نفس... بلا إيمان

ونفس بلا إيمان فيها تبقى مضطربة وقلقة، وتائهة وخائفة

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله -
نفس... بلا إيمان
ونفس بلا إيمان فيها تبقى مضطربة وقلقة، وتائهة وخائفة: –
 
فأما اضطرابها فلأنها كالسفينة التي تتقاذفها الرياح في البحر. فتموج بها تقلبات الجو يميناً وشمالاً، وتتقاذفها العوامل المؤثرة التي تطغى عليها. فهي لم تجد ما يرسيها، أو يوصلها لبرّ الأمان، لأن كل نفس تأخذ مصدراً تشريعياً في سلوكها، أو منهجاً عقدياً في تصرفاتها. غير المصدر أوجده الله للمؤمنين، وارتضاه سبحانه لعباده وبعث به رسله، فإنه لا يلبي رغبة، ولا يريح نفساً، ولا يحقق هدفاً.
 
والمصدر الذي ارتضاه الله هو كتابه القويم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه تنزيل من عزيز حكيم، ثم ما بلّغ به المصطفى من وحي عن ربه أو أوضحه من شرع لصالح الأمة وإنقاذهم من الضلالة، مما يعالج ما يختلج في النفوس، ويؤرق الضمائر.
 
وبهذين المصدرين تسكن النفس من اضطرابها. وترتاح في مسيرتها، وتطمئن على حاضر أمرها ومستقبله.
أما كونها فلسفة: فإن من الغرائز التي أودعها الله في النفوس حب استجلاء المستقبل والتخوّف من العواقب، ولكي تسير في اتجاهها: تلجأ يميناً وشمالاً للبحث عما يحقق قبساً من أملها أو راحة من ضمير، ولا يمحو هذا القلق والحيرة من النفوس، إلا يقين يزيل دواعي هذا القلق، ويقضى على مسبباته، والإيمان بالقدر خيره وشره، واليقين بأن ما قدّره الله كائن لا محالة والرضا بما قسم الله: من أقوى دعائم هذا اليقين كما في حديث ابن عباس.

وأما كونها تائهة: فإن من يسير بغير هدى، أو معرفة لشرع الله الذي شرع لعباده: فإنه كالمسافر في طريق لا يعرف اتجاهه. وطرق المسالك في العبادة والعقيدة: كالطرق الموصلة من مكان لمكان، فالذي يأخذ المعروف منها بعلاماته وإرشاداته، فإنه قد سلك الآمن الموصل، أما غيره من الطرق فإنها تؤدى للضياع والاضطراب النفسي، وتدعو للخوف على النفس من المخاطر العديدة، وعلى المال والممتلكات، ألم يقل سبحانه: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَالِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[2].
 
ويقترن بتلك الأمور كلها الخوف، فهو مصاحب للاضطراب، بل هو المحرك له وهو المؤثر في القلق، كما أنه هو الذي يثير التيهان، ويدعو لعدم الاطمئنان.
 
فالخوف على المصير، والخوف من المستقبل، والخوف من النتائج، والخوف مما يحيط بالإنسان: على نفسه وولده وماله، وكل عزيز لديه، لأن أنواع الخوف كثيرة، ودواعيها عديدة القياس لكن منهجها واحد.
 
____________________________________
الكاتب: 
د. محمد بن سعد الشويعر