حلول عملية لمشكلة العنوسة

حاولت العديد من الدول الإسلامية وغيرها طرح حلولٍ عمليةٍ من خلال مشاريع صناديق الزواج وجمعيات التعارف لتقديم قروض ومساعدات للمُقْدِمين على الزواج وتجهيز الفتيات الفقيرات وإقامة حفلات زواجٍ جماعيٍ فضلاً عن وسائلَ أخرى كتوظيف الزكاة بوصفها..

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة - قضايا الشباب -
حاولت العديد من الدول الإسلامية كالسعودية والإمارات وماليزيا والكويت ومصر والأردن وغيرها طرح حلولٍ عمليةٍ من خلال مشاريع صناديق الزواج وجمعيات التعارف لتقديم قروض ومساعدات للمُقْدِمين على الزواج وتجهيز الفتيات الفقيرات وإقامة حفلات زواجٍ جماعيٍ فضلاً عن وسائلَ أخرى كتوظيف الزكاة بوصفها مورداً مالياً إسلامياً فاعلاً في القضاء علي العنوسة بوصفها مشكلةً كبرى في العالم الإسلامي.. كما ساهم بعض خبراء الاجتماع وشؤون الأسرة العرب في وضع حلول ومقترحات لمواجهة المشكلة والتخفيف من سلبياتها على الشباب والفتيات والمجتمع كله..

خطوط ساخنة لمنع العضل:
الداعية أحمد زارع- الناشط في مجال الزواج بالسعودية- يتحدث عن أبرز الاقتراحات لحل مشكلة العنوسة فيقول: الاقتراحات عديدة لكنها بحاجة إلى حالةٍ من الوعي تسود المجتمع بعمق الأزمة وعدم المبالاة، ومن الحلول استحداثُ خطوطٍ ساخنةٍ في المحاكم الكبرى لاستقبال شكاوى الفتيات اللائي يشكين من تسلط أولياء الأمور لمنعهن من الزواج وفي هذه الحالة يستدعى الأب لإلزامه تزويجَ ابنتِه وتلبيةَ رغبتِها‏.‏

أما الاقتراح الثاني فهو تخفيض المهور التي قد تصل في المتوسط إلي‏ 100‏ ألف ريال وهو ما يدفع الكثيرَ من الشبابِ إلي الزواج من الخارج   على الرغم مما يكتنف ذلك من مخاطر‏.‏

أما الاقتراح الثالث فهو أن يُفتَح المجال للفتاة لاختيار خطيبها بنفسها ولها في السيدة خديجة أسوةٌ حسنةٌ علي أن يحدث ذلك في إطار من   التقاليد المرعية بعيداً عن نظام التعارف الخارجي إذ مازالت بعض العائلات إلي الآن تضع العراقيل أمام تعارف العريس إلي الفتاة وتصر علي أن الرؤية الشرعية لا تكون إلا بعد عقد القران‏.‏

أما الاقتراح الرابع فهو إلغاء قصور الأفراح التي تبالغ في أسعارها ليصلَ سعرُها في الليلة الواحدة إلى أكثر من‏20‏ ألف ريال وهذا ما يدفعُ الكثيرين إلى الاستدانة من أجل إتمام الزواج‏.‏

ويضيف زارع: تقوم مديرات ووكيلات المدارس بجهود كبيرة في تزويج المدرسات والموظفات بالتعاون مع أئمة المساجد والمهتمين بقضايا الزواج إلا أن من الضروري أن يكون هناك وعي بأهمية هذا العمل وأنه يتم في إطار من السرية لأن البعضَ اتخذ من الإسهام في حلِّ مشكلة العنوسة الخطيرة في المجتمع وسيلة للتربح !

لجنة التوفيق بديل للخاطبة:
فضيلة الشيخ  سعود بن حمد الأسعدي- مساعد المدير التنفيذي لمشروع الشيخ عبد العزيز بن باز الخيري للمساعدة على الزواج - يشير إلى أن المشروع يسعى لتكوين لجنة تسمى بلجنة التوفيق وتحاول هذه اللجنة التوفيق بين الراغبين والراغبات في الزواج، ونحن الآن ننتظر موافقة ولاة الأمر - حفظهم الله - على ذلك، وهذه اللجنة ستحُل مَحَلَّ ما يدعى بالخَطَّابِين والخَطَّابات وما يغلب على هذه المهنة من ربح مادي لأن عملية التوفيق بين اثنين لابد أن تكون تحت مظلة شرعية وجِهة معروفة،وفي ظاهرة المكاتب التي تقوم بالتوفيق بين الراغبين بالزواج والراغبات علق بقوله: لابد أن يكون هناك جهة رسمية تتبنى هذا الجانب مصرح لها رسمياً من الجهات الحكومية مدعومة من هيئة كبار العلماء وبعض مشايخنا الأجلاء، لا يعمل في هذه الجهة إلا أصحاب العلم والثقة ويقترح ألا يعمل في هذا الجانب إلا من كان متزوجاً، ومشروع الشيخ عبد العزيز بن باز أحد هذه المشاريع.
 
وعن كيفية تشجيع فكرة الخِطبة للبنت وتغيير المفهوم الخاطئ لرفضها قال الأسعدي:
تشهد الآن مجتمعاتُنا وعياً فكرياً ودينياً وبدأ الناسُ البحثَ عن الحلولِ التأصيليةِ بعد عجز الأفكار والمناهج المستوردة والملفقة، ويمكننا الآن   العودةُ والدعوةُ لإحياء مثلِ هذه الفكرةِ عن طريق مشاريع الزواج الخيرية والمنابر الدعوية والمساجد والندوات خصوصاً بعد تفشي ظاهرة العزوف عن الزواج وانتشار العنوسة بشكل كبير جداً مما جعل الأسرَ مستعدةً لقبولِ مثلِ هذه الحلول.

* المالكي: التعدد ليس حلاً والتغييرُ مطلوب: 
عبد العزيز عبد الرحمن المالكي- المدير التنفيذي للجنة البيت السعيد بقطر- يرى: أنه لكي نتمكن من القضاء على مشكلة العنوسة يجب على الأسر إعادة النظر في مسألة المهور وتكاليف الزواج، وألا يتأخر سنُّ الزواج للفتيات إذا كان قد حان لهنَّ السنُّ المناسبُ للزواج، وتقدم إليهن الرجل الكفء المناسب. ولابد من مساهمة الأهل في تحمل الأعباء المادية في الزواج والتقليل منها قدر المستطاع، إضافةً إلى إمكانية العودة إلى نظام الزواج التقليدي الذي يعتمد على المعارف والأسر القريبة من أسرة الفتاة، والذي ثبت أنه يدوم.
 
والمسألة قد تحتاج إلى تغيير جذري لبعض الأفكار السائدة، وخاصة عند أولياء أمور الفتيات وذلك من خلال التوعية الشاملة عن طريق أجهزة الإعلام جميعها، وكذلك عن طريق إقامة المحاضرات والدورات الخاصة بذلك.
وحينما سُئِلَ المالكيُّ عن التعددِ بوصفه أحدَ الحلولِ لمشكلةِ العنوسة أجاب: التعدد ليس الحل الوحيد للمشكلة، بل يعتبر جزءاً من الحلول، لا سيما وأن هناك إساءة من بعض الناس إلى مسألة التعدد، فقد رأينا كثيراً من المعدِّدِين لا يقيمون العدل بين زوجاتهم وأولادهم، ومنهم من لا يستطيع إقامة بيتٍ آخر والإنفاق عليه؛ لأنه في الأساس غير قادر على تكاليف البيت الأول وعلى الرغم من ذلك يلجأ إلى فتح بيت آخر، وتزيد المشكلات عليه وكذلك الديون على كاهله.
والأولى بهذا الزوج الذي يفكر في التعدد أن يفكر في إخوانه الشباب ويساعد في تزويجهم ليساهمَ بذلك في بناء أسرة مسلمة.

لا للمبالغة:
الدكتور محسن العرقان- أستاذ علم النفس- يقول: المبالغة في مواصفات فتى وفتاة الأحلام أحد أسباب تأخر سن الزواج لدى الشباب والفتيات فلو علم هؤلاء أن تلك المواصفاتِ شيءٌ ومواصفات شريك الحياة أو الزوج والزوجة شيء آخر فسوف تُحَلُّ المشكلة، فمقاييس فتى وفتاة الأحلام غالباً ما تكون شكلية لا تكفى لإقامة أسرة وبيت، أما مقاييس الزوج والزوجة تكون عقلانية إذ تهتم بالجوهر ومتطلبات الحياة، والمواصفات التي يضعها الطرفان لفتى الأحلام مواصفات تضعها وسائل الإعلام ونجوم الطرب والفن لأنها أكثرُ الصورِ البراقةِ التي يراها الشاب أو الفتاة، فلماذا لا يتواضع الشبابُ ويستبدل تلك المواصفات الخيالية بأخرى واقعية فيصبح الزواج أكثرَ يسراً وعقلانية!
 
ويؤكد الدكتور أحمد المجدوب- أستاذ علم الاجتماع- ما سبق فيقول: السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى العنوسة في كثير من الأحيان هو نموذج فتى أو فتاة الأحلام وذلك بسبب المغالاة في المواصفات الخيالية والتي تؤدى إلى البقاء لسن متأخر بدون زواج؛ لذلك يجب على كل فتاة أو شاب التواضعُ في المواصفات لأن فتاة الأحلام فكرة وهمية تضعها وسائل الإعلام من خلال فتيات الإعلانات والفيديو كليب والفنانون وغيرهم، ولما كان الجميع يبحث عن الكمال والتميز فإنه لن يجدَ بسهولة من تنطبق عليه مواصفات فتى أو فتاة الأحلام وهذا ما يزيد المشكلة تفاقما.
 
ويضيف المجدوب: إذا كان الشباب والفتيات لهم دور في حلِّ هذه المشكلة من خلال التواضع في اختيار شريك الحياة؛ فإن من وسائل العلاج لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة أيضاً ما يقع على عاتق الأسرة؛ إذ يجب على الأُسر وأولياء الأمور أن يُيسروا على الشباب في الزواج مع مراعاة عدم الغلاء في المهور أو المبالغة في المطالب، والعودة إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتفعيل دور المؤسسات الرسمية في الدولة.

من جهته يرى الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي ضرورة أن يتواضع الأهل في مطالبهم وألاّ يكلِّفوا الخاطب ما لا يطيق، وأن يطلبوا أيسر المهور، ويقول: غلاء المهور مشكلة وعقدة عقدها الناس على أنفسهم، وشددوا فيما يسره الله تعالى عليهم، لقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في الزوجات " أيسرهن مهراً أكثرهن بركة " والنبيٌّ - صلى الله عليه وسلم- حينما زوج بناته زوجهن بأيسر المهور، لم يشترط لهن المئات ولا الآلاف، وإنما أخذ أيسر المهور، وكذلك السلف الصالحون، لم يكونوا يبحثون عن مال الرجل، وماذا يدفع، لأن البنت ليست سلعة تباع وإنما هي إنسان فلْيبحَثْ لها الأبُ أو الوليُّ عن إنسان كريمِ الدين والخلق والطباع، ولهذا جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» ولهذا قال السلف: "إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها ؛ لأن دينه يمنعه، وخلقه يردعه، حتى في حالة الكراهية".

ويضيف الدكتور القرضاوي: لقد أمر الإسلام بالمسارعة بتزويج البنات، وجاء في ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم-: «ثلاث لا يؤخَّرن: الصلاة إذا حضرت، والدَّين إذا حَلَّ، والأيِّمُ إذا حضر كفؤها».. فإذا حضر الكفءُ ينبغي على الأب ألّا يعوقه عنها من أجل المال أو غيره من المظاهر كأنها سلعة يساوم عليها، فعلى الآباء المسلمين ألا يعوقوا الزواج بهذه المهور وبهذه المغالاة فيها، فإن هذا هو أكبر عقبة في سبيل الزواج، وكلما عقَّدنا في سبيل الزواج وكلما أكثرنا من المعوقات والعقبات يسَّرنا بذلك سُبُلَ الحرام، وسهَّلنا انتشار الفساد، وأغوينا الشباب بأن يسيروا مع الشيطان وأن يتركوا طريق العفة وطريق الإحصان وطريق الحلال.
 
فما حيلة الشاب الذي يذهب ليتزوج فيجد هذه الطلبات المعوقة أمامه ؟ ماذا يصنع ؟ إنه سيُعرض عن الزواج ويبحث عن بيئة أخرى، ويترتب على ذلك كساد البنات، وفساد الرجال، هذه هي النتيجة الحتمية للمغالاة في المهور، وواجب علينا أن نيسر طريق الحلال لشبابنا ولفتياتنا فهذا ما شرعه الإسلام، وهذا ما رضيه لأبنائه.

د. المطلق: دور مميز لإمام المسجد:
الدكتور عبد الملك بن يوسف المطلق يطرح فكرة أخرى للقضاء على مشكلة العنوسة ويقول: كانت لي فكرة استحسنها بعض الزملاء دون البعض الآخر وملخصها: أن يتم التعرف على الفتيات اللاتي في سن الزواج - عن طريق أولياء أمورهن - وما هي الرغبات المطلوب تحققها في الزوج - مع التذكير بأن هذه الرغبات ينبغي أن تكون مما يلائم الواقع المعاصر - وكذلك بالنسبة إلى الرجل، ويكون المسئول عن هذا ممن يوثق بدينه وعلمه،يتولى الأمر بالسرية التامة لهذه المعلومات، وهذا الرجل لعله يكون إمام المسجد الجامع في هذا الحي مثلاً، أو غيره ممن عُرفَ عنه الغيرةُ على دينِ الله وحبُه للخير والصلاح، وممن له فراسة في وجوه الرجال، ليعرف من اللقاء الأول الرجل الجاد، من الرجل الهازل المتلاعب ونحو ذلك من المقاصد ويكون له مقر على شكل مكتب «زواج» أسوة ببعض المكاتب المعروفة، فيكون الوسيط بين الخاطب وولي المخطوبة، ويكون له أجر على هذا العمل غير أجر الاحتساب الذي سيناله في الآخرة - إن شاء الله تعالى-، ولابد أن يكون لهذا المكتب ارتباطٌ قويٌ بالمشاريع الخيرية من جهة التنظيم والمتابعة ونحوها.

دَور الدولة والزكاة:
الدكتور منيع عبد الحليم محمود - عميد كلية أصول الدين - يرى: أن علاج مشكلة العنوسة في الصورة الإسلامية أمر واجب علي الدولة أكثر منه علي الأفراد من خلال حل مشكلة البطالة بصفة عامة إلي جانب حل أزمة السكن من خلال توفير السكن اللازم بتكلفة بسيطة أسوة بمساكن الشباب التي تقام في البلدان المتقدمة والدولة مسئولة بشكل أساسي عن كل هذه الأمور التقليدية التي تكون الأسرة.
 
وأوضح الدكتور منيع أن استخدام الزكاة في حل أزمة العنوسة لدي الفتيات وتأخر الزواج لدي الشبان يرتهن بعدة أمور أساسية يتقدمها عجز الدولة التام عن تيسير ذلك إلى جانب عدم كفاية الصدقات من المقتدرين ورجال الأعمال لتيسير الزواج ثم نجعل الزكاة في المرتبة الثالثة بحيث إذا لم تكف جهود الدولة والصدقات بكفاية ذلك يتم الاستعانة بالزكاة في حالة الضرورة القصوى وهي تقدر بقدرها.

وفي مشروع "صندوق الزواج" المطبق في بعض دول الخليج العربي يشير الدكتور منيع إلي أنه يقوم بشكل أساسي علي أموال الدولة وتبرعات الأفراد ولم تدخل الزكاة فيه كمورد من موارده الأساسية، وإذا أردنا تطبيق مثل هذا المشروع في أي بلد وجب توفير دعم أساسي مباشر من الدولة ثم تبرعات الأفراد وبضمانٍ فاعلٍ من الحكومة حيث يقوم الصندوق بتوفير العناصر الأساسية التي يقوم عليها الزواج حيث إن الأصل فيه قدرة الزوج علي الكفالة والإنفاق لذا يعد عمل الشباب أحد الأسباب المباشرة لتيسير الزواج ومن ثم حل أزمة العنوسة في المجتمعات العربية المختلفة وهذا ما يؤثر بالإيجاب علي طبيعة المجتمع حيث إن هناك ارتباطاً مباشراً وحقيقياً بين عدم الزواج والانحراف مع ضرورة الأخذ في الاعتبار مسئولية الدول الإسلامية مسئوليةً مباشرة عن تيسير الزواج وهو أمر يجب أن ننهض به من أجل خير الأمة الذي يُنتَظرُ علي أيدي شبابها وفتياتها المسلمات.
 
ويقول الدكتور جمال الدين حسين - أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر -: إن الزكاة في الأساس تعد وسيلة أساسية للتكافل الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية ولهذا فإن استخدامها لتيسير الزواج لا حرمة فيه بل يقدم فائدة عظيمة للعديد من شبابنا وفتياتنا المسلمين والمسلمات وذلك مع ضرورة بل حتمية الاختيار الجيد للأفراد الأمناء من غير المنتفعين للقيام علي هذا الأمر بحيث يستفيد من هذه الأموال من في حاجة ماسةٍ إليها من الفقراء والمساكين.

وعن إمكانية تقديم بعض الشركات لزكاة أموالها على هيئة منتجات لها كالأدوات والأجهزة المنزلية لاستخدامها في تجهيز بيوت الزوجية للفقراء في إطار استخدام أموال الزكاة في تيسير أمر الزواج يوضح الدكتور جمال الدين حسين أن ذلك أمر اختلف فيه الفقهاء حيث تُخرج زكاة الأموال مالاً لا أجهزة أو خلاف ذلك وأنه يجب استخدام أموال الزكاة في توفير الضروريات الأساسية لتكوين بيت الزوجية المتواضع الخالي من سبل الرفاهية العالية غير اللازمة بالضرورة بحيث يستفيد أكبر عدد ممكن من هذه الأموال.
 
ويتحدث الشيخ عبد الفتاح الزيات أمين عام لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً موضحاً أن استخدام أموال الزكاة في التيسير علي المتعثرين في الزواج من الفقراء والمساكين وغير القادرين أمر جائز شرعاً ويدخل في إطار أحد مصارف الزكاة الثمانية المتمثل في "سبيل الله" مستشهداً بحديث المصطفي - صلي الله عليه وسلم - الذي قال فيه: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (حديث صحيح).

ويعلق الشيخ الزيات علي معني الحديث موضحاً أنه إذا طالت المدة ولم يستطع الشاب مع ذلك تمَلُّكَ المقدرةِ الماليةِ علي الزواج هل يمكن الاستمرار في الصوم؟! أليس هذا أمراً صعباً؟! وعند ذلك يكون استخدام الزكاة في حل تلك الأزمة أمراً مناسباً بحيث يستفيد من هذا من هم في حاجة حقيقية إليه ومن يستحقون المعونة والمساعدة وتكون في إطار توفير الاحتياجات الأساسية لإتمام الزواج بعيداً عن وسائل الرفاهية غير اللازمة.
 
وعن ابتكار أفكار خاصة للقضاء علي العنوسة كصندوق الزواج وما شابهه يقول الشيخ الزيات: الكويت كانت من أسبق الدول العربية والإسلامية في تفعيل دور الزكاة في حل العديد من المشكلات التي تنتاب المجتمع الإسلامي حيث يقدم بيت الزكاة الكويتي مساعدات مادية وعينية للشباب المتعثر في الزواج وهو مَثَلٌ طيب يجب أن يُحتذي في كل دولنا العربية والإسلامية للقضاء علي ظاهرة العنوسة التي تتحطم علي عتباتها آمالُ وطموحاتُ شباب العالم الإسلامي.

وطالبت العديد من الدراسات الأكاديمية التي أجريت في هذا الخصوص من بينها دراسة قدمت العام الماضي بقسم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر بتعميم أسلوب "صندوق الزواج" الذي عمل به في دول الخليج بل وتطويره ليصبح مؤسسة اجتماعية تُعنَي بشئون الأسرة وتيسير أمور الزواج علي أن يكون مدعوماً من رجال الأعمال والأثرياء مع تيسير المهور ومراعاة عدم المغالاة في تكاليف الزواج والبذخ في إقامة الأفراح والولائم والقضاء علي مشكلة البطالة كسبب رئيسي في تأخير سن الزواج مع مساهمة جادة لوزارة الإسكان بتوفير شقق للشباب بأسعار تتناسب وظروفهم المادية.
 
______________________________________________________
الكاتب: 
أحلام علي