الفرار الفرار فإنهم يشيعون الفواحش

فقد اجتهد أعداءُ الإسلام في محاولاتِهم الشائنة، الراميةِ إلى إفساد الأخلاق والقِيَم، عبْرَ كثيرٍ من الوسائل، من صحفٍ ومجلات، وقنواتٍ وإذاعات ومواقعَ، وذلك بنشْر الأغاني الماجنة..

  • التصنيفات: الآداب والأخلاق - - آفاق الشريعة -

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فقد اجتهد أعداءُ الإسلام في محاولاتِهم الشائنة، الراميةِ إلى إفساد الأخلاق والقِيَم، عبْرَ كثيرٍ من الوسائل، من صحفٍ ومجلات، وقنواتٍ وإذاعات ومواقعَ، وذلك بنشْر الأغاني الماجنة، والأفلامِ الساقطة، والإعلاناتِ الهابطة، وصُوَرِ المتبرجات، من مذيعاتٍ ومقدِّمات برامج، متناسين قوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19].

 

وأمامَ هذا الغثاءِ المتكاثر تأتي هذه الكلماتُ دعوةً للعفاف والمروءة، والحشمةِ والحياء، والوقارِ والأدب، وتحذيرًا من الرذيلة والفاحشة والمنكر، وتوضيحًا لكلِّ مَن أراد سلوكَ طريقِ الخير والاستقامة؛ عسى الله أن يَهديَ المسلمين إلى صراطه المستقيم؛ {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27].

 

إن السدَّ المنيع أمام هذه المخاطرِ هو التوبةُ العامة، والرجوعُ إلى الله رجوعًا مطلقًا؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، والاستجابةُ لشرع الله استجابةً تامة؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، والالتزامُ الحقيقي بالوقوف في محراب العبودية، ومراقبةُ الله في السرِّ والعلن، وارتداءُ لباس الفضيلة بمعناها الكامل، المشتملة على طهارة الظاهر والباطن، المتضمنة للالتزام بالسلوك الفاضل، والكلام الفاضل، واللباس الفاضل.

 

ومن الأمور التي تيسِّر على العاقل الفرارَ من طوفان الفتن المحيطة ما يلي:

• الفَهْم الصحيح لمعنى الحجاب؛ فليس الحجاب مجردَ لباسٍ ترتديه المرأة؛ بل هو صيانة للمرأة عن الابتذال، فيشترط فيه أن يكون حجابًا ساترًا لا يَشِفُّ، واسعًا لا يَصِف، وألاَّ يكون تشبُّهًا بملابس الرجال أو الكافرات، وألاَّ تكون ألوانُه زينةً تَلفتُ الانتباهَ، وألاَّ يكون معطَّرًا، وبذلك نعلم أن ما انتشر من ملابسَ ضيقةٍ، أو شفافة، أو معطَّرة، أو ذات زخرفة وألوان تلفت الانتباه، كلُّ ذلك وغيرُه مما يُسَوِّلُ الشيطان لبعض النساء ارتداءَه أمامَ عامةِ الرجال، مِن صُوَرِ التبرُّج المنهيِّ عنه، ولا يعبِّر عن الحجاب الشرعي الذي يُرضي اللهَ - جل وعلا.

 

• تجنُّب الاختلاط المحرَّم بين الرجال والنساء، والحرصُ على صيانة الحُرُمات، والابتعادُ بالمدارس والجامعات، ومعاهدِ العلم، ومكاتبِ العمل، والمصالحِ العامة، أن تكون محلاًّ للشُّبُهات.

 

• الابتعاد عن الأماكن التي تُتَّخذ موطنًا للعبث الباطل، وتقصدها الفتياتُ المتبرجات والشبابُ التافه، ويُخلَع فيها ثوبُ الحياء، مثل كثيرٍ من الأفراح المختلطة، والمصايف، والمطاعم، والحدائق.

 

• استحضار معاني الفضيلة عند ركوب المواصلات، وتحرِّي أنواع المواصلات والأوقات التي يقلُّ فيها الزحام، وتحمُّلُ بعض المشقة في انتظار المواصلات الأقل زحامًا، ودفْعُ بعض المَبالِغ لركوب مواصلاتٍ أقربَ للإنسانية، وعلى المرأة أن تأنسَ بمنزلها، وأن تجعل الخروجَ وركوب المواصلات عند الأمور المهمة، ويُفضَّل أن تصطحب معها أحدَ محارمها؛ ليعينَها على صيانة نفسها؛ قال - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33].

 

• صيانة شرف مهنة الطب، ومراعاةُ آدابها، وعلى الرجلِ المريض أن يجتهد في اختيار الأطباء والممرضين، وعلى المرأة أن تجتهد في اختيار الطبيبات والممرضات، وعند مخالفة ذلك للضرورة، يُراعى تحريمُ الخلوة، وصيانةُ العَوْرات، وارتداءُ جلباب الحياء والعفَّة.

 

• قضية الصداقة بين الرجل والمرأة، المشتملة على الاستئناس بسرْدِ الكلام دون داعٍ، مع التبسط فيه والضحك، كلُّ هذا محرَّمٌ، سواء كان بين الطلبة والطالبات، أم الموظفين والموظفات، أم عبر غرف الدردشة.

 

• غض البصر وحفظ العين، فكم من نظرةٍ أوقعتْ في القلب ظُلمةً حالكة! وكم من نظرة أردَتْ صاحبَها قتيلاً وهو لا يدري! قال - تعالى -: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30، 31].

 

• الابتعاد عن العمل في كلِّ أمرٍ يساعد على نشْر المنكر، وتزيينِ الباطل، وتيسيرِ الفساد، سواء كان باسم الإعلام، أم التعليم، أم الثقافة، أم السياحة، أم التجارة، ومَن تَرَكَ شيئًا لله، عوَّضه اللهُ خيرًا منه.

 

وختامًا:

نهمس في أُذن الغيورين على جَناب الشرع الحنيف، من آباء ودعاة، ومربين ومسؤولين: لقد تعاظمتْ مهامُّكم في تحمُّلِ أمانة البلاغ، والتواصي للخروج من دائرة هذه الفتن، والسعي حثيثًا لتحقيق معاني العفة، ومنْع أسباب الانحراف، وتقويم الاعوجاج، فأَرُوا الله من أنفسكم خيرًا.

_____________________________________
الكاتب: طلحة محمد المسير