السيناريوهات المحتملة لنتائج الانتخابات العراقية
لا تمنح هذه النتائج أي كتلة القدرة على تشكيل الحكومة منفردة، إذا لا بد من التحالف مع كتل أخرى لضمان تمرير الحكومة في البرلمان بالأغلبية البسيطة، أي (165 نائبا)
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
مع ظهور نتائج الانتخابات التشريعية الأولية التي أُجريت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في العراق وقبل عام من موعدها المقرر، بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية بحكومة عادل عبد المهدي، أواخر 2019 والتي تسيد فيها التيار الصدري الطليعة مع تراجع كتلة تحالف "الفتح" الذي يمثل فصائل "الحشد الشعبي" الموالية لإيران، فُتحت الأبواب أمام لعبة المفاوضات لاختيار رئيس جديد للوزراء وتشكيل حكومة، يبدو أن مسارها سيكون معقدًا وطويلًا في ظل برلمان مشرذم ومترنح.
النتائج النهائية الرسمية للانتخابات لن تصدر قبل أسابيع، مما ينذر بالعديد من التخوفات والتعقيدات في ظل كثرة التحالفات. فما الذي يمكن توقعه لجهة اختيار رئيس الحكومة المقبل، وكيف ستتشكّل التحالفات؟ وأي دور قد تلعبه إيران والولايات المتحدة؟ وما هي قدرة المستقلين على التأثير في الوضع الراهن؟
لا يملك أي طرف أغلبية واضحة في البرلمان حتى الآن، ويبرز التيار الصدري الكاسب الأول في الانتخابات مع حصده أكبر عدد من المقاعد، وفق النتائج الأولية (73 من 329). ولا تمنح هذه النتائج أي كتلة القدرة على تشكيل الحكومة منفردة، إذا لا بد من التحالف مع كتل أخرى لضمان تمرير الحكومة في البرلمان بالأغلبية البسيطة، أي (165 نائبا). لذلك قد تبرز العديد من السيناريوهات لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة لتجنب التجاذبات السياسية خاصة في ظل الهيمنة الإيرانية على المشهد العراقي.
-إقناع أو إرغام الصدر على القبول بصيغة جديدة لتقاسم السلطة مع كيانات شيعية، بينها تحالف "الفتح" الموالي لإيران في البرلمان، بغية تشكيل الحكومة المقبلة والتوافق على مرشح لرئيس للوزراء، والاتفاق على بعض المبادئ الإصلاحية في البلاد.
-التحالف الصدري مع زعيم "الحزب الكردستاني" الديمقراطي مسعود بارزاني، وزعيم تحالف "تقدم السني" محمد الحلبوسي، وأحزاب صغرى، ومثل هذا السيناريو سيؤدي إلى تشكيل حكومة بسهولة.
-تقاسم السلطة بين الأطراف جميعها بحيث يسعى التيار الصدري، إلى إنشاء تحالف كبير مع التيار الشيعي المتمثل في تحالف "الفتح" الموالي لإيران، والتيارات السنية والكردية، والاتفاق على عدد من المبادئ العامة التي تبين لكل طرف حصته والتزاماته.
-إعادة الانتخابات، في موعدها الطبيعي، وهو العام المقبل، لحين استكمال الإجراءات الفنية بشكل سليم من قبل مفوضية الانتخابات، للخروج من الأزمة الحالية خاصة في حال تصاعد الاحتجاجات.
يعتمد اختيار رئيس الحكومة على لعبة التحالفات بين الأطراف الأكبر حجمًا في البرلمان، وقدرتها على الضغط، ويتطلّب اختيار رئيس الوزراء في العراق توافق بين جميع التكتلات والتحالفات لكن هذه السيناريوهات لا تلغي احتمال حصول تصعيد ونزاع مسلح وفوضى في بلد تمتلك فيه غالبية الأحزاب جناحًا عسكريًا، خاصة التيار الموالي لإيران، لأنها لن تتخلى عن العراق ووجودها مرتبط بثلاث قضايا: إنهاء الوجود الأميركي في العراق وضمان عدم وجود أي تهديد ضدها قادمًا من العراق، واستدامة الحشد الشعبي، وأن تبقى السوق العراقية مفتوحة للبضائع الإيرانية.
من جهة أخرى أعتصم المئات من أنصار القوى السياسية الشيعية الرافضة لنتائج الانتخابات، أمام "المنطقة الخضراء"، في مسعى للضغط على مفوضية الانتخابات لتلبية مطالبهم، الداعية لإعادة فرز الأصوات يدويا، حيث تعتبر أن النتائج مفبركة وجرى تزويرها من جانب حكومة مصطفى الكاظمي وجهات خارجية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
وتنادي الأحزاب الرافضة لنتائج الانتخابات، وهي الإطار التنسيقي الذي يجمع نحو 10 أحزاب شيعية، بإعادة العد والفرز، لكن بشكل يدوي، لمعرفة الخلل الحاصل في النتائج وفق رؤيتها.
وبدوره أكد الرئيس العراقي برهم صالح أن الاعتراضات على نتائج الانتخابات حق مكفول يؤكده الدستور والقوانين، مشدداً على أن التعامل معها يكون في السياق القانوني والسلمي من دون التعرّض إلى الأمن العام والممتلكات العامة، في حين أعلنت مفوضية الانتخابات، أن القضاء رفض جميع الطعون على الإعلان الأولي الجزئي للنتائج، وعددها (1360) طعنا، ما يعني المضي نحو إقرار النتائج الحالية.
وأظهرت مفوضية الانتخابات صلابة أمام الأحزاب الخاسرة، وتلويحها المستمر بالسلاح وتهديدها باللجوء إلى العنف، وهو ما يعزز مسار المضي بالنتائج الحالية، خاصة في ظل حصول التيار الصدري، وهو أكبر تجمع سياسي عراقي، على المرتبة الأولى بواقع 73 مقعداً نيابياً.
وما بين الصلابة التي تلوح بها مفوضية الانتخابات، والاحتجاجات على نتائج الانتخابات، والطعون المرفوضة، وهيمنة الأحزاب المسلحة على المشهد العراقي، ونظام المحاصصة السني والشيعي والكردي، والسيناريوهات المحتملة، تبقى الانتخابات في العراق مرهونة إما بالتوافق أو هيمنة السلاح الذي تملكه التيارات المدعومة سواء من إيران أو الولايات المتحدة، وتبقى العراق مسرحا لتنازع الصلاحيات في ظل غياب الدستور وتغليب مصلحة الأحزاب على المصلحة العامة.
_________________________________________
الكاتب: إياد القطراوي