وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم, وهذا خطأ.

والذي أُشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائياً, وأن يكتفوا بالألبسة التي تُفصلُ...على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم

تميز الشباب المسلم بلبس الملابس الرياضية الساترة للعورة:

قال رحمه الله: الحقيقة أننا-ولله الحمد– أُمة مسلمة لنا كياننا, ولنا أخلاقنا, ولنا ما نفخر به من شريعتنا, فلا ينبغي أن نكون إمعةً نُقلد غيرنا في أمور تخالف ما جاءت في شريعتنا, الواجب علينا إذا كنا نُمارس هذه الرياضة, والغالب أن الذي يمارسها من الشباب, أن نستر ما بين السَّرة والركبة, ولا نبالي بغيرنا.

ثم إني أقول: إذا كان هذا نجماً في هذه المباريات, ومرمُوقاً, فإنه قد يكون قائد خيرٍ, وأسوة حسنة, إذا قام بستر ما بين سرته ورُكبته, فيكون قد سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنةً, لأنه عمل بها بعد أن كانت مضاعة:  «من سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنةً فله أجرها, وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة » 

وقال رحمه الله: الذين يلعبون الكرة يجب عليهم أن يتخذوا سراويل تصل إلى الركبة من السَّرَّة.

ضوابط عند اللعب بكرة القدم:

قال الشيخ رحمه الله: إعطاء النفس حظها من المتعة المباحة لا شك أنه غاية الحكمة, ثم إن لعبة الكرة مع ما فيها من التسلي, وإذهاب التعب النفسي فيها منفعة للبدن, لأنها نشاط وتقوية, لكن يجب فيها:

أولا: أن يتجنب اللاعبون...لبس السراويل القصيرة, فإن هذا لا يجوز, لأن إذا قلنا: إن الفخذ عورة فالأمر واضح أن العورة لا يجوز كشفها, ولا النظر إليها.

وإن لم نقل: إنه عورة فإن كشف أفخاذ الشباب فتنة, يفتتن بعضهم ببعض, وهذه مفسدة يجب درؤها.

ثانيا: ألا يؤدي ذلك إلى الكلام القبيح من سب أو شتم, أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجوز ما يجر إلى الكلام البذيء الخارج عن المروة.

ثالثاً: ألا يحصل فعل مناف للمروة, كما يفعله بعض اللاعبين إذا غلب فريق منهم الآخرين جاؤوا يركضون ويتضامون, ويركبون على أكتاف بعضهم, وما أشبه ذلك من الأفعال المنافية للمروة.  

وقال رحمه الله: لعب كرة القدم لا بأس فيه إذا سَلِمَ من كشف العورة, ومن الكلام الفاسد, وما أشبه ذلك.

وقال رحمه الله : كرة القدم...تجوز...لأن فيها ترويحاً للنفس, وتقوية للبدن, وتعويداً على المغالبة, ولكن بشرط أن لا يدخلها التحزب المشين, كما يحصل من بعض الناس يتحزبون لنادٍ معين, حتى تحصل فتنة تصل إلى حد الضرب بالأيدي والعصي والحجارة.

المصارعة:

قال الشيخ رحمه الله: المصارعة جائزة بشرط ألا تكون على عوض, يعني: بشرط ألا يقول أحدهما للآخر: إن غلبتني فعليَّ كذا, وإن غلبتك فعليك كذا.

الملاكمة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا قاتل أحدكم, فليتجنب الوجه»  [متفق عليه] قال الشيخ رحمه الله: من فوائد هذا الحديث: وجوب اتقاء الوجه عند المقاتلة...ويتفرع...أن الملاكمة لا تجوز, لأنّها خطيرة, لا سيما أن من قواعد...الملاكمة أن يكون الضرب على الوجه خاصةً, فإذا كان على الوجه خاصة فهي مخالفة لهذا الحديث, فلا يجوز, فصارت محرمة لوجهين:

الوجه الأول: أنه يقصد بها الوجه قصداً أولياً, وقد نهي عن ذلك.

الوجه الثاني: أن فيها خطراً, وهو أن الملاكم لو ضرب أخاه على صده أو على كبده أهلكه, لاسيما وأنهم يلعبون بانفعال شديد, وكأنهم يريدون أن يقضوا على بعضهم البعض.

الكاراتيه:

قال الشيخ رحمه الله: إذا كان الإنسان يريد أن يتمرن تمريناً فقط ولكنه لا يضرب الوجه, من أجل أن يستعين بذلك على قتال العدو مثل الكاراتيه, فهذه يقولون: إنها مفيدة للإنسان جداً في مهاجمة العدو, وفي الهرب منه.

وقال رحمه الله: فإن قال قائل: هل يصحُّ تعلم رياضيات خاصة كالكاراتيه وغيرها؟

فالجواب: ليس فيها شيء, والأصلُ الجوازُ إذا لم يكن فيها ضربُ آناف أو عيون أو شيء.

الشطرنج:

وقال رحمه الله: القول الراجح أن اللعب بالشطرنج محرم للأسباب التالية:

أولاً: لأنه لا يخلو غالباً من صورة تماثيل مُجسَّمة, ومعلوم أن اصطحاب الصور مُحرَّم, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « ( إن الملائكة لا تدخُلُ بيتاً فيه صورة)»

ثانياً: لأنه غالباً يُلهي كثيراً عن ذكر الله عز وجل, وما ألهى كثيراً عن ذكر الله عز وجل, فإنه يكون حراماً, لقول الله تعالى في بيان حكمة تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام في قوله:  {إنما يُريدُ الشيطانُ أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصُدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}  [المائدة:91]

ولأن الغالب في اللاعبين بهذه اللُّعبة التنازع والتنافر والكلمات النابية التي لا ينبغي أن تقع من مسلم لأخيه.

وقال رحمه الله: يقول بعض الناس: إن...الشطرنج يفتح الذهن, وينمي الذكاء ! ولكن الواقع خلاف ما يدعيه هؤلاء, بل أنه يبلد الذهن, ويجعل الذهن مقصوراً على هذا النوع من الذكاء, بحيث لو أن الإنسان استعمل فكره في غير هذه الطريقة ما وجد شيئاً.

لعبة الزهر:

سئل الشيخ عن حكم لعب الزهر ؟

فأجاب رحمه الله: هذا محرم عند كثير من علمائنا المعاصرين, وممن قال بتحريمه شيخنا عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله.

الأعمال الخارقة للعادة:

قال الشيخ رحمه الله: يوجد كثير من الخارق للعادة, لكنه سحر, كما فعل السحرة في حبالهم وعصيِّهم, القوا الحبال والعصيَّ على الأرض, فصار الناس يرونها حيَّاتٍ عظيمة,  { يُخيلُ إليه من سحرهم أنها تسعى  [ [طه:66] وهذه لم تسع لكنهم سحروا أعين الناس, وهذا خارق للعادة بحسب النظر, لا بحسب الحقيقة, فالحقيقة أنها حبال وعصيّ مُلقاة على الأرض, لكن الذي يُخيَّل للناس أنها سحر.

سمعنا أيضاً من يُمسك شعرةً, ويربطها بصدام السيارة, ويجرُّ السيارة بها مع أن الكابح مربوط, وهذا أيضاً خارق للعادة, فكون شعرةٍ تجُرُّ سيارةً مربوطُ كابحها, هذا لا يمكن حُدوثه, لكنهم يسحرون أعين الناس.

وكما سمعنا من يجعل الحجر على صدره, ويقول لأكبر جُثة حاضرة عنده: اصعد على الحجر, واضرب برجليك عليه.     كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ