مسؤولية الإدراك
شتان بين تلقي المعرفة بالأمر وبأهمية تطبيقه وطيب أثره وتوافر سبل تفعيله وبين الاعتقاد الراسخ بالحاجة إليه والإخلاص التام والاستعانة الحقة بمسبب الأسباب الموصلة إليه على الحقيقة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بين رفاهية نوافذ التعلم ومسؤولية تحصيل العلم
مسؤولية الإدراك
وسط عالم أصبح زاخرا بأشكال من سبل التعلم ونوافذ المعرفة مما يربو على الحصر وأبواب مفتحة لكل طارق تفيض بكنوز شتى لأنواع العلوم والفنون المتخصص منها وغير المتخصص أبرزها ما يتعلق بموضوعات التغيير واكتساب العادات ووضع الأهداف وتنظيم الأوقات وغير ذلك مما أصبح متاحا للجميع بلا استثناء فلا يكاد يخلو أحد من التعرض لبعض تلك السبل وقنوات المعرفة...ولكن
تبقى هناك فجوة ما تصنع خللا وقصورا بين أسباب منطقية لتحقيق خطوات ومعان بعينها لمن ينهل من ذاك المعين وبين واقع مشاهد معاش من حيرة أو تخبط أو ضعف في الالتزام والتطبيق لما اعتقد الإنسان أهميته ونوى التزامه.
تلك الفجوة بين العلم والتطبيق، بين الحماسة والفتور، بين التبني والتخلي، بين التصديق والتواني، كل تلك المظاهر تنشأ في الأصل من كثير من المرتكزات تتعلق أكثر ما تتعلق بالمتلقي نفسه فلأي نشاط معرفي أو خبرة تعليمية يخوضها المرء العديد من المظاهر التي هي من الأهمية بمكان لأن يلتفت المرء إليها ويحدد مكانته منها...من هذه المرتكزات:
اولا: جدية المتلقي، صارت تلك النوافذ المعرفية مجرد نزهة فكرية ورفاهية ذهنية يرضي المرء فيها ضميره بمجرد الحضور ونية التبني ولعله يضع بعض الخطط والجداول التي ما إن يلبث في البدء بأداء أولها حتى تفتر العزيمة وتتلاشى الحماسة ولعله يصحب ذلك نية جديدة بالشروع في إنشاء غيرها وهكذا دواليك.
ثانيا: التعاطي مع هذه الأمور من خطط التغيير ونوايا الإنجاز وخطواته بشكل ظاهري سطحي يراها المرء أسبابا ومعينات تتعامل مع كل ما يحيط بعملية التغيير أو الإنجاز تلك إلا شيئا واحدا ألا وهو نفسه التي بين جنبيه فلا يقف معها ولا يلتفت بصدق إلى آفاتها أو احتياجاتها،
ولا إصلاح إلا من الجذور أما أن تظل تتعهد بالسقاية والرعاية ما لا يمتد بجذوره في تربة نقية صالحة فأنى له الإنبات والثمر؟!
ثالثا: القصور في إعمال الفكر ومشهد التأمل واستنباط المعنى شديد الخصوصية بالمرء نفسه مما تلقاه من علم ومعرفه( كيف أحيا بما تعلمت؟) فالتفاعل بين الناحية المعرفية وبين الإدراك الذاتي لها ثم السلوك العملي المترتب على تلك العملية المعرفية هو أمر حتمي بدونه لا يزيد العلم النظري صاحبه كثير فائدة.
رابعا: المسؤولية..ملمح خطير لو أدركه المرء حق الإدراك لأقض مضجعه ولأرقه يومه وليلته..وعي المرء بأن ما من كلمة تطرق سمعه إلا وهي رسالة قد وصلته وأمانة قد حملها شاء ذلك أم لم يشأ قد مرت على عقله وتلامست مع دواخله وقيمه ونواياه واستحالت بالضرورة خواطر وأفكارا فماذا هو فاعل حيال تلك المسؤولية؟ هنا ربط بالغ الأهمية بالأمر الإلهي بالتفكر ومراقبة الأفكار والخواطر التي برسوخها وتثبيتها تستحيل بدورها أقوالا وأفعالا تسير حركة المرء على الأرض وتصوغ تفاعلاته مع الأقدار وتقود سعيه للتغيير
شتان بين تلقي المعرفة بالأمر وبأهمية تطبيقه وطيب أثره وتوافر سبل تفعيله وبين الاعتقاد الراسخ بالحاجة إليه والإخلاص التام والاستعانة الحقة بمسبب الأسباب الموصلة إليه على الحقيقة
{ اصبروا وصابروا ورابطوا}
مروة محمد عطالله الشربيني