التجارة الحلال: محمود العربي مثالاً

أحمد قوشتي عبد الرحيم

ومع أني لا أعرفه شخصيا ، لكن هذه الشهادات الكثيرة التي قيلت في حقه تكشف أنه استطاع أن يحقق تلك المعادلة الصعبة جدا في عصرنا هذا ، وهي الجمع بين النجاح في التجارة لأبعد مدى ، مع السيرة الحسنة

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
التجارة الحلال من أوسع أبواب الرزق وأفضله ، وأبعده عن رق الوظيفة ، وتحكم الآخرين ، كما أنها ضرورة لا غنى للناس عنها ، وقد عمل بها سادات الصحابة رضي الله عنهم كأبي بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ، وغيرهم الكثير.
لكن باب التجارة من الأبواب المحفوفة بالفتن ، والتي تحتاج من المشتغل بها دينا وصدقا وأمانة وعفافا وتمييزا بين الحلال والحرام ، ومن فتنها ما يحدث فيها من منافسات شرسة ، وإكثار من الحلف ، وإخلاف للعهود والمواعيد، ومعاملات محرمة أو مشبوهة ، وقروض ربوية ، واستغلال للناس ، ومبالغة في التربح ، وغير ذلك من أمور ، وكلما فسدت أحوال الناس اتسعت أبواب تلك الفتن ، وقل من ينجو منها بالكلية .
ولهذا كله ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " «إن التجار هم الفجار. قيل يا رسول الله: أو ليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ولكنهم يحدثون فيكذبون، ويحلفون فيأثمون» "
وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم " « إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق »
كذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم التجار إلى الإكثار من الصدقة تكفيرا لما لا تخلو منه التجارات من لغو وحلف ، فقال صلى الله عليه وسلم «"يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة"»
ومن الجميل في هذه الأزمنة الصعبة التي نعيشها، و يحتاج الناس فيها لنماذج مشرقة ، أن نرى هذا الثناء المتتابع على تاجر كبير عند وفاته مثل الحاج محمود العربي رحمه الله (صاحب مصانع توشيبا العربي بمصر )  ، ومع أني لا أعرفه شخصيا ، لكن هذه الشهادات الكثيرة التي قيلت في حقه تكشف أنه استطاع أن يحقق تلك المعادلة الصعبة جدا في عصرنا هذا ، وهي الجمع بين النجاح في التجارة لأبعد مدى ، مع السيرة الحسنة ، والإحسان إلى الخلق ونفعهم ، فرحمه الله وغفر له ، وسائر موتى المسلمين .