من كتاب العزلة للحافظ أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي -2
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
العزلة...معينة لمن أراد نظراً في علم, أو إثارة الدفين رأي, أو استنباطاً لحكمة.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
طرفه:
قال أبو السعدى الحارثي: أتيت عوانة بعد ما كف بصره, فسلمت عليه, ثم قلت: إن الله سبحانه وتعالى و تعالى لم يسلب عبداً شيئاً إلا عوضه مكانه شيئاً هو خير منه, فما الذي عوضك من بصرك ؟ قال: الطويل العريض يا بغيض. فقلت: ما هو؟ قال: أن لا أراك, ولا يقع بصري عليك.
الناس فيهم شبه بالبهائم في الطباع:
قال سفيان بن عيينة: ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من شبه البهائم, فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد, ومنهم من يعدو عدو الذئب, ومنهم من ينبح نباح الكلب, ومنهم من يتطوس كفعل الطاووس, ومنهم من يشبه الخنازير التي لو ألقي لها الطعام الطيب عافته, فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه, فكذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ إلا واحدة منها, وإن أخطأ رجل عن نفسه, أو حكى خطأ غيره ترواه وحفظه.
تفاوت الناس في الطباع والأخلاق:
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ( « إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, منهم الأحمر. والأسود والأبيض, والسهل والحزن, وبين ذلك الخبيث والطيب» ) بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا القول أن الناس أصناف وطبقات, وأنهم تفاوت في الطباع والأخلاق, فمنهم: الخير الفاضل الذي ينتفع بصحبته, ومنهم: الرديء الناقص الذي يتضرر بقربه, وعشيرته, كما أن الأرض مختلفة الأجزاء, والتراب, فمنها العذاة الطيبة, التي يطيب نباتها ويزكو ريعها, ومنها: السباخ الخبيثة, التي يضيع بزرها ويبيد زرعها وما بين ذلك على حسب ما يوجد منها, ويشاهد عياناً
رضا الناس غاية لا تدرك:
قال بعضهم: " إن من الناس من يولع بالخلاف أبداً, حتى أنه يرى أن أفضل الأمور أن لا يوافق أحداً ولا يجامعه على رأي ولا يواتيه على محبة, ومن كان في هذا عادته فإنه لا يبصر الحق ولا ينصره, ولا يعتقد ديناً ومذهباً, إنما يتعصب لرأيه وينتقم لنفسه ويسعى في مرضاتها, حتى إنك لو رمت أن ترضاه, وتوخيت أن توافقه الرأي الذي يدعوك إليه تعمد لخلافك فيه, ولم يرض به, حتى ينتقل إلى نقيض قوله الأول, فإن عدت في ذلك إلى موافقته عاد فيه إلى خلافك."
فمن كان بهذه الحال فعليك بمباعدته والنفار عن قربه, فإن رضاه غاية لا تدرك, ومدى شأوه لا يلحق. قال الزجاج: كنا عند المبرد فوقف عليه رجل فقال: أسألك عن مسألة من النحو ؟ قال: لا, فقال: أخطأت. فقال: يا هذا كيف أكون مخطئاً أو مصيباً ولم أجبك عن المسألة بعد. فأقبل عليه أصحابه يعنفونه, فقال لهم: خلوا عنه, ولا تعرضوا له أنا أخبركم بقصته هذا رجل يحب الخلاف, وقد خرج من بيته وقصدني على أن يخالفني في كل شيء أقوله, ويخطئني فيه, فسبق لسانه بما كان في ضميره.
فوائد مختصرة متنوعة:
** كل عاص مستوحش, وكل مطيع مستأنس.
فإن كنت قد أوحشتك الذنوب فدعها إذا شئت واستأنـــــــــــــس
** لا تكن ضحاكاً من غير عجب, و لا مشاء إلى غير أرب.
** عن الناشئ قال: الاستكثار من الإخوان وسيلة الهجران.
يريد أنهم إذا كثروا كثرت حقوقهم فلم يسعهم برّك, فإذا تأخرت عنهم حقوقهم استبطؤوك فهجروك وعادوك.
** لا تشر على معجب برأيه فإنه لا يقبل.
** إذا تقاربت القلوب لم يضر تباعد الأجسام.
** البساط لا يضيق على متحابين, والدنيا لا تتسع للمتباغضين.
** من اشتعل بما لا يعنيه, ومن لم يستغن بما يكفيه, فليس في الدنيا شيء يغنيه.
** أذكر أخاك إذا توارى عنك بما تحب أن يذكرك به إذا تواريت عنه.
** عداوة الحليم أقل ضرراً عليك من مودة الجاهل.
** في العزلة السلامة من صحبة الثقيل ومؤنة النظر إليه فإن ذلك هو العمى الأصغر
** العزلة...معينة لمن أراد نظراً في علم, أو إثارة الدفين رأي, أو استنباطاً لحكمة.
** قال عمر بن عبدالعزيز لمحمد بن كعب القرظي: أي خصال الرجال أوضع له ؟ قال: كثرة كلامه, وإفشاؤه سره, والثقة بكل أحد.
** قال أحمد بن حنبل: الغوغاء أهل البدع.
** إذ صحت المودة سقط التكلف.
** الواجب على العاقل أن لا يغتر بكلام العوام وثنائهم, وأن لا يثق بعهودهم وإخائهم, فإنهم يقبلون مع الطمع, ويدبرون مع الغنى, ويطيرون مع كل ناعق.
** قال لقمان لابنه: يا بني, لا تكن حلواً فتبلع, ولا مراً فتلفظ.
** قال أبو حنيفة رحمه الله: من طلب الرياسة بالعلم قبل أوانه لم يزل في ذل ما بقي.
** لو صلحت منا الضمائر وصفت السرائر, لوقعت النصيحة موقعها.
** على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه, ممسكاً للسانه, مقبلاً على شأنه.
** الله يصلحنا ويصلح أئمتنا, فإن فسادهم بذنوبنا
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ