حديث: من كسر أو عرج فقد أحل
عبد القادر بن شيبة الحمد
عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كسر أو عرج فقد أحل، وعليه الحج من قابل».
- التصنيفات: شرح الأحاديث وبيان فقهها -
وعن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كسر أو عرج فقد أحل، وعليه الحج من قابل». قال عكرمة: فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق. رواه الخمسة وحسنه الترمذي.
المفردات:
عكرمة: هو أبو عبد الله عكرمة مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأصله من البربر، وقد مات ابن عباس وعكرمة لا يزال رقيقًا فاشتراه خالد بن يزيد بن معاوية من علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليًا فقال: بعتني بأربعة آلاف دينار؟ قال: نعم قال: أما إنه ما خير لك، بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار، فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله، فأعتقه، وقد روى عكرمة عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري والحسين بن علي رضي الله عنهم. وقد اتهم بأنه كان يرى رأي الخوارج، وقد أكثر الناس في مدحه، أو قدحه وقد توفي عن ثمانين سنة. وذلك في عام 105هـ أو 106هـ أو 107هـ رحمه الله تعالى.
الحجاج بن عمرو الأنصاري: ذكره ابن سعد في الطبقات في الأسلميين فقال: حجاج بن عمرو الأسلمي وهو أبو حجاج الذي روى عنه عروة بن الزبير. وقد روى حجاج بن حجاج عن أبي هريرة، اهـ، أما ابن الأثير في أسد الغابة فقد قال: حجاج بن عمرو بن غزية بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصاري الخزرجي، قال البخاري: له صحبة، روى عنه عكرمة مولى ابن عباس وكثير بن العباس وغيرهما ثم ساق بسنده إلى الترمذي قال حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا حجاج الصواف أخبرنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: حدثني حجاج بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حجة أخرى، فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق. ورواه معمر ومعاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو وقال البخاري: وهذا أصح. اهـ.
• من كسر أو عرج: أي حدث به كسر أو عرج وهو محرم وصار لا يستطيع متابعة أعمال المناسك.
• فقد حل: أي تحلل من إحرامه لأنه قد حصر.
• من قابل: أي في العام الذي يلي العام الذي عجز فيه عن متابعة مناسكه.
• عن ذلك: أي عن حديث الحجاج بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه.
• صدق: أي أن من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل.
البحث:
قال ابن سعد في الطبقات في ترجمة الحجاج بن عمرو الأسلمي: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن الحجاج بن أبي عثمان قال: حدثني يحيى بن أبي كثير أن عكرمة مولى ابن عباس حدثه أن الحجاج بن عمرو حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى. قال: فأخبرت بذلك ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق. اهـ، وقال أبو داود في باب الإحصار في سننه: حدثنا مسدد ثنا يحيى عن حجاج الصواف حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل». قال عكرمة: سألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق. حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني وسلمة قالا: ثنا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عرج أو كسر أو مرض، فذكر معناه. اهـ، وقال الحافظ في الفتح: قرأت في كتاب الصحابة لابن السكن قال: حدثني هارون بن عيسى حدثنا الصاغاني هو محمد بن إسحاق أحد شيوخ مسلم حدثنا يحيى بن صالح حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت عكرمة فقال: قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة: سألت الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عرج أو كسر أو حبس فليجزئ مثلها وهو في حل». قال: فحدثت به أبا هريرة فقال: صدق، وحدثته ابن عباس فقال: قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق ونحر هديه وجامع نساءه حتى اعتمر عامًا قابلًا.
ثم قال الحافظ: أخرجه أصحاب السنن وابن خزيمة والدارقطني والحاكم من طرق عن الحجاج الصواف عن يحيى عن عكرمة عن الحجاج به، وقال في آخره: قال عكرمة: فسألت أبا هريرة وابن عباس فقالا: صدق. ووقع في رواية يحيى القطان وغيره في سياقه: سمعت الحجاج. وأخرجه أبو داود والترمذي من طريق معمر عن يحيى عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج، قال الترمذي: وتابع معمرًا على زيادة عبد الله بن رافع معاوية بن سلام. وسمعت محمدًا يعني البخاري يقول: رواية معمر ومعاوية أصح. انتهى، وأشار الحافظ إلى أن هذا الحديث ليس بعيدًا من الصحة فإنه إن كان عكرمة سمعه من الحجاج بن عمرو فذاك وإلا فالواسطة بينهما وهو عبد الله بن رافع ثقة وإن كان البخاري لم يخرج له. اهـ.
وقد تقدم في بحث الحديث الأول من أحاديث هذا الباب ما ذكره البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما من قوله: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع. وما رواه ابن المنذر وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: من أحرم بحج أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه، فعليه ذبح ما استيسر من الهدي فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها، وإن كانت حجة بعد الفريضة فلا قضاء عليه، وعلى هذا يحمل قوله في حديث الباب: وعليه الحج من قابل. أي إن كانت الحجة التي حبس عنها هي حجة الإسلام، والله أعلم.
هذا وفي النسخ الهندية من بلوغ المرام بعد نهاية حديث عكرمة عن الحجاج ما يلي:
قال مصنفه: آخر الجزء الأول وهو النصف من هذا الكتاب المبارك وكان الفراغ منه في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وهو آخر ربع العبادات. يتلوه في الجزء الثاني كتاب البيوع.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا. غفر الله لكاتبه ولوالديه ولكل المسلمين وحسبنا الله ونعم الوكيل. اهـ.