من تجارب العلامة ابن عثيمين ومشاهدته - 1
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
وهذا شيء مُجرَّب, ولكن لا ينفع إلا من آمن بذلك من قارئ ومقروءٍ عليه, فإذا كان القارئ مؤمناً والمقروء عليه مؤمناً بفائدة هذا القرآن, انتفع به المريض
- التصنيفات: طلب العلم -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمما يكمل العقل وينميه, الاستفادة من تجارب الغير, ولأهمية التجربة قيل: أسأل مجرب, ولا تسأل طبيب ", وكلما كانت التجربة صادرة من إنسان عاقل حكيم كلما كانت الاستفادة منها أكبر وأعظم, فطوبى لمن استفاد من تجارب غيره ومشاهدته, والعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ذكر في عددٍ من مصنفاته أشياء جربها, أو جربها غيره, ووجدت الاستفادة منها, وهذه بعضها, أسأل الله أن ينفعني والجميع بها.
القرآن الكريم شفاء للأمراض الحسية:
قال الشيخ رحمه الله: فإن قيل: وهل التداوي بالرُّقى يشمل كل الأمراض؟
فالجواب: نعم، حتى الجروح، فإن التي تُسمى (القوبة) أو (النملة) وهي أمراض جلدية، كأنها النملة تمشي على الجلد، تحك الإنسان بشدة، وتنفر، وتكون فيها حُبيبات حمراء، وربما تكون جوانبها فيها صفرة، وهي تُؤذي الإنسان.
فهذه ينفع فيها أن تكتب عليها قوله تعالى: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266]، ولا يمضي أسبوع أو أسبوعان إلا وقد جفت وذهبت، وهذا شيء مُجرب، وقد جربتها أنا.
وقال رحمه الله: القرآن شفاء للأجسام دعنا من أمراض القلوب فهي أمراض خفية تُداوى بهذا الوحي العظيم لكن حتى الأمراض الحسِّيَّة فإنها تُداوى بهذا الوحي العظيم...نزل قوم بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في سرية على قوم من الناس, ولكن هؤلاء الذين نزلوا بهم لم يضيقوهم, فتنحى الصحابة ناحية, فبعث الله عقرباً شديدة اللسع, فلدغت سيدهم فتعب منها, فطلبوا راقياً ليرقيه, فقالوا: لعل مع هؤلاء القوم راقياً, فجاءوا إلى الصحابة وقالوا: إن سيدهم لُدغ فهل عندكم من راقٍ؟ قالوا: نعم, عندنا من يرقي, ولكن هل لديكم من جعل؟ أي: عوض, قالوا: نعم, لكم هذا القطيع من الغنم, أنجوا صاحبنا, فذهب أحد القوم, وجعل يقرأ على هذا اللديغ بفاتحة الكتاب: {الحمد لله رب العالمين} قرأها عليه فقام حتى كأنما نُشِطَ من عقالٍ, يعني: كأنه بعير فُكَّ عقالُه, أي انبعث نشيطاً لقراءة الفاتحة عليه....
وهذا شيء مُجرَّب, ولكن لا ينفع إلا من آمن بذلك من قارئ ومقروءٍ عليه, فإذا كان القارئ مؤمناً والمقروء عليه مؤمناً بفائدة هذا القرآن, انتفع به المريض, أما إذا كان يقرأ على سبيل الشَّكِّ والتجربة, فإنه لا ينفع.
وقال رحمه الله: القرآن شفاء حتى للإمراض الحسية, كما في هذا المثال, وكما جُرِّب أن يكتب على الحزا –قروح وبثرات تظهرُ في القدم أو في اليد أو في الذراع– يُكتبُ عليها { {فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت} } [البقرة:266] إذا كتبت هذه الآية عليها مرة أو مرتين, زالت – بإذن الله- نهائياً, ولو وضعت عليها كل دواء من الأدوية المعروفة ما نفع, لكن اكتب عليها هذه الآية تزُل, وهذا شيء مُجرَّب.
في عسر الولادة تعسر الولادة على المرأة أحياناً, اقرأ في ماء, أو اكتب بزعفران على جدران الإناء الآيات التي فيها أن الله سبحانه وتعالى مُعتن بالحمل, مثل: { {الله يعلم ما تحمل كل أُنثى وما تغيض الأرحامُ وما تزاد وكُلُّ شيءٍ عنده بمقدار} } [الرعد:8] ومثل: { {وما تحمل من أُنثى ولا تضعُ إلا بعلمه} } [فاطر:11] ومثل: { {إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها} } [الزلزلة:1-2] وما أشبه ذلك من الآيات, ثم تشربها المرأة التي عسُرت ولادتها, وتمسح ما حول المكان, وبإذن الله يسهُل خُروج الحمل, لكن كما قلت: المسألة تحتاجُ إلى إيمان من القارئ والمقروء عليه.
وقال رحمه الله: السورتان: الفلق والناس، نزلتا لنُشرة النبي صلى الله عليه وسلم من السحر الذي سحره به أحد الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام سُحِرَ، ورُقي بهاتين السورتين، وما تعوذ مُتعوذ بمثلهما، ولا أحسن منهما لرفع السحر؛ لكن بشرط أن يكون هناك صدق من قارئهما وقابلهما - أي: المقروء عليه - فإن كان في القارئ أو المقروء عليه شك، فإن ذلك لا ينفع؛ لكن إذا كان هناك قوة ويقين، فإنه بإذن الله ينفع، ولا أنفع منهما، وهذا شيء مجرب لمن وفق للإيمان واليقين، وصار المحل قابلًا، وهو المقروء عليه.
وقال رحمه الله: الأمراض قد تُشفى بقراءة القرآن، وهذا أمر واقع شهدت به السنة، وجرت عليه التجارب، وما ذكره السائل من كتابة بعض الآيات التي فيها الاستعاذة والاستجارة بالله عز وجل، بأن توضع في ماء وتشرب، فهذه قد جاء عن السلف الصالح، وهو مجرب نافع، يرقى بالفاتحة، بآية الكرسي، بالآيتين الأخيرتين في سورة البقرة ﴿ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } ﴾ [الفلق:1] ﴿ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ﴾[الناس: 1]
حلق تحفيظ القرآن والحلقات العلمية لها أثر كبير في أخلاق الطالب وتحصيله:
قال الشيخ رحمه الله: لا شك أن الالتحاق بجماعات تحفيظ القرآن، له أثر كبير بالنسبة لأخلاق الطالب، وأثر كبير بالنسبة لتحصيله؛ ولهذا لو سألنا أساتذة هؤلاء الطلبة، لقالوا: إنهم أحسن من الطلبة الآخرين الذين لم يلتحقوا بهذه الحِلَقِ، وهذا شيء مجرب مشاهد، خلافًا لما يظنه بعض الناس أنه إذا التحق بهذه الحلق أخذ من أوقاتهم الشيء الكثير الذي يمنعهم عن دروسهم النظامية، فإن هذا في الحقيقة وهْمٌ كبير لا حقيقة له.
واسألوا المدرسين عن هؤلاء الطلبة الذين التحقوا بجماعات تحفيظ القرآن الكريم، أو من فوقهم ممن التحقوا بالحلقاتِ العلمية، هل نقصهم ذلك؟ أبدًا، بل زادهم خيرًا وحفظًا لكتاب الله، وسوف يحمدون العاقبة في المستقبل.
كلما تأمل الإنسان كتاب الله اتضح له من المعاني ما لم يكن يعرفها من قبل:
قال الشيخ رحمه الله: إني أحثُّ الشباب خاصة، وغيرهم أيضًا على فهم كتاب الله، لا على أن يقرؤوه تعبُّدًا بتلاوته فقط، إن الله يقول في كتابه: ﴿ {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } ﴾ [ص: 29]، فلا بد من التدبُّر، والتدبر هو تفهُّم المعنى، ﴿ {وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} ﴾ يتعظوا به.
فإذا كنا نحرصُ على شرح الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلماذا لا نحرصُ على تفسير كلام الله؟! فهذا أولى وأعظمُ، والإنسان - سُبحان الله اسأل مُجربًا - كلما تأمَّل كتاب الله اتضح له من المعاني ما لم يكن يعرفها من قبلُ ﴿ {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} ﴾ [طه: 123]، وجرِّب تجد.
من تأمُّل القرآن فتح الله له معاني لا تخطُر له على البال وزاد إيمانه وانشرح صدره:
- قال الشيخ رحمه الله: إذا كان الله سبحانه وتعالى قد فتح عليك, وكان عندك نية وقصد صحيح في معرفة المعنى, فكل قراءة تقرؤها يتضح لك بها معنى غير الأول, وجرب تجد فهذا الشيء معلوم لكن هذا لمن علم الله منه صدق الطلب في معرفة المعنى
وقال رحمه الله: أنا أدعوكم ونفسي إلى أن يتأمل الإنسان دائماً في القرآن...وبتأمُّل القرآن يفتح الله على الإنسان معاني ما كان يعرفها, ولا تخطُر له على البال, قال الله عز وجل: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكر} [القمر:17] وجرب تجد لأن القرآن تبيان لكل شيءٍ وهذا كلام الله عنه والذي يحول بيننا وبين هذا التبيان لكل شيءٍ هو عدم إقبالنا على القرآن والتأمل فيه والتفكر فيه وإلا لو أننا تأملناه لوجدناه تبياناً لكل شيءٍ, وقال رحمه الله: القرآن كتاب هادٍ في العقيدة وفي السلوك وفي العبادة وفي المعاملات, وفي كل شيءٍ... ولهذا أنا أحثكم ونفسي على الحرص التام على القرآن تلاوةً وتدبراً وعملاً به, وجرب نفسك, ارجع للقرآن في هذه الأمور, وانظر ماذا يحصلُ لقلبك من الإيمان وانشراح الصدر ونور القلب ونور الوجه, هذا شيء مُجرَّب.
قوة الإيمان لها أثرها في الانتفاع بالقرآن, والأمن والاستقرار:
قال الشيخ رحمه الله: كلما كان الإنسان أقوى إيماناً بالله, كان القرآن أنفع له, في شفاء مرض القلب, وفي نور القلب, وفي انشراح الصدر, وفي طمأنينة القلب, وجرِّب تجد, وقال رحمه الله: كلما كان الإنسان أشد إيماناً بالله وأشد توحيداً له كان أشد أمناً واستقراراً, وهذا شيء مجرب.
الذنب قد يكون سبباً لصقل القلب وتطهيره:
قال الشيخ رحمه الله: الإنسان قد يكون الذنب له بمنزلة صقل الثوب وغسله, حيث يخجل من الله عز وجل, ويرى الذنب أمام عينيه, ويجد نفسه مستحياً من الله تبارك وتعالى فينيب إليه, ويزداد رغبة في الوصول إلى مرضاته...وجرب هذا تجد, إذ أذنبت ذنباً وجدت نفسك منكسرة منهزمة أمام الله عز وجل فتكثر من العمل الصالح وتزاد رغبة فيما عند الله عز وجل, فيكون هذا الذنب سبباً لصقل القلب وتطهيره, ويكون الإنسان بعد التوبة خيراً منه قبل التوبة.
الاستغفار من أسباب إصابة الصواب:
قال الشيخ رحمه الله: الاستغفار من أسباب إصابة الصواب بدليل قوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً} [سورة النساء/105-106] ولهذا فإن بعض أهل العلم إذا عرضت عليه مسألة من المسائل استغفر الله قبل أن يفتى فيها لأن المعاصي تحول بين العبد والتوفيق فإذا استغفر الإنسان ربه بقلب صادق زال هذا المانعُ, وجرِّب تَجِد
إحياء الوقت بالدعاء عند قراءة آية وعد أو وعيد:
قال الشيخ رحمه الله: أقرا القرآن ولا شك سيمُر بك في القرآن آياتُ وعيدٍ وآيات وعدٍ وآيات ترغيبٍ وآيات ترهيبٍ وكُلما مرت بك آيةُ وعدٍ أو ثوابٍ ادعُ الله وكلما مر بك آيةُ وعيدٍ وترهيبٍ استعذ بالله وبهذا تحيي الوقت بذكرٍ ودُعاءٍ وجرِّب تجد.
من صلى صلاة حقيقية استنار قلبه:
قال الشيخ رحمه الله: جرب تجد, إذا صليت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذ بذلك غاية الالتذاد.
ملء البطن غير محمود:
قال الشيخ رحمه الله: ملء البطن.. غير محمود, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( « حسب الآدمي لقيمات يُقمن صلبه, فإن غلبت الآدمي نفسه فثلث للطعام, وثلث للشراب, وثلث للنفس » ) وهذا هو الموافق للطب تماماً, وجرب تجد الراحة وعدم المشقة, وتأتي الوجبة الثانية وأنت تشتهيها تماماً.
الاستشفاء بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم يدحر الشيطان:
قال الشيخ رحمه الله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها, ما لم تعمل أو تتكلم» ) هذه نعمة من الله سبحانه وتعالى أن ما يُفكر فيه الإنسانُ إذا لم يركن إليه ويُثبِته فإنه لا يؤاخذ به مهما عظًم, لكن إذا ألقى الشيطان في قلبك مثل هذه الوساوس الشديدة فما موقفك؟ نقول: إن موقفك أن تستشفي بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بأمرين:
الأول: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
الثاني: الانتهاء والإعراض عن هذا الذي وقع في قلبك
وإذا مارست هذا العمل فإن الشيطان يندحر ثم لا يعود إليك مرة أخرى وجرب تجد
كلما قويت المحبة قوي التأثر:
قال الشيخ رحمه الله: الإنسان كلما امتلأ قلبه من محبة شخص قلده وقد كان خطي جميلاً في الأول ثم لمحبتي لشيخي عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله صرت أقلِّده أي أني جعلت خطِّي رديئاً تقليداً له لمحبَّتي له ثم لما رأيت أن الناس لا يستطيعون قراءة خطي قلَّدت خطّاً أحسن, وهذا شيء مجرَّب كلما قويت المحبة قوي التأثر.
بذل الشيء ولا سيما المال يشرح الصدر:
قال الشيخ رحمه الله: فوائد الزكاة الفردية والاجتماعية...الرابعة: أنها تشرح الصدر, فالإنسان إذا بذل الشيء, ولا سيما المال, يجد في نفسه انشراحاً, وهذا شيء مجرب, ولكن بشرط أن يكون بذله بسخاء وطيب نفس.
وقال: في الصدقة دفع حاجة الفقراء, والتخلق بأخلاق الفضلاء الكرماء, وأنها من أسباب انشراح الصدر, وجرب تجد.