أثر الرقابة الداخلية والخارجية في صلاح البشرية

الإحسان هو أعلى مراتب الدين، والإحسان هو مراقبة الله في السر والعلن؛ أي أن نعبد الله كأننا نراه، قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[1].

  • التصنيفات: تزكية النفس -

الإحسان هو أعلى مراتب الدين، والإحسان هو مراقبة الله في السر والعلن؛ أي أن نعبد الله كأننا نراه، فقد ورد في صحيح مسلم عن عمر ابن الخطاب في حديث جبريل الطويل وفيه: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»[1].

 

عباد الله، الرقابة في علم الإدارة تنقسم إلى قسمين:

1- رقابة داخلية (الضمير).

 

2- رقابة خارجية (من البيئة الخارجية)، ولذلك صممت أنظمة الرقابة من بشر وأدوات وكمرات معلنة وسرية، وخلايا ضوئية وتتبُّع، والحساسات المتعددة للرقابة على الإنتاج ومراقبة الطرقات والمحلات التجارية، والأسواق والمنازل، وأنظمة التتبُّع للمركبات وغيرها.

 

والعلماء في العلوم الإنسانية يفضِّلون تعميق وغرس الرقابة الداخلية في الموظف.

 

والرقابة الذاتية الداخلية أقل تكلفة، وتحقِّق أعلى نتائج في جميع العمليات.

 

عباد الله، إن تربية النفس والأولاد والزوجات والمجتمع كله على الرقابة الداخلية له فوائد كبيرة، لا سيما في هذا الزمن الذي كثُرت فيه الفتن وكثُر فيه المربون، ووصل فيه دعاة الشر والضلال إلى كل إنسان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وإن من أعظم الفوائد لتنمية الرقابة الذاتية ما يلي:

• أفراد الله بالعبادة وتوحيده وتحقيق ما خلقنا من أجله، وهو عبادة الله؛ قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

 

• تحقيق الأمن والأمان في الدنيا والآخرة؛ قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].

 

• أداء الاعمال بأمانة وضمير على أفضل وجه ممكن.

 

• تحقيق الجودة في العمل.

 

• تقليل التكاليف التي تبذل في الرقابة الخارجية سواء على البشر أو التجهيزات.

 

• التقليل من قوانين العقوبات وتكاليف تصميمها وتنفيذها ومتابعتها.

 

• انتشار الثقة أثناء التعامل مع الناس.

 

• ارتفاع درجة الترابط ونمو العلاقات الاجتماعية، وتقليل نسب الطلاق والمشاكل الأسرية والخلافات المجتمعية.

 

• الحد من انتشار المعاصي والمنكرات والمخالفات والسرقات، والرشوة والفساد الإداري والمالي والقِيَمي.

 

• نصرة الإسلام والمسلمين.

 

• إظهار عظمة هذا الدين للمسلمين؛ ليزدادوا تمسكًا به، وإظهاره لغير المسلمين ليدخلوا فيه أفرادًا وجماعات.

 

• كسب محبة الله للناس؛ قال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

 

بارَك اللهَ لي ولكم وللمسلمين في القرآنِ العظيمِ، ونفعَنا بهديِ سيدِ المرسلين وأستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

عباد الله، يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس: 61].

 

عباد الله، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، وقد جعله الله لصلاح البشرية في دينهم ودنياهم وآخرتهم، وقد اهتم الإسلام اهتمامًا كبيرًا بتنمية الرقابة الذاتية الداخلية، والرقابة الداخلية تتحقق عند الإنسانِ المسلمِ من خلال ما يلي:

• الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والعمل بمقتضاها.

 

 

• توحيد الله بأسمائه وصفاته، واليقين التام أن الله هو الرقيب السميع العليم البصير عالم الغيب والشهادة قال الله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس: 61].

 

• العلم بأن الله جعل ملكين وهما الرقيب والعتيد، وكلَّفهما يكتبان الحسنات والسيئات؛ قال الله تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18][2].

 

• الإيمان التام أن الأرض التي نعيش عليها تراقبنا، وأنها سوف تتحدث بما يجري عليها يوم القيامة؛ قال الله تعالى:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 1 - 8].

 

 

• العلم والإيمان التام أن جلودنا وأبصارنا وأسماعنا سوف تشهد علينا يوم القيامة؛ قال الله تعالى:{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت: 20].

 

• نشر القيم الإسلامية بكل وسيلة مُمكنة، ومن أهمها قيمة الحياء والأمانة والصدق والمصداقية، ورجاء ما عند الله من الثواب والخوف من عقابه.

 

• إخلاص جميع الأقوال والأفعال والنيات لله.

 

• تنمية محبة الله ورسوله في القلوب.

 

• تنمية تقدير الله حقَّ قدرة وتعظيمه؛ لأن غالب غياب الرقابة الذاتية الداخلية من عدم القدر لله؛ قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67].

_________________________________
الكاتب: لاحق محمد أحمد لاحق