فوائد من السبك الفريد على كتاب التوحيد-1
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
ومن أسباب تأثير الرقية أن يجزم المريض بأنها السبب الوحيد لشفاء ما به من ألم, ويعتقد أن القرآن والأدعية النبوية مؤثرة ومفيدة بإذن الله
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فللعلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين, رحمه الله, مصنفات كثيرة, منها: " السبك الفريد على كتاب التوحيد " وهو شرح لكتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب, رحمه الله, وفي شرح الشيخ ابن جبرين رحمه الله الكثير من الفوائد, وقد اخترت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع الجميع بها.
أسباب تأثير الرقية الشرعية:
ليعلم أن تأثير الرقية الشرعية يكون بحسب إيمان الراقي وصلاح نيته, واستقامته, وسلامة معتقده, وبعده عن المحرمات, فمتى كان الراقي حافظاً لكتاب الله وما تيسر من السنة النبوية, ومشتغلاً بتلاوة القرآن وتدبره, وكان محافظاً على العبادات, مبتعداً عن المعاصي والمكروهات, يتقرب إلى الله تعالى بعد الفرائض بالنوافل, ويتزود من الحسنات, ويحفظ نفسه وأهله ومنزله من الملاهي والأغاني وأسباب الفساد, وكان سليم الاعتقاد, بعيداً عن البدع والمحدثات, فإنه بإذن الله يكون لرقيته الأثر الظاهر في شفاء المريض.
ومن أسباب تأثير الرقية أن يجزم المريض بأنها السبب الوحيد لشفاء ما به من ألم, ويعتقد أن القرآن والأدعية النبوية مؤثرة ومفيدة بإذن الله لأهل الإيمان لقول الله تعالى { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً} [الإسراء:82]فأما الذي يستعمل الرقية كتجربة قائلاً إن لم تنفع فإنها لا تضر فقلّ أن يستفيد منها وهو الغالب من كثير من الناس حيث يتتبعون القراء ويدفعون الأموال ثم لا يجدون لذلك أثراً بسبب الشك في تأثيرها أو بسبب ضعف الإيمان[1/181]
أسباب عدم تأثير الرقية:
الكثير من أهل الرقية في هذه الأزمنة...جهلاء بحقوق الله تعالى, وبكتابه وشرعه, يتصدى أحدهم للعلاج بالرقية بمجرد ما يسمع آية أو دعاء, ويظن أنه بلغ الذروة, ولهذا يقل تأثير الرقية معهم.
وقد يكون السبب في عدم التأثير كون المريض من أهل المعاصي والفساد, إما بامتلاء منزله من الملاهي وآلات الغناء وإما بما يقترفه من الذنوب ويتركه من الواجبات[182]
من آوى مُحدِثاً:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه, قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات: «لعن الله من ذبح لغير الله, لعن الله من لعن والديه, لعن الله من آوى مُحدِثاً, لعن الله من غير منار الأرض» [ رواه مسلم ]
جاء في هذا الحديث اللعن على أربعة أشياء...الثالث: قوله: لعن الله من آوى مُحدِثاً
ورواها بعضهم: ( من آوى مُحدَثاً ) بفتح الدال, والمحدِث: بكسر الدال, هو العاصي, والمحدَث: بفتح الدال, هو المعصية, ومعنى آواه: نصره, أي: حال بينه وبين أن يقام عليه الحد, أو يؤخذ منه الحق.....
فيجب على المسلم أن يكون مساعداً لأهل الحق على العصاة, ولا يساعد العصاة على أهل الحق, ( فمن آوى محدِثاً ) يعني: صار حرباً لله.
ويدخل في قوله: ( من آوى مُحدَثاً ) بالفتح, من دعا إلى المعاصي ومكنها, فإنه قد آوى المحدَث, كمن فتح أبواب العهور والفحش, وسعى في الأسباب التي يتمكن الناس فيها من المحدثات والمنكرات, وسعى في أسباب التبرج, ودعوة النساء إلى أن يتبرجن, ويخلعن جلباب الحياء, أو سعى في تمكين الأغاني والملاهي حتى ينشغل بها الناس, فأتاح الفرصة للمنكرات حتى تنتشر, فهذا قد آوى المحدث, وكذلك من سعى في فتح أماكن الرقص وأماكن الغناء أو أماكن الزنا, أو سعى في حلول الفوضى حتى يختلط الناس, ويخطف بعضهم بعضاً, ويسرق بعضهم بعضاً, ولا يكون هناك قوة تردع, فهذا قد آوى المحدث.
فمن أوى المحدَث بتمكينه من المعاصي بفتح أبوابها فهو مستحق للعن, ومن آوى المحدِث بأن نصر العصاة بالحيلولة دونهم ودون أخذ الحق منهك فقد آوى محدٍثاً[222]
الاستعاذة بالله فيها الخير الكثير:
أفادنا هذا الحديث أيضاً أن الاستعاذة لها أهميتها, وأن الإنسان متى كان خائفاً من وحوش, أو هوام, أو من اللصوص, أو نحو ذلك, فاستعاذ بهذه الاستعاذة, فإن الله تعالى يحميه, ويحفظه, إذا قال: ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.) فهي جملة قصيرة فيها خير كثير.
الحاصل أن الاستعاذة بالله تعالى فيها الخير, وفيها الفائدة العظيمة, وذلك لأن الله تعالى إذا علم من عبده صدق اللجوء إليه, وعلم أنه ما استعاذ به إلا وقد عظم قدر ربه في قلبه, فعند ذلك يعيذه, ويحميه, وينصره من المخاوف.
وهذه فائدة كبيرة يحصلها العبد من آثار هذه الاستعاذة, فإذا أكثر من الاستعاذة من كل الشرور, سواء: أخلاق, أو أعمال, أو شرور المخلوقات المستقلة, فإن الله تعالى ينجينا منها.[1/255_256]
الفرق بين الدعاء والاستغاثة:
أن الدعاء: يكون من المكروب, وغير المكروب.
والاستغاثة: لا تكون إلا من المكروب.
والمكروب: هو الذي وقع في شدة وضيق, وحرج ومشقة, فإذا دعا والحال هذه فإن دعاءه يسمى: استغاثة.[1/261]
الروافض يعظمون قبوراً لا حقيقة لها:
الروافض...عظموا قبر علي الموجود في ما يسمى بــــ " النجف " مع أنه هذا كذب, فليس هناك قبر لعلي. وأيضاً عظموا قبر الحسين الموجود في ما يسمى بـ " كربلاء " وهذا أيضاً من الكذب.[1/387]
وقع...الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم بمدحه, والزيادة في إطرائه, كما في قصيدة البردة المشهورة, وقوله فيها:
فإن من جودك الدنيا وضــــــــــــرتها ومن علومك علم اللوح والقـــــلم
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بـــــه سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهـــك بي إذا الكريم تحلى باســــــــــــــــم منتقم
إن لم تكن في معادي آخذ بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القـــــــــــدم
ولا يخفى ما في هذه الأبيات من الغلو في مجاوزة الحد, والشرك الصريح, ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بأن الدنيا والآخرة كلها من جوده, وأنه يعلم ما كتب القلم في اللوح المحفوظ, وأنه ليس له من يلوذ به ويستجير به سوى النبي صلى الله عليه وسلم, فنسي الله تعالى ولاذ بمخلوق.[1/363_364]
فوائد أداء النوافل في البيوت:
النوافل: الأفضل أن تكون في البيت, وذلك فيه فوائد:
أولاً: أن يعمر البيت بذكر الله, ولا يخلو البيت من ذكر الله.
ثانياً: أنه متى عمّر البيت بالذكر فإنه يكون مطردة للشياطين ومأوى للملائكة والخير
ثالثاً: أنه يكون قدوة حسنة للزوجة, والصغار, ولأهله إذا رأوه يكثر من النوافل, اقتدوا به في هذه النوافل فأكثروا منها.
رابعاً تعليم الأهل...كيفية الصلاة فقد يكون بعض الأولاد أو بعض النساء لا يحسن الصلاة...فإذا صلى ولي أمرهم أمامهم في البيت اقتدوا به وتعلموا صفة الصلاة
خامساً: أن يكون أقرب إلى الإخلاص, وأبعد من الرياء.[1/401_402]
الثقة بالله والاعتماد عليه في هزيمة الأعداء:
الاعتماد على نصر الله, لا على قوة, ولا سلاح, ولا كثرة, ولا عتاد, ولا شجاعة, ولا مرونة, ولا فراسة, إنما هو الثقة بالله وحده.
ونحن لا نقول: إن هذه الأشياء لا ينبغي استعمالها بل الله أمرنا بأن نستعمل من القوة ما نقدر عليه ( { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} )[الأنفال:60] وثبت في الحديث تفسير القوة بالرمي, فقال صلى الله عليه وسلم (ألا إن القوة الرمي) لكن لا تتخذ هي السبب, ولا يعتقد العبد أنها هي الوسيلة للنصر, فالذين مثلاً يقولون: إن أعداء المسلمين يملكون قنابل, ويملكون الطائرات القاذفة, ويملكون من القوة ما لا يملكه المسلمون, وعندهم وعندهم, ويخافون أولئك الأعداء ويعظمونهم في نفوسهم, إنما هذا من الشيطان. ( {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه } ) [آل عمران:175] لكن لو كانوا صادقين في إيمانهم ومضوا مقبلين على ربهم, واثقين بنصره, فإنهم لن يخذلوا, ولن ينهزم لهم جيش إذا كانوا صادقين مستعملين ما معهم من القوة, ومع ذلك واثقين بأن النصر بالله تعالى لا بالقوة, بل بالله ثم بقوة الإيمان, ثم الأسلحة, والعتاد, والقوة فهذه مكملة لا أنها أساس في القوة, أو في الصبر[2/195]