فوائد من شرح الأربعين النووية للشيخ سعد بن ناصر الشثري
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
الشبع يثقل البدن, ويزيل الفطنة, ويجلب النوم, ويضعف صاحبه عن العبادة, وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن يأكل في معي واحدٍ, والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ»
- التصنيفات: الحديث وعلومه -
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن العلماء المتأخرين فضيلة الشيخ سعد بن ناصر الشثري, والشيخ له شروح على بعض المتون العلمية, منها شرحه لكتاب الأربعين النووية, والشرح يوجد فيه فوائد اخترت بعضاً منها, أسأل الله أن ينفع بها.
سؤال العلماء في الأوقات المخصصة لذلك:
من عرض له شيء من المسائل, جاء إلى مجالس أهل العلم التي يجلسون فيها للعلم, والفتوى ليسأل عنها, أما الأوقات الأخرى التي ليست من أوقات جلوس العلماء للعلم والفتوى, فإنها خاصة بهم, لا يشرع أن يطلب العلماء فيها, لأن العلماء لهم حوائج خاصة بهم وبأهلهم كغيرهم من الناس, ولذلك لم يؤثر عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يطرقون على النبي صلى الله عليه وسلم في غير أوقات مجلس العلم, ولو كان من أجل مسألة شرعية, وقد عاب الله عز وجل على قوم كانوا يرفعون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم, وقال: { ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم} [الحجرات:5]
أهمية ارتباط التاريخ بالتواريخ القمرية:
أهمية ارتباط التاريخ بالتواريخ القمرية, لأن هناك ثلاثة أركان من أركان دين للإسلام مبنية على التاريخ القمري هي: إيتاء الزكاة لأن الزكاة يشترط فيها الحول والحول لا بد أن يكون بالسنة القمرية, وحج البيت الذي يكون في شهر ذي الحجة وهو من أشهر السنة القمرية,وصوم شهر رمضان, الذي هو من الأشهر القمرية.[ً:38]
النصيحة للعلماء:
النصيحة للعلماء تكون بمحبتهم, وتوقيرهم, ومعرفة مكانتهم, ورفع منزلتهم, والصدور عن آرائهم, والرجوع إليهم فيما يشكل على الإنسان من مسائل شرعية ودينه, والرجوع حال الفتن إليهم, ليصدر الناس عن آرائهم, وبنشر فتاويهم وأقوالهم بجميع وسائل النشر, واحتساب الأجر في طبع كتبهم, ونحو ذلك[ص:72]
أسباب لحسن الخاتمة:
الإنسان يحرص على إحسان خاتمته, وذلك يكون بطرق متعددة منها:
الطريقة الأولى: الإكثار من دعاء الله عز وجل ليلاً ونهاراً, بإحسان الخاتمة, وقد ورد في الحديث: «إنما الأعمال بالخواتيم»
الطريقة الثانية: الإكثار من الطاعات, لأن الطاعات كالسلسة يجر بعضها بعضاً, فإنك إذا دخلت في أعمال طاعات يسر الله لك أعمال طاعات أخرى.
فالمقصود أن العبد ينبغي له بذل الأسباب التي تجعله يحسن خاتمته, ولذلك كان الأئمة يخافون من هذه المرحلة الأخيرة من مراحل حياتهم قبل الموت, وقبل النزع, ولذلك كانوا يحرصون على تطهير أنفسهم من النفاق, لأن للنفاق تأثيراً في آخر لحظة من لحظات الإنسان, وكذلك يحذرون من دسائس السوء الخفية, وقد كان النبي يكثر من الدعاء: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فسئل عن ذلك؟ فقال: « إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء»
المقصود: أن العبد ينبغي به أن يحرص على تطهير نفسه من المعاصي, لئلا يكون ذلك سبباً من أسباب خاتمة السوء, وكذلك يحرص المر على الابتعاد عن الأمور المدلهمة, التي لم تتضح فيها حقيقة الحال, لئلا تكون فتنة, فيكون ذلك سبباً من أسباب تغير القلوب.[ص:51_52_53]
المراد بكثرة السؤال:
اختلف أهل العلم في المراد بالنهي عن كثرة السؤال...الأمر الأول: أن يراد بكثرة السؤال الاعتراض على الأحكام الشرعية, والسؤال عن حِكَمها التي قد تخفى عن العباد, ولعل هذا القول, هو أظهر الأقوال في تفسير الحديث.[ص:82]
موانع إجابة الدعاء:
عدم إجابة دعاء العبد بسبب أفعال العبد, ففي الحديث أن التوسع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذيةً يُعدُّ من موانع إجابة الدعاء. وقد دلت نصوص أخرى على أن هناك أسباباً أخرى لمنع إجابة الدعاء, منها: التوسع في المعاصي.
ومنها أيضاً ترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, ولذلك ينبغي للعباد أن يحرصوا على جلب أسباب إجابة الدعاء, ودفع موانع إجابة الدعاء.[ص:94]
المقصود بالخلق الحسن:
فسر بعض أهل العلم الخلق الحسن بعدد من الأمور:
أولها: ترك أذية الآخرين.
وثانيها: إيصال الإحسان على الآخرين.
وثالثها: الصبر على ما يحصل من الآخرين من أمور مكروهة.
ورابعها: ملاقاة الناس بوجه طليق ولسان طيب.[ص:133]
سلوك طريق العلم يشمل الطرق الحقيقية والمعنوية:
سلوك الطريق لالتماس العلم يدخل فيه الذهاب في الطرق الحقيقية بواسطة المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء, سواء كان طريقاً معهوداً في السابق كالشوارع والطرقات المعروفة, أو كان طريقاً مستحدثاً في زمانناً كما في ذهاب الإنسان إلى غيره بواسطة هذه الآلات الحديثة للاتصال كالإنترنت والهاتف ونحوها وهكذا يدخل في هذا اللفظ سلوك الطرق المعنوية المؤدية إلى حصول العلم مثل حفظه ومذاكرته, ومدارسته, ومطالعته وكتابته والتفهم له ونحو ذلك من الطرق المعنوية التي نتوصل بها إلى العلم ..والمراد بهذا الحديث علم الشريعة وما يسانده من العلوم. [ص:248_250]
أسباب مضاعفة الحسنات:
مضاعفة الحسنات زيادة على العشر تكون بأسباب متعددة, منها:
أولاً: حسن الإسلام.
ثانياً: كمال الإخلاص.
ثالثاً: فضل العمل في نفسه, وعظم الحاجة إليه.
رابعاً: فضيلة المكان, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»
خامساً: فرضية العمل, كما في قول الله عز وجل في الحديث القدسي: « وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحبَّ إليّ مما افترضت عليه»
سادساً: عظم الزمان كما في حديث: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام يعنى أيام العشر»
سابعاً: فضل العامل, كما قال النبي صل الله عليه وسلم: « لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مدَّ أخدهم ولا نصيفه» [ص:255]
أسباب تعظم بها السيئة:
السيئة قد تعظم أحياناً لأسباب خاصة, منها:
أولا: شرف الزمان.
ثانياً: شرف المكان.
ثالثاً: نوع السيئة, فالكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على غيره, وغيبة العلماء ليست كغيبة غيرهم, والزنا بحليلة الجار, وزوجة المجاهد أعظم من الزنا بغيرهن, إلى غير ذلك.[ص:256]
حفظ الله عز وجل للعبد:
يكون الحفظ في أمور الدنيا بحفظ الإنسان في بدنه من الأمراض, وفي ماله من الآفات, وفي ذريته وقرابته,...ويجنبه البطانة السيئة, وأصدقاء السوء, الذين يوردون المهالك دنياً وآخرة,...إلى غير ذلك من الأمور الدنيوية...ومن حفظ الله العبد في أموره الأخروية أن يحفظه من تسليط الشياطين عليه...وبإبعاد الله عز وجل الشبهات والشهوات عن العبد وهكذا أيضاً يكون حفظ الله بنجاة العبد من نار جهنم [141
توجيهات للمعلمين والمتعلمين:
** مناسبة قرب السائل من المسئول حتى يتيقن من الجواب الصادر منه.[ص:23]
** الأمر المهم ينبغي السؤال عن كيفيته, وعن معناه من أجل تحقيقه لذلك[71]
** مشروعية تكرار الموعظة حتى تفهم, وترسخ في القلوب, ولذلك كرر صلى الله عليه وسلم كلمة: " الدين النصيحة " ثلاثاً.[ص:71]
** يحسن بطالب العلم أن يخصص جزءاً من وقته لحفظ الأحاديث النبوية[ص:96]
** يحسن بالفقيه والمفتي إذا أفتى بالمنع من معاملة, أو فعل, أن يرشد المستفتي إلى جهة أو فعل آخر ليس فيه ريبة.[ص:97]
** مشروعية حرص الإنسان على القرب من أهل العلم ليستفيد مما لديهم من العلم لأن العلماء هم ورثة الأنبياء.[ص:139]
** قوله صلى الله عليه وسلم: ( « ألا أخبرك برأس الأمر » ) فيه التعليم من خلال تقديم الاستفهام من أجل لفت الأذهان وبيان عظم مكانة المعلومة التي ستلقى[ص:207]
** حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم, حيث أمسك طرف الكتف من ابن عمر من أجل أن يكون ذلك سبباً في حضور قلبه, وانتباهه للمتكلم.[ص:270]
** ينبغي الإسراع في طلب العلم وإدراكه, والجد والاجتهاد في هذا, لأنه من طرق الجنة التي أمر الله بالإسراع إليها في قوله سبحانه: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمرا:133]
** من طرق التعليم ضرب الأمثلة من أجل أن يفهم السامع المعنى الذي يرغب المتكلم إيصاله إليه.[ص:271]
فوائد مختصرة:
** مشروعية اجتماع الناس عند العلماء, وأئمة الدين, اقتداء بالصحابة الذين كانوا يجتمعون عند النبي صلي الله عليه وسلم.[ص:22]
** من طلبت منه النصيحة يستحب له أن يقدم وصية نافعة لمن طلب منه الوصية, ويستحب أن تكون هذه الوصية واضحة الألفاظ, لتحفظ عنه, وترسخ في الذهن, كما يستحب أن تكون على قدر كبير من الأهمية.[ًص:121]
** من حِكم ربط الصبر بالنصر, وربط الكرب بالفرج, وربط اليسر بالعسر: ربط القلوب بالله عز وجل بحيث إذا يئست, وضاقت الطرق في وجه العبد يسر الله له السبيل.[ص:151]
** مجالس الرجال لا يغشاها النساء.[ص:22]
** ينبغي للعباد أن تنكسر قلوبهم بين يدي الله عز وجل, وأن تخضع وتذل جوارحهم بين يده سبحانه, وأن يكثروا من دعائه.[ص:151]
** فضيلة استمرار الإنسان على طهارة ومن ذلك الطهارة بالوضوء والاغتسال165
** الصلاة نور, يعني أنها توضح الطريق للمسلم, وتكون سبباً في استقرار قلبه, وقيل: إن المراد به أن الصلاة نور تنير للمسلم طريقه يوم القيامة. وقال آخرون: بأنه سبب لهداية العبد في الدنيا إلى ما يحبه الله ويرضاه.[ص:168]
** النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على الألفاظ الموجزة الدالة على المعاني الكثيرة, فينبغي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.[ص:192]
** الإثم سبب من أسباب ضيق الصدر, وقلقه واضطرابه, مما يدل على أن الطاعة سبب للطمأنينة.[ص:194]
** الخروج على الولاة, وعدم السمع والطاعة لولاة الأمور يؤدي إلى مفاسد كثيرة, ويؤدي إلى عدم انتظام أحوال الناس وإلى جعل بعضهم يقاتل بعضهم الآخر[199]
** المتأمل في أحوال التاريخ الإسلامي, وغيره من تاريخ الأمم يجد أن الخروج على الولاة بالسيف, حدث بسببه من المفاسد أعظم مما كان يقصد به من المصالح, فكم من دم سفك! وكم من محارم انتهكت ! وكم من مال استحل بهذه الدعوى![231]
** المعاصي يكفرها الله بما يفعله الإنسان من الطاعات ومن أعظمها الصدقات206
** فسر بعض أهل العلم التدابر هنا بالاختلاف في الرأي, رغبة في مخالفة الآخرين, فيدبر الإنسان ويعرض عن أقوال غيره رغبة أن يكون له قول مستقل, ولا شك أن الاختلاف مذموم.[ص:239]
** المراد بالسكينة: طمأنينة القلب والنفس والانشراح والسرور.[ض:251]
** قصر أمل لمؤمن في الدنيا, فإن المؤمن لا ينبغي أن يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً يطمئن إليه, ولكن ينبغي أن يكون فيها كأنه على جناح سفر, لقوله صلى الله عليه وسلم: « كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل»
** قال طائفة من الأئمة بأن الشبع يثقل البدن, ويزيل الفطنة, ويجلب النوم, ويضعف صاحبه عن العبادة, وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن يأكل في معي واحدٍ, والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ»[ص:288]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ