حق الله على العباد في كلمتين اثنتين( أن يعبدوه).

محمد سيد حسين عبد الواحد

حق العباد على الله إن عبدوه ولم يشركوا به شيئاً ألا يعذبهم..
قلت: وقد أوجب الله بنفسه على نفسه هذا الحق، إذ لا يجب على الله تعالى شيء لكنه سبحانه أوجب على نفسه بنفسه

  • التصنيفات: التوحيد وأنواعه -

أيها الإخوة الكرام: إن أقوى وأشرف رباط بيننا وبين ربنا هو رباط الإيمان ..

فهو سبحانه وتعالى إله واحد أحد لا شريك له ولا ند ولا ولد ونحن عباده لا إله لنا غيره فندعوه ولا رب لنا غيره فنرجوه  {بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ، ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، مَٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ

ما خلقنا ربنا سبحانه وتعالى ليستكثر بنا من قلة ولا ليستأنس بنا من وحشة ولا ليستعين بنا على أمر عجز عنه ولكن خلقنا لنعبده طويلا ونذكره كثيراً ونسبحه بكرة وأصيلا ..

خلقنا ربنا سبحانه وتعالى فقط لنعبده قال وقوله الحق { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ}

نعبد ربنا سبحانه وتعالى رغبة ورهبة..

نعبده رغبة وحبا فيه سبحانه وتعالى { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ} نعبده حبا وشوقا وطمعا في جنته ..

ونعبده سبحانه وتعالى رهبة وخشية وخوفا من عقوبته وفي شأن زكريا عليه السلام ورد هذا المعنى  {فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ وَوَهَبْنَا لَهُۥ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُۥ زَوْجَهُۥٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ يُسَٰرِعُونَ فِى ٱلْخَيْرَٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا۟ لَنَا خَٰشِعِينَ

معاذ بن جبل رضي الله عنه:

في يوم من الأيام يركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة له فيقول له رسول الله يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله؟

قال معاذ فقلت: الله ورسوله أعلم..

فقال النبي عليه الصلاة والسلام: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .. وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا .. قال معاذ يا رسول الله أفلا أبشر الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا..

شرف المؤمن يكمن في أنه عبد لله وحده ..

قام رسول الله ليلا يصلي حتى تورمت قدماه فقيل له تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟!

فقال صلى الله عليه وسلم  «أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا» 

وقيل لمريم ابنة عمران لما اقتضت حكمة الله تعالى أن تلد صبيا بلا زوج  {يَٰٓأُخْتَ هَٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا، فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا۟ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى ٱلْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ إِنِّى عَبْدُ ٱللَّهِ ءَاتَىٰنِىَ ٱلْكِتَٰبَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا

عبادة الله تعالى طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم..

كل كلمة تخرج من اللسان يبتغى بها وجه الله تعالى عبادة..

كل عمل يأتي عن طريق التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة..

الصلاة، والصيام، والحج، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، وجبر الخواطر، والإصلاح بين الناس، والتسبيح والتهليل والتكبير، كل ذلك عبادة..

الكلمة الطيبة، البسمة الصادقة، النظرة الحانية، الدمعة الرحيمة، كل ذلك عبادة..

خلق الإنسان أول ما خلق في الجنة، ثم إنه لحكمة إلهية أخرج الإنسان من الجنة وهو اليوم يدفع ثمن الرجوع إليها من عبادته وطاعته لله رب العالمين.. {إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ ۚ

قال النبي عليه الصلاة والسلام «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية،ألا إن سلعة الله الجنة» .

نسأل الله رضاه والجنة وما قرب إليها من قول وعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الخطبة الثانية

بقي لنا في ختام الحديث عن حق الله تعالى على العباد أن نقول:

حق الله على العباد أن يعبدوه لا يشركون به شيئاً  { قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ

أما حق العباد على الله إن هم فعلوا ذلك ألا يعذبهم.. ذلك أن الله تعالى لا يعذب مؤمناً، لا يعذب الله عابدا ذاكرا شاكراً..

الدليل:

قول الله تعالى  {مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا

وقوله سبحانه  { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ

وقوله عز من قائل{ قُلْ مَا يَعْبَؤُا۟ بِكُمْ رَبِّى لَوْلَا دُعَآؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًۢا

حق العباد على الله إن عبدوه ولم يشركوا به شيئاً ألا يعذبهم..

قلت: وقد أوجب الله بنفسه على نفسه هذا الحق، إذ لا يجب على الله تعالى شيء لكنه سبحانه أوجب على نفسه بنفسه ألا يعذب عباده تفضلا وتكرما منه سبحانه وتعالى وهذا وعد والله لا يخلف الميعاد..