ظلال الأمل تنبثق من خلال سورة الضحى
إيمان الخولي
وتذكر كم سألت الله فأعطاك من قبل أن تسأل وأن تُحدث بنعم الله عليك فهى أداة من أدوات شكر النعمة
- التصنيفات: التفسير -
ظلال الأمل تنبثق من خلال سورة الضحى :
هذه السورة تنزلت على النبى صلى الله عليه وسلم لتمسح عنه عناء ومشقة الطريق وكأنها يد حانية تبعث الأمل من جديد بعد أن انقطع عنه الوحى فترة لتسكب برد اليقين والطمأنينة فى قلبه بأن الله معك ولن يتخلى عنك يوما.
يتلوها كل مسلم وكأنها له تحدثه هو تذكره بنعم الله عليه فالكريم لا يترك عباده يتيهون فى شعاب الدنيا تتخطفهم الفتن إنما يمدهم بما يثبتهم ويقوى عزائمهم كلما خارت قواهم ، كم عانى النبى من النفوس العنيدة كم صب المشركون على الفئة المؤمنة جم غضبهم وأذاهم فتنزلت الآيات تثبتهم وتقويهم على مواصلة الطريق كما تربيهم على التشوق لتلقى الأوامر الإلهية فتكون الطاعة أحب إلى القلوب فإن نزول المطر على الأرض العطشى تكون أكثر انتفاعا به وقد أثبت آيات القرآن هذا المعنى إذ يقول تعالى :" {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [(32)الفرقان]
" {والضحى} " يقسم الله عزوجل بوقت الضحى وقت أفاض على الوجود كله جواً من اللطف والأنس بالله بعد انقطاع وكأنها عودة الروح الى الجسد فالنهار للحركة والشغل والليل للهدوء والسكون على الكون تستريح فيه النفس من عناء النهار هكذا الإنسان بين شرة وفترة ومثل تعاقب الليل والنهار كتعاقب الشدة والفرج لا يدوم حال كثيرا ف الحياة لا تخلو من العثرات والهموم التى تضيق بها النفس ويحتاج فيها الانسان لمن يبث فيه الأمل
وهذا يدفع المسلم أن يقبل على الله ويتعامل مع قوانين الكون وسننه ببصيرة وفهم لطبيعة كل مرحلة فى حياته يستلهم من آيات الله اليقين وحسن التوكل على الله والتعبير بالرب هنا وليس الإله لأن الرب الذى يربى ويرعى ويكفل ,,, {ربك} دليل القرب فى العلاقة ولم يقل الرب
{وللآخرة خير لك من الأولى} وفى الآخرة يتنظرك الخير الكثير والنعيم الخالد وهذا ليوجه نظر النبى للآخرة فالهدف ليس الدنيا ورضى الناس ولكن الهدف الآخرة دائما فاجعلها هدفاً لك كلما آذاك الناس ومكروا بك
{ولسوف يعطيك ربك فترضى}علاج رباني للقلق والخوف من المجهول لا تخف يا محمد سنرضيك فى أمتك سيظهر الحق سينتهى ما تواجهه من عناد وتكذيب وكيد وهى رسالة لكل مسلم أن يتمسك باليقين بالفرج والثقة فى نصر الله له طالما هو على الطريق الحق والعطاء ليس بالضرورة يكون ماديا فقط ولكن قد يكون العطاء صحة ومعافاه قد يكون رضى وصبر قد يكون غنى نفس وسكينة
{ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى}.
تذكر ماضيك وما أنت عليه الآن هل تركك ربك وحيدا يتيما أم أنه رعاك بعينه التى لا تنام وجمع قلوب البشر على محبتك وقد يكون اليتم ميزة فى حقك حتى تكون التربية للرب مباشرة وليس لمخلوق يد فيها انظر كيف حفظك من الضلال فى بيئة جاهلية تغلب عليها العقائد المنحرفة لم تسجد جبهتك الشريفة لصنم ولم تعرف قدماك أماكن الإنحلال والفسق وكفى بالهداية نعمة وانظر كيف كنت فقيرا فأغنى نفسك بالقناعة وأغناك بزواجك من سيدة نساء العالمين لم يتركك من قبل فهل يتركك الأن وهى رسالة ليست فقط للنبى صلى الله عليه وسلم إنما لكل مسلم عندما يضيق بك الحال وتتصور أنك وحيد تذكر نعم الله عليك كيف راعاك وحفظك طيلة حياتك أنت لست نزيل المستشفى الفلانى وتذكر نعمة أنك على الإسلام وكفى بها نعمة وتذكر يوم كذا وكذا هل تركك ربك فريسة للأمراض النفسية رغم حزنك الشديد ولم تكتف الآيات بمجرد تذكر النعم والشعور بالطمأنينة لمعية الله ولكن عليك أن تشعر من حولك وتفيض عليهم بهذا الخير آذى ملأ قلبك فترحم اليتيم فلا تقهره ولا تذله فمن ذاق اليتم فى صغره هو أعلم بحال اليتيم وما يتحمله وأن ظروف نشأته أهلته لأن يكون رحمة للعالمين وليس لليتم فقط وأن تعطى السائل حاجة ونحن فى عالم متكالب على المادة لا يرحم القوى فيها الضعيف وإن لم تسعه بصدقتك فبالكلمة الطيبة وحسن الخلق وتذكر كم سألت الله فأعطاك من قبل أن تسأل وأن تُحدث بنعم الله عليك فهى أداة من أدوات شكر النعمة
إنها سورة تبث الأمل فى كل من يقرؤها أن الهم سيزول والأزمة ستنفرج ويعى كل مسلم أنها سنة فى الكون الإقبال والإدبار فيثق فى ربه وفى المنهج حتى لا يتسرب اليأس إلى النفوس فتلجأ إلى الثقافات الآخرى كطوق نجاه وقد لا تناسب هذه الثقافات الهوية الإسلامية فيضل ويشقى كل من اختار البعد عن منهج الحق