غض البصر

حسين عبد الرازق

كُلُّ مرارةٍ تشعرُ بها وأنت تُجاهد نفسك على غضِّ البصر عمّا حرّم الله فهي أهونُ ألف مرةٍ من مرارة إطلاق البصر

  • التصنيفات: تزكية النفس - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -

كُلُّ مرارةٍ تشعرُ بها وأنت تُجاهد نفسك على غضِّ البصر عمّا حرّم الله فهي أهونُ ألف مرةٍ من مرارة إطلاق البصر
فالذي عوَدَ عيْنيه على رؤية الحرام ولم يُجاهد نفسه على غضَ البصر = شيئا فشيئا ستتتبعُ عينُه وحدَها مواضع الحرام (في الشارع، في التلفزيون، في النت، في أي مكان) وستفرحُ بها، وترى فيها مُتعتَها وبهجتَها.

 


وبذلك يكون هو الجاني والمَجني عليه والظالم والمظلوم:


١- لأن العين لم تُخلق لترى ذلك، فتوجيهُها له ظلمٌ لها.
٢-شقاءٌ على النفس وشعورٌ بالحرمان، لأن العين ترى ما لا تملك في صورةٍ مُبهرة، فمن جهةٍ: تتمنّاه وتتخيله، ومن جهة أخرى: لا تقنع بالحلال المُتاح عندها، ويُفسد علاقته بأهله لأنه سيُقارنُ، والشيطانُ لا شك سيُصغرُ أهله (الحلال) في عينِه ويُفخّم له الحرام .
٣- إطلاق البصر هو البوابةُ لسلسلة من المحرمات أشدّ منه بكثير قد تصل إلى الفاحشة.. نعم واللهِ. 
٤- لن يتوقف خطرُها على مجرد النظر بل في التفكير والتخيُّل وحديث النفس والتمنّي والشهوة.. وهذا مُفسِدٌ للنفس والبدن وصارفٌ عن التفكير في الخير والعمل النافع، وسيُعطّله لا محالة أو يُقلِّل كفاءته في العمل الصالح النافع، وكذلك: كم من امرأة أطلقت نظرها وقلبها وخيالَها على رجالٍ فأفسدتْ حياتَها مع زوجها، وإن لم تكن متزوجة فهو ضرر عظيم أيضا حيث يشغل تفكيرها بما لا ينفع ويُشتت عقلها، وربما أدخلها في  مشاهدة الحرام، ويجعلها تطلب صورة مثالية مُتخيّلَة لزوج المستقبل تُفسدُ عليها اختيارَها لمن يتقدّم لها، وهذا حصل كثيرا.


وفي هذا الزمان الذي صار فيها المُنكرات والحرام والمناظر القبيحة في كل مكان (في الشارع، في الإعلام في الإعلانات، في النت..) يحتاج العبدُ استعانةً عظيمة بالله مُتجددة كل يوم، بل ربما طول اليوم، ويحتاج صبرا و مُجاهدة وتذكُّرًا لسوء عاقبة إطلاق البصر، وحُسن عاقبة غضِّه.

{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}
ذلك أزكى لهم
و بكلمةٍ:
فإنّ إنكار القلب ومجاهدة النفس على ذلك والصبر (حتى لو ضعفت قليلا)، وحُزنَ النفس على التقصير في ذلك والاستغفار
خيرٌ من التطبيع مع المحرمات دون إنكار قلب أو اكتراث!
وإرادةٌ تتعثّرُ في ترك الحرام، خيرٌ من عزيمةٍ استحكمتْ على العَيْش معه! 
وربُّك سبحانه معك، لن يُضيعك
وعليك بدُعاء يوسف الكريم 
{إلّا تصرفْ عنّي كيدَهُنّ أصْبُ إليهنّ وأكُن من الجاهلين}.